الثورة – نيفين أحمد:
تعتبر زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة الأميركية للقاء نظيره الرئيس الأميركي دونالد ترامب حدثاً محورياً يحمل في طياته إمكانية إحداث تحولات عميقة على صعيد المشهد السياسي السوري الداخلي والعلاقات الإقليمية والدولية.
وتكتسب هذه الزيارة أهميتها الاستثنائية من كونها قد تمثل نقطة انطلاق لتغيير استراتيجي في مسار العلاقات السورية-الأميركية بعد فترة انقطاع طويلة، وقد تسهم في إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية ومراجعة نظام العقوبات وإعادة تعريف مناطق النفوذ في المنطقة.
في هذا السياق، أشار الباحث والأستاذ في كلية العلوم السياسية عاصم أبو حجيلة في تصريح عبر الهاتف “للثورة” إلى أن هذه الزيارة تأتي في أعقاب سنوات من العزلة الدولية التي فُرضت على سوريا، مشدداً على أن المفاوضات المرتقبة حول رفع العقوبات أو تيسير وصول المساعدات الإنسانية تحمل أهمية قصوى، حيث أن نتائجها ستنعكس بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي المتردي في سوريا والذي تسبب في معاناة إنسانية واسعة النطاق بين السكان.
وأضاف الباحث أبو حجيلة أن نجاح هذه الزيارة قد يساهم في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني واستعادة جزء من الدعم الغربي، الأمر الذي يُنظر إليه كطوق نجاة لإنقاذ ما تبقى من نسيج اجتماعي واقتصادي استنزفته سنوات الصراع، وما وصفه بـ “النظام الفاسد ما قبل التحرير” والمصالح المتنازعة.
وفي سياق التحليل الإقليمي، أشار الباحث أبو حجيلة إلى أن هذه الزيارة قد تمهد لتغيير محتمل في الاستراتيجيات الإقليمية للتعامل مع القضايا المصيرية، لاسيما فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل.
ورأى أن الهدف قد يكون التوصل إلى اتفاق أمني شامل يخص مرتفعات الجولان، والعودة إلى خطوط عام 1974.
وأضاف الباحث أن الزيارة تأتي لتدعم الموقف السوري الرسمي بشأن أحقية الدولة في استعادة كامل أراضيها المحتلة، ما يضع ملف الجولان في صدارة الأجندة الدبلوماسية بين دمشق وواشنطن.
وبالنسبة لملف العقوبات، أوضح الباحث أبو حجيلة أن زيارة الرئيس الشرع إلى الولايات المتحدة تهدف بشكل أساسي إلى بحث إمكانية تخفيف أو رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مؤكداً أن هذه العقوبات وخاصة تلك التي فرضتها الولايات المتحدة وشملت قطاعات اقتصادية حيوية قد تسببت في أزمات معيشية خانقة استهدفت المواطن السوري بشكل مباشر.
وأضاف أن الولايات المتحدة كانت قد اشترطت في السابق إحراز تقدم ملموس في العملية السياسية مثل إجراء إصلاحات سياسية أو تقديم تعهدات واضحة بشأن حقوق الإنسان كشرط لرفع هذه العقوبات ما يجعل هذا الملف نقطة تفاوض رئيسية وحساسة.
وفيما يخص العلاقة الثنائية، أشار أبو حجيلة إلى أن أجندة الزيارة قد تتضمن بحث التعاون الأمني المشترك بين واشنطن ودمشق لمكافحة الجماعات الإرهابية والتأكيد على أن الأراضي السورية لن تكون منطلقاً أو قاعدة للإرهابيين. كما لفت إلى أن الزيارة تهدف إلى تحسين العلاقة الدبلوماسية والتجارية مع الولايات المتحدة الأميركية مضيفاً أن من القضايا الهامة المطروحة هي ضبط تجارة المخدرات العابرة للحدود.
وحذر أبو حجيلة من أن هذا التقارب بين دمشق وواشنطن قد يثير قلقاً في بعض العواصم الإقليمية، ما قد يدفع دولاً أخرى إلى مراجعة سياساتها تجاه سوريا.
واختتم أبو حجيلة بالإشارة إلى أن المحادثات قد تتضمن أيضاً آفاقاً للتعاون العسكري أو الاقتصادي المستقبلي.