طفرة الذكاء الاصطناعي هل تنتهي ؟

الثورة – ترجمة ختام أحمد:

يشهد سوق الذكاء الاصطناعي انهياراً حاداً، والحسابات التي تدعم هذا الاستنتاج بسيطة للغاية.

تُنفق شركات التكنولوجيا الكبرى ما يزيد عن 400 مليار دولار في عام 2025 على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع إلى تريليوني دولار سنوياً بحلول عام 2030.

هذا على الرغم من أن التوقعات تُشير إلى أنه من غير المتوقع أن تُسدّ هذه الشركات الفجوة بين الإيرادات والنفقات في أي وقت قريب.

يروج وول ستريت لنفسه بأن هذه الفجوة ستضيق تدريجياً من خلال التبني المتواصل للتقنيات التحويلية.

ويفترض هذا التصور أن الشركات ستدمج الذكاء الاصطناعي تدريجياً، وأن الإنتاجية ستتحسن تدريجياً، وفي غضون بضع سنوات ستتضح الجدوى الاقتصادية.

لكن المشكلة تكمن في أن التبني المبكر للذكاء الاصطناعي أثبت عدم ربحيته ، ما يعني أن الأمر قد يستغرق سنوات أو أكثر قبل أن يثبت الذكاء الاصطناعي جدارته كاستثمار في الشركات الأميركية.

في الوقت نفسه، فإن كثافة رأس مال الذكاء الاصطناعي تجعل الصبر ترفاً لا يطيقه المستثمرون.

فعندما تُنفق مئات المليارات سنوياً على البنية التحتية، لا يمكنك ببساطة الانتظار سنواتٍ حتى يتم تبنيها عضوياً.

فتكاليف تشغيلها وحدها تتطلب تحقيق الربح السريع.

تزداد حجة اعتبار هذه فقاعة سوق أسهم عندما ندرك أن مايكروسوفت وأمازون وجوجل وميتا لا تنفق أموالها المدّخرة في حسابات التوفير.

يعتمد جزء كبير من هذا الاستثمار على التمويل الدائري ، وهو سمة مميزة لفقاعة الإنترنت التي تزيد بشكل كبير من احتمالية الفشل المالي المتتالي في حال ظهور أي ضعف في أي نقطة من السلسلة.

على الرغم من مقارنته كثيراً، إلا أن الفرق الرئيسي بين هذا السوق وسوق طفرة الاتصالات في أوائل الألفية الثانية يكمن في حجم وسرعة الإنفاق.

شهدت فقاعة الانترنت إنفاق شركات الاتصالات 121 مليار دولار سنوياً في ذروتها عام 2000.

أما مستويات الإنفاق على الذكاء الاصطناعي اليوم، فتقزم هذا الإنفاق، وهو مُركّز في إطار زمني أقصر.

علاوةً على ذلك، على عكس مدّ كابلات الألياف الضوئية، تتدهور البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بسرعة.

تصبح وحدات معالجة الرسومات قديمةً مع تزايد متطلبات الحوسبة للنماذج الجديدة، وتتطلب مراكز البيانات ترقياتٍ مستمرة. وتستمر أسعار الطاقة في الارتفاع.

إن العدّ التنازلي لحاجة شركات الذكاء الاصطناعي إلى ضخّ رأس مال كبير جديد لا يكاد يمرّ، بل يتسارع.

إن ديناميكيات المنافسة بين شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى تزيد الأمور سوءاً. لا يمكن لأي جهة كبرى أن تتحمل إبطاء الإنفاق، وإلا ستواجه خطر التقادم إذا حقق منافسها إنجازاً كبيراً.

لذا، تجد كلّ جهة نفسها عالقة في سباق تسلح، حيث يعني التباطؤ المخاطرة بكل شيء.لكي لا تتحول هذه إلى فقاعة سوق أسهم، يجب سد فجوة الإنفاق والإيرادات لشركات الذكاء الاصطناعي قريباً، ولكن كيف؟ السيناريو الواقعي الوحيد الذي يُمكن أن يحدث فيه هذا هو أن تُوظِّف شركات OpenAI وAnthropic وGoogle الذكاء الاصطناعي ليحل محلّ أجزاء كبيرة من الوظائف المكتبية.

هذا يعني أنهم سيحتاجون إلى الذكاء الاصطناعي لإلغاء عشرات الملايين من وظائف العاملين في مجال المعرفة لتحقيق هذه القيمة الاقتصادية لأنفسهم.

