“إسرائيل”.. من أزمات الداخل إلى سياسة الهروب نحو الجبهات الخارجية

الثورة- علي إسماعيل:

يواصل الاحتلال الإسرائيلي تصعيده العسكري على جبهات متعددة، من الجنوب اللبناني إلى الضفة وتخوم غزة وداخل الأراضي السورية، بالرغم من أن جبهته الداخلية أكثر هشاشة مما تُظهره الدعاية الإعلامية للحكومة والجيش.

فالأزمات الأمنية والسياسية التي يعيشها الاحتلال، تشكل تصدعاً داخلياً متزايداً، يهدد بتقويض مؤسسات “إسرائيل” وصورتها ككيان مستقر، الأمر الذي يدفع بحكومة نتنياهو المتطرفة للهروب إلى الخارج، من خلال إشعال الحروب والتوترات هنا أوهناك.

أحدثُ فصول هذا الاضطراب تمثل في قضية المدعية العسكرية العامة يفعات تومر يروشالمي، التي أُقيلت من منصبها بعد اتهامها بتسريب مقطع فيديو يوثّق تعذيب أسير فلسطيني في معتقل “سدي تيمان” في النقب، وهو ما أثار صدمة داخلية ودولية، كشف ما اعتبرته منظمات حقوقية “ثقافة الإفلات من العقاب” داخل الجيش الإسرائيلي.

الدراما لم تتوقف عند الإقالة؛ إذ أعلنت القناة 12 الإسرائيلية اختفاء يروشالمي لساعات قبل أن تؤكد الشرطة العثور عليها “بحالة جيدة”، وسط تسريبات عن رسالة تركتها توحي بنية الانتحار.

هذه الحادثة، وإن انتهت دون مأساة، سلّطت الضوء على عمق الاضطراب في الجهاز العسكري والقضائي الإسرائيلي، وأظهرت تآكل الثقة بين القيادات والضباط بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

كل ذلك تزامن مع اشتداد الجدل السياسي حول تعيين يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء، في منصب بارز داخل المنظمة الصهيونية العالمية، في خطوة اعتبرها خصوم الليكود محاولة لتكريس “الوراثة السياسية”، وتحويل ما أسموها “المؤسسات القومية” إلى أدوات حزبية.

وبحسب موقع واينت الإسرائيلي، فإن حزب الليكود رفع دعوى قضائية لوقف التصويت في المنظمة، متهماً خصومه في اليمين واليسار بعقد “اتفاق أحادي” يُعمّق الانقسام داخل الحركة الصهيونية.

انقسام سياسي

وبحسب آر تي الروسية فإن هذه التطورات ليست معزولة عن المشهد السياسي الأوسع، إذ يواجه نتنياهو ضغوطاً متصاعدة من داخل ائتلافه اليميني ومن المعارضة، على حد سواء، فحكومته، التي تتأرجح بين صقور الأمن والمتشددين الدينيين، باتت رهينة التوازنات الحزبية أكثر من كونها سلطة تنفيذية موحدة.

الانقسام حول ملفات داخلية كالإصلاح القضائي، وقضايا الفساد، وحقوق المتدينين في الجيش، ينعكس مباشرة على الأداء الميداني وعلى وحدة القرار الأمني.

ويرى محللون إسرائيليون أن “القيادة العسكرية باتت تعمل تحت ضغط سياسي غير مسبوق”، إذ تفرض الحسابات الانتخابية على نتنياهو سياسة خارجية عدوانية لتخفيف الضغط الداخلي.

وفي هذا السياق، يتعامل مراقبون مع التوغلات الإسرائيلية في سوريا، والضربات المتكررة في لبنان، واقتحامات الضفة الغربية، بوصفها ترجمة عملية لسياسة “الهروب إلى الخارج” التي باتت سمة للنهج الإسرائيلي الراهن، فكلما احتدمت الأزمات داخل الحكومة أو تفجّرت فضيحة في المؤسسة العسكرية، تُفتح جبهة جديدة لتوحيد الرأي العام خلف شعار “الأمن أولًا”.

