من الدمار إلى الإعمار… القابون يستعيد نبضه بالشراكة والحوار

الثورة – ثورة زينية:

بين ما تبقى من حجارة الدمار وما يلوح في الأفق من مشاريع الإعمار يقف حي القابون اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، فالإرادة التي أبقت أبناءه متمسكين بحقهم في العودة، تشكل اليوم دافعاً لإعادة بناء المكان والإنسان معاً.

ومع الجهود الحكومية المتواصلة وتفاعل المجتمع المحلي، يبدو أن القابون يستعد فعلاً للعودة إلى الحياة، ليصبح من جديد رمزاً للنهضة العمرانية والاقتصادية في العاصمة، وشاهداً على إرادة السوريين في البناء بعد سنوات الحرب الطويلة.

رؤية لإحياء الأحياء المتضررة

يأتي الاهتمام الرسمي بحي القابون ضمن إطار برنامج “دمشق تستعد” الذي أطلقته محافظة دمشق لإعادة تأهيل الأحياء المتضررة من الحرب وفق رؤية تنظيمية حديثة تستند إلى معايير التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة في المدينة.

ويهدف البرنامج إلى تحويل المناطق التي دمرت خلال سنوات الحرب إلى مناطق عمرانية منظمة، تتمتع بخدمات متكاملة وبنية تحتية حديثة مع الحفاظ على الطابع التاريخي والاجتماعي لكل حي، ويمثل القابون في هذا السياق أحد الملفات الرئيسة في خطة الإعمار، إلى جانب مناطق أخرى مثل جوبر واليرموك وبرزة، لما له من دور اقتصادي واجتماعي كبير في تاريخ العاصمة وفي هذا الإطار محافظ دمشق ماهر مروان إدلبـي كان التقى مساء أمس عدداً من أهالي حي القابون، استمع خلاله إلى مقترحاتهم وملاحظاتهم حول خطة إعادة الإعمار والتنظيم العمراني التي تعدها المحافظة ضمن برنامج “دمشق تستعد”، الهادفة إلى إعادة الحياة إلى المناطق المتضررة من الحرب وتحسين واقعها الخدمي والعمراني، لافتاً إلى أن نجاح أي مشروع إعادة إعمار لا يتحقق إلا من خلال شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع وأن حي القابون يشكل نموذجاً لمناطق كانت يوماً رموزاً للحركة الصناعية والتجارية في دمشق، وإعادة الحياة إليها تمثل رسالة أمل وتجدد.

اللقاء بين الأهالي والمحافظة جاء ليؤكد على أهمية إشراك المجتمع المحلي في مراحل اتخاذ القرار العمراني، إذ شدد الحاضرون على ضرورة أن يكون لأبناء القابون دور فعال في تصميم وتنفيذ المشاريع، باعتبارهم الأقدر على فهم خصوصية المكان واحتياجاته، وعلى أهمية أن تراعي الخطة الجديدة خصوصية القابون من حيث النسيج الاجتماعي والتاريخي والحفاظ على هوية الحي التي تشكلت عبر عقود من العمل والإنتاج، إلى جانب ضرورة توفير بيئة عمرانية متطورة تسمح بعودة الأهالي إلى منازلهم واستقرارهم في أقرب وقت ممكن.

إعادة توازن عمراني واجتماعي واقتصادي

المحافظ إدلبـي نوه بأن ملاحظاتهم ومقترحاتهم تمثل جزءاً أساسياً من الرؤية الشاملة التي تتبناها المحافظة في إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن المحافظة تعمل على تعزيز التواصل مع الأهالي واللجان الفنية من أبناء المنطقة لضمان تنفيذ خطط واقعية تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي، مؤكداً أن التنسيق المستمر بين أبناء القابون ولجنة إعادة الإعمار سيكون كفيلاً بتسريع العمل وإنجاز المشروع وفق أعلى المعايير الهندسية والتنظيمية.

وأكد المحافظ خلال اللقاء أن التنظيم الجديد للحي لن يكون مجرد إعادة بناء، بل إعادة توازن عمراني واجتماعي واقتصادي، مضيفاً أن العمل سيبدأ أولاً بتأهيل البنية التحتية الأساسية من طرق وشبكات صرف وكهرباء ومياه، تمهيداً لعودة تدريجية للأهالي إلى بيوتهم وأراضيهم.

من حيوية صناعية إلى ذاكرة دمار

يعتبر حي القابون من أقدم أحياء دمشق الحديثة ويقع على المدخل الشمالي الشرقي للعاصمة، قبل اندلاع الثورة السورية كان القابون يعرف بكونه منطقة سكنية وصناعية نابضة بالحياة، تضم مئات الورش والمعامل الصغيرة، إضافة إلى مدارس ومراكز خدمية ومؤسسات اقتصادية جعلت منه مركزاً حيوياً يربط دمشق بريفها الشمالي.

وكان الحي يتميز بنسيجه الاجتماعي المتماسك، إلا أن سنوات الحرب التي عصفت بسوريا منذ عام 2011 غيرت ملامحه، تماماً إذ شهد الحي عمليات عنيفة من قبل الآلة العسكرية للنظام البائد، أدت إلى دمار كبير في الأبنية والبنية التحتية وتسببت في نزوح معظم سكانه الذين تجاوز عددهم قبل الحرب أكثر من 70 ألف نسمة.

ورغم عودة الاستقرار الأمني إلى المنطقة منذ عدة سنوات، ظل القابون واحداً من أكثر الملفات العمرانية حساسية وأهمية في دمشق، نظراً لحجم الأضرار التي لحقت به وللموقع الاستراتيجي الذي يشغله على محور المدينة الشمالي.

آخر الأخبار
هل يشهد سوق دمشق للأوراق المالية تحولاً جذرياً؟  لحظة تاريخية لإعادة بناء الوطن  وزير الاقتصاد يبحث مع نظيره العماني تعزيز التعاون المستشار الألماني يدعو لإعادة اللاجئين السوريين.. تحول في الخطاب أم مناورة انتخابية؟ صناعة النسيج تواجه الانكماش.. ارتفاع التكاليف والمصري منافس على الأرض القهوة وراء كل خبر.. لماذا يعتمد الصحفيون على الكافيين؟ إعادة التغذية الكهربائية لمحطة باب النيرب بحلب منظمة "يداً بيد" تدعم مستشفى إزرع بمستلزمات طبية إعادة الإعمار والرقابة وجهان لضرورة واحدة حملة لإزالة الإشغالات في أسواق الحميدية ومدحت باشا والبزورية محافظ درعا يبحث مع السفير الإيطالي الاحتياجات الخدمية والتنموية من الدمار إلى الإعمار... القابون يستعيد نبضه بالشراكة والحوار الموارد البشرية المؤهلة … مفتاح التغيير المؤسسي وإعادة البناء بدء مشروع تخطيط طريق حلب – غازي عنتاب كيف فرضت "البالة" نفسها على جيوب الحلبيين؟ سوريا تؤكد أمام اليونسكو التزامها بالتحديث التربوي الأمم المتحدة: بدء مرحلة ميدانية جديدة في سوريا للبحث عن المفقودين بعد سقوط النظام انتهاكات إسرائيلية ضد المدنيين وعمليات توغل هستيرية الشهر المنصرم صدام الحمود: زيارة الشرع لواشنطن تعيد سوريا إلى واجهة الاهتمام الدولي إسماعيل بركات: التعامل مع "قسد" وفق منهج بناء الدولة والعدالة الانتقالية