الإعلام السوري في عصر التحوّل الرقمي..يعيد صياغة رسالته بثقة ومصداقية

الثورة – نيفين أحمد – حسين روماني:

نظمت الأكاديمية السورية للإعلام، بالتعاون مع مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، اليوم ندوة تحت عنوان “الصحافة 360 درجة” النص والصورة والتأثير”، حاضر فيها رئيس تحرير صحيفة الثورة نور الدين الإسماعيل، ومدير الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا” زياد محاميد ومدير المركز الصحفي السوري أكرم أحمد، أمام جمهور من الصحفيين والمهتمين، وقد هدفت الندوة إلى مناقشة تطورