الثورة- سناء عبد الرحمن:
يشهد القطاع المصرفي السوري العديد من التحديات، التي لا تقتصر فقط على الأوضاع الاقتصادية العامة، بل تشمل أيضاً كيفية استغلال البيانات المالية المتاحة بشكل آمن.
ففي عالم يتزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا، أصبح التحليل الإحصائي للبيانات الضخمة أحد الأدوات الأساسية لضمان استقرار النظام المصرفي، فالبنوك السورية تمتلك كمية ضخمة من البيانات المتعلقة بالحسابات، المدفوعات، القروض، الشيكات المرتجعة، شكاوى العملاء، إلى جانب بيانات السوق والاقتصاد الكلي، إلا أن الاستفادة الحقيقية منها تحتاج إلى تقنيات متقدمة لتحليلها وتفسيرها.

غير مستغلة
في هذا السياق، يؤكد الباحث والمحاضر في الإحصاء والاقتصاد القياسي، الدكتور خضر العكاري في تصريح خاص لصحيفة الثورة، على أهمية استخدام الأدوات الإحصائية الحديثة في تعزيز استقرار القطاع المصرفي السوري.
وبين أن البنوك السورية تمتلك كنزاً من البيانات غير مستغلة، ومن خلال استخدام التحليل الإحصائي المتقدم، يمكن لهذه البيانات أن تتحول إلى أداة استراتيجية، تدعم القرارات المالية وتحد من المخاطر، لافتاً إلى أن استقرار النظام المصرفي، لا يمكن أن يعتمد فقط على الشعارات أو التصريحات، بل يجب أن يتم عبر أدوات علمية مدروسة، أهمها التحليل الإحصائي للبيانات.
أداة حاسمة
وأضاف العكاري: إن البيانات المالية، إذا تم جمعها وتنظيمها بشكل منهجي وآمن، يمكن أن تكون مؤشراً دقيقاً لقياس الأداء المالي للبنوك، ومن خلال التحليل الإحصائي، يتم تحويل هذه البيانات إلى مؤشرات حيوية، تساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية في الوقت المناسب.
هذا الأمر يعزز قدرة البنوك على تحديد المخاطر المحتملة ومواجهتها بشكل استباقي، ما يساهم في تحسين قدرتها على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية.
مراقبة سلوك البنوك
وأشار د. العكاري إلى أن التجارب الدولية أظهرت أهمية استخدام أدوات تكنولوجية متقدمة، مثل “SupTech” (التكنولوجيا التنظيمية) التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
هذه الأدوات تمكن هيئات الإشراف من مراقبة سلوك البنوك بشكل دقيق، وتحد من المخاطر من خلال التحليلات المؤتمتة، فمن خلال هذه التقنيات، يمكن التنبؤ بالمخاطر، مثل ضغوط السيولة أو تعثر البنوك الصغيرة قبل أن تتحول إلى أزمة.
المخاطر المرتبطة بالتكنولوجيا
ورغم الفوائد الكبيرة التي تقدمها هذه الأدوات، إلا أن العكاري أشار إلى أن هناك تحديات يجب معالجتها، ولا بد من وضع إطار حوكمة صارمة عند تطبيق الذكاء الاصطناعي في البنوك، من أجل تجنب مخاطر مثل “سلوك القطيع”، حيث قد تتبع البنوك كلها النماذج نفسها من دون مراعاة ظروفها الخاصة.
وأكد على ضرورة أن تواكب هذه التحولات الرقمية رقابة دقيقة وحوكمة محكمة، لضمان أن تبقى النماذج المستخدمة شفافة وقابلة للتدقيق.
الحوكمة وضرورة الشفافية
د. العكاري شدد على أهمية وضع إطار حوكمة قوي، يضمن إدارة فعالة لمخاطر النماذج التكنولوجية، بحيث يتم التأكد من أن استخدام هذه الأدوات لا يؤثر سلباً على استقرار النظام المصرفي، مبيناً أن ضمان الشفافية في عملية تطبيق هذه الأدوات، سيساهم في تعزيز الثقة في القطاع المصرفي، ويسهم في الحفاظ على استقراره على المدى الطويل.
ختاماً
يمكننا القول: أصبح من الواضح أن التحليل الإحصائي للبيانات المالية باستخدام أدوات متقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يكون له دور كبير في تعزيز استقرار البنوك السورية، من خلال تطوير استراتيجيات تعتمد على البيانات المدروسة بعناية، يمكن للمصارف أن تضمن استقرارها المالي وتقلل من المخاطر المحتملة، ما يساهم في استدامة القطاع المصرفي في مواجهة التحديات المستقبلية.