الغارات الأخيرة على النبطية في جنوب لبنان، التي أعلنت “إسرائيل” خلالها مقتل أربعة من عناصر حزب الله، جاءت بالتوازي مع تصريحات متشددة من نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، اللذين لوّحا بـ”إعادة لبنان إلى ما قبل 2006″ إن لم يُنزع سلاح حزب الله، وفي الوقت نفسه، كثّف الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة الغربية، مستهدفاً مخيم جنين ونابلس تحت ذريعة “منع الهجمات”.

استنزاف للثقة

ورغم هذه العمليات، تشير تقارير أمنية إسرائيلية إلى تراجع فعالية الردع على أكثر من جبهة، وإلى اتساع فجوة الثقة بين المؤسسة السياسية والجيش، فالضباط الميدانيون يشتكون من “غياب رؤية استراتيجية” وتحوّل القرارات الكبرى إلى أدوات للمناورة الحزبية.

ويرى خبراء أن “إسرائيل” تعيش ما يمكن وصفه بـ”أزمة قيادة متعددة المستويات”، إذ يتآكل الانضباط داخل الأجهزة الأمنية، فيما تتنازع القوى السياسية على إدارة “السرديات”بين الخطر الخارجي والانقسام الداخلي.

“إسرائيل اليوم”، برأي العديد من المحللين، ليست في موقع الدولة التي تتحكم بإيقاع الصراع، بقدر ما هي أسيرة له، فالتصدعات بين النخب السياسية والعسكرية والقضائية تُضعف تماسكها الداخلي، وتجعل من “الأمن” شماعة لتغطية أزمات الحكم، وبينما تنشغل الحكومة بتوسيع دائرة العمليات الخارجية، يتعمّق الشرخ الداخلي، ويفقد الاحتلال ثقته بنفسه من الداخل.

آخر الأخبار
الجنرال فوتيل يبحث مع وزير الطوارئ جهود التعافي والاستقرار الإعلام السوري في عصر التحوّل الرقمي..يعيد صياغة رسالته بثقة ومصداقية سوريا تفتح صفحة جديدة من التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سوريا نموذج للسياحة الثقافية في المعرض المتوسطي للسياحة الأثرية بإيطاليا الرئيس الشرع يناقش مع وزارة الداخلية الخطط والبرامج المستقبلية لتعزيز الأمن والاستقرار جدار استنادي لمدخل سوق المدينة في حلب القديمة مصطفى النعيمي: "قسد" رهينة الأجندات الخارجية  مؤيد القبلاوي: انتهاكات "قسد" تقوض اتفاق الـ10 من آذار  القنيطرة تتحدى.. السكان يحرقون مساعدات الاحتلال رداً على تجريف أراضيهم انطلاق الملتقى الحكومي الأول لـ "رؤية دير الزور 2040" الشيباني يعيد عدداً من الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد إلى العمل ظاهرة جديدة في السوق السورية "من لا يملك دولاراً لا يستطيع الشراء" سرقة الأكبال الهاتفية في اللاذقية تحرم المواطنين من خدمة الاتصالات حقوق أهالي حي جوبر على طاولة المعنيين في محافظة دمشق غزة أرض محروقة.. لماذا قُتل هذا العدد الهائل من الفلسطينيين؟ سيارة إسعاف حديثة وعيادة جراحية لمركز "أم ولد" الصحي بدرعا المفوضية الأوروبية تخصص 80 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في الأردن تحديات وصعوبات لقطاع الكهرباء بطرطوس.. وجهود مستمرة لتحسينه زيارة الشرع إلى واشنطن إنجاز جديد للسياسة الخارجية السورية بحث تعزيز التدابيرالأمنية في "الشيخ نجار" الصناعية بحلب