الثورة – نيفين أحمد :
في حديث شامل إلى قناة الإخبارية السورية وضع الرئيس أحمد الشرع ملامح واضحة للمرحلة المقبلة مؤكداً أن مشروع إعادة الإعمار ليس مجرد شعار سياسي أو إنشائي بل منهج عمل متكامل يقوم على الأولويات والواقعية ويرتكز إلى انفتاح اقتصادي مدروس وعلاقات خارجية متوازنة.
إعمار وتنمية بقدرات وطنية وانفتاح استثماري
الرئيس الشرع كشف أن سوريا استقبلت خلال الأشهر التسعة الماضية ما يقارب 1150 خط إنتاج جديد، إضافة إلى إعادة تشغيل عشرات المعامل المتوقفة وهو ما يبرهن أن عجلة الاقتصاد بدأت تدور من جديد.
وأشار إلى أن صندوق التنمية يمثل أداة استراتيجية لإعادة بناء القرى والبلدات المتضررة ومعالجة أوضاع المخيمات والنازحين بشكل مباشر مؤكداً أن العمل يجري بما هو متاح دون تبني “لغة تعجيزية”.
كما شدد على أن البديل عن القروض المشروطة سياسياً هو الاستثمار موضحاً أن انفتاح سوريا على الشركاء الخارجيين لا يوفر فقط فرص عمل داخلية بل يفتح أيضاً أسواقاً جديدة أمام المنتجات السورية وأكد أن التجارب الإقليمية ستوظف بما يتناسب مع خصوصية الواقع المحلي بما يجعل من حركة المال والاستثمار رافعة لكل القطاعات.
موقع استراتيجي يعيد رسم معادلات التجارة
وفي البعد الجيوسياسي لفت الرئيس الشرع إلى أن سوريا تشكل معبراً حيوياً للتجارة البرية بين الشرق والغرب، إضافة إلى امتلاكها شبكة إنترنت تمتد لآلاف الكيلومترات قادرة على ربط القارات. وأوضح أن العالم يواجه اليوم تحديين أساسيين يتمثلان في أمن سلاسل التوريد وإمدادات الطاقة وكلاهما متوفر في سوريا ما يمنحها موقعاً محورياً في الاقتصاد العالمي.
سياسة خارجية متوازنة… ورسائل أمنية واضحة
و أكد الرئيس الشرع أن أي سلطة في العالم تقوم على ركيزتين أساسيتين هما حماية الناس ورعاية شؤونهم المعيشية وهو ما اعتمدته سوريا منذ اللحظة الأولى وأوضح أن دمشق لا تريد علاقات متوترة مع أي دولة وأن الكرة تبقى في ملعب الأطراف التي تختار إثارة القلاقل.
كما شدد على أن سوريا استطاعت خلال فترة وجيزة أن تعيد بناء شبكة واسعة من علاقاتها الدولية والإقليمية، معبّراً عن التقدير الكبير للعلاقة الاستراتيجية مع روسيا باعتبارها دولة كبرى وعضواً دائماً في مجلس الأمن.
الملف الإسرائيلي… التزام بالاتفاقات وبحث عن استقرار
وكشف الرئيس الشرع أن دمشق التزمت منذ اللحظة الأولى باتفاق 1974 لفض الاشتباك وراسلت الأمم المتحدة مطالبة بعودة قوات الأندوف إلى مواقعها السابقة مشيراً إلى أن مفاوضات جارية لبحث اتفاق أمني جديد أو مشابه لذلك الاتفاق.
وأوضح أن بعض السياسات الإسرائيلية عكست انزعاجاً من سقوط النظام السابق بعد أن كانت تراهن على تحويل سوريا إلى ساحة صراع إقليمي وميدان لتصفية الحسابات، لافتاً إلى أن القصف الإسرائيلي لبعض المواقع المدنية والعسكرية جاء كتعويض عن إخفاقات استخباراتية وأمنية ومع ذلك شدد الرئيس الشرع على أن سوريا لا تسعى للتوتر بل للهدوء التام خدمة لمصالح شعبها واستقرار المنطقة بأسرها.
رؤية متكاملة لمرحلة جديدة
من خلال حديثه رسم الرئيس الشرع خريطة طريق تقوم على إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية والانفتاح الاستثماري الخارجي والسياسة المتوازنة في العلاقات الدولية مع السعي إلى معالجات أمنية مستقرة في محيط إقليمي معقد وهي مقاربة تعكس إرادة الدولة في الانتقال من مرحلة الحرب والاضطرابات إلى مرحلة البناء والاستقرار والشراكة الدولية.