وإن المحللين المُشجِّعين لنجاح الذكاء الاصطناعي يُؤيِّدون فعلياً البطالة الجماعية في معظم مهن الطبقة المتوسطة.

إن المسار الوسطي المُتصوَّر – حيث يكون تبني الذكاء الاصطناعي تدريجياً، وينتقل العاملون بسلاسة بينما يحقق المستثمرون عوائد معقولة – هو محض خيال محاسبي، فالأرقام ببساطة لا تسمح بذلك.

عندما تنفق 400 مليار دولار سنوياً، فأنت لا تراهن على تقدم مُطرد، بل تُراهن على تحول تاريخي سريع.

سيناريو الفقاعة أكثر وضوحاً، إذا لم تُحقق التكنولوجيا النتائج المطلوبة بالسرعة الكافية، فسيتوقف نمو الإيرادات، وسيُدرك المستثمرون سريعاً أن الحسابات غير دقيقة.

حينها، ستنفجر الفقاعة، وسيتضرر المستثمرون بشدة.

تُعدّ عمليات التسريح الجماعي الأخيرة التي أجرتها شركة ميتا لفريق الذكاء الاصطناعي بمثابة إنذار مبكر، إذ تُشير إلى أن شركات الذكاء الاصطناعي ربما تُدرك أن الطفرة تقترب من نهايتها.

يقدم التاريخ لمحة قاتمة عما هو آت، فقد أدى انهيار قطاع الاتصالات بين عامي 2000 و2002 إلى خسارة مئات المليارات من قيمته السوقية، حيث انهارت الشركات تحت وطأة إنفاقها الرأسمالي.

وسيكون انهيار قطاع الذكاء الاصطناعي أكبر بكثير،فقد تم توظيف المزيد من رأس المال، وانخرطت المزيد من الشركات، واستفادت حصة أكبر من السوق من هذه القصة، ولن يقتصر تأثير هذه العدوى على أسهم التكنولوجيا، فقد أصبح الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي الآن مكوناً كبيراً من نمو الناتج المحلي الإجمالي، لدرجة أن انهياره سيمتد إلى الاقتصاد الأوسع، مغرقاً إيانا في ركود اقتصادي.

المصدر-Newsweek

آخر الأخبار
من الدمار إلى الإعمار... القابون يستعيد نبضه بالشراكة والحوار الموارد البشرية المؤهلة … مفتاح التغيير المؤسسي وإعادة البناء بدء مشروع تخطيط طريق حلب – غازي عنتاب كيف فرضت "البالة" نفسها على جيوب الحلبيين؟ سوريا تؤكد أمام اليونسكو التزامها بالتحديث التربوي الأمم المتحدة: بدء مرحلة ميدانية جديدة في سوريا للبحث عن المفقودين بعد سقوط النظام انتهاكات إسرائيلية ضد المدنيين وعمليات توغل هستيرية الشهر المنصرم صدام الحمود: زيارة الشرع لواشنطن تعيد سوريا إلى واجهة الاهتمام الدولي إسماعيل بركات: التعامل مع "قسد" وفق منهج بناء الدولة والعدالة الانتقالية قراءة قانونية في الاستنابة القضائية الفرنسية لملاحقة ضباط النظام البائد في لبنان عاصم أبو حجيلة: زيارة الشرع إلى واشنطن بداية لتغيير استراتيجي بالعلاقات الثنائية وزير إعلام أردني أسبق لـ الثورة: مسار العلاقات السورية-الأميركية يسير بخطوات ثابتة بين القرار والصدى ..المواطن يشد أحزمة التقشف الكهربائي الاستثمارات السعودية في سوريا.. بين فرص التعافي وتحديات العقوبات المركزي قدم أدواته .. لكن هل نجحت بضبط سعر الصرف؟ من الإصلاح الداخلي إلى الاندماج الدولي... مسار مصرفي جديد متدربو مدارس السياقة بانتظار الرخصة انضمام سوريا المرتقب إلى التحالف ضد "داعش".. مكاسب سياسية وأمنية الدفاع المدني يُخمد حريقاً كبيراً في الدانا ويحمي المدنيين من الخطر عودة الدبلوماسيين المنشقين.. مبادرة وطنية تساهم بإعادة بناء الوطن