الثورة – محمود ديبو:
رغم أن التداوي بمنتجات الطبيعة، كان له الأسبقية لجهة اعتماد الإنسان عليه عبر التاريخ لمعالجة الأمراض والاعتلالات التي كان يتعرض لها قبل أن تتطور العلوم الصيدلانية، ويمكن الوصول إليه إلى مرحلة صناعة الأدوية التي تتكون من مركبات كيميائية، إلا أن التسمية الاصطلاحية التي بات يعرف بها اليوم هو “الطب البديل” أو “الطب التكميلي”، أي أنه أصبح هو البديل فيما التداوي بالمركبات الصيدلانية المصنعة هو “الطب الأصيل”.
العودة إلى التداوي
ومهما يكن فإننا اليوم، ورغم التطور العلمي الكبير الذي تشهده صناعة الأدوية والطب بشكل عام، إلا أن دعوات ملحة لم تتوقف عن ضرورة العودة إلى التداوي بمنتجات الطبيعة من أعشاب طبيعية وحتى منتجات زراعية مختلفة من خضار وفواكه وبقوليات وغيرها، وصولاً إلى العسل ومختلف منتجات خلية النحل من عكبر والغذاء الملكي وحبوب اللقاح وصولاً اليوم إلى مادة سم النحل.
سم النحل
وفي هذا يقول رئيس الرابطة السورية لطب وتربية النحل الدكتور عصام عودة في حديثه لـ “الثورة”: إن العلاج بسم النحل يعتمد على منهج علمي حقيقي، لا كما يحاول البعض إظهاره كأنه “طب شعبي” وهو خطوة متقدمة في علاج بعض الأمراض، والمفارقة هنا أن هذا النوع غير منتشر في سوريا بالشكل المطلوب، في حين نجد أن العديد من دول العالم لديها مراكز علاجية ومشاف، وحتى مراكز أبحاث علمية متخصصة بسم النحل.
ويوضح الدكتور عودة إن “سم النحل” ليس سماً بمعنى الكلمة، وهو المادة التي تخرج من بطن النحلة أثناء قيامها بعملية اللسع بالإبرة التي في أسفل بطنها، واللافت هنا أن هذه المادة تتميز بتركيبها الكيميائي الفريد من نوعه وغناه بالبروتينات والببتيبات، وقد كشفت الأبحاث العلمية وجود نحو 125 مركباً كيميائياً في هذه المادة تبين أن عشر منها فيها فوائد علاجية لبعض الأمراض منها التهابات الأعصاب، ومشكلات السمع والبصر ذات المنشأ العصبي، والتصلب اللويحي، والروماتيزم، وبعض حالات فتق النواة اللبية والصرع، منها (الفوسفولاي بيز أي تو، والهيالونيريبز، والمليتين، والأبامين، ولأدولابين، وغيرها).
ضم الضوابط
وأشار إلى أنه رغم الأمان الكبير للعلاج بسم النحل وفاعليته الشديدة، إلا أنه لا بد أن يكون ضمن ضوابط، فكثير من الناس يعتقدون أنهم قادرون على الحصول على هذا العلاج بتعريض أنفسهم للسعات النحل بشكل غير مضبوط، والأمر يحتاج إلى تدريب وتأهيل بالنظر إلى أن سم النحل قد يؤدي إلى أعراض خطيرة عند بعض الأشخاص الذين لديهم حساسية من بعض مركبات سم النحل، وهو بذلك شأنه شأن باقي الأدوية والمركبات الصيدلانية.
تكاليف العلاج منخفضة
من جهة ثانية يؤكد الدكتور عودة إن تكاليف العلاج بسم النحل منخفضة ولا تقارن مع تكاليف العلاج التقليدي، إلا أنه حتى الآن لا يوجد مؤشرات على اتساع هذا النوع من العلاج في سوريا، ويعود السبب في ذلك إلى عدم وجود اعتراف رسمي به، كما أنه لا يوجد عدد من المتخصصين يمارسون هذا النوع من العلاج، والمطلوب لانتشاره زيادة عدد المتخصصين المتدربين والمؤهلين، وافتتاح مراكز علاجية في مختلف المدن والمحافظات، أو أن يكون هناك مركز عالي المستوى من التجهيز، كما هو الحال في بعض الدول والتي لديها مصحات أو مستوصفات تقدم هذا النوع من العلاج.
نشر الدراسات
ولتعزيز الثقة بهذا النوع من العلاج قال الدكتور عودة: نجد أن هذا يتوقف على الأشخاص الذين انتفعوا به بأن يتحدثوا عن تجربتهم في أوساطهم الاجتماعية، والعمل على نشر الدراسات والأبحاث العلمية المنجزة، وقد تم مؤخراً توثيق خمس مشاريع تخرج لطلاب الصيدلة بدمشق ومشروع ماجستير بكلية الزراعة، وقد حظي ذلك بقبول علمي جيد، ومن الأمور المحفزة على تعزيز الثقة بهذا النوع من العلاج هو عدم المبالغة بعرض حالات الشفاء التي يلجأ إليها البعض من الهواة والمستعرضين على بعض مواقع التواصل الاجتماعي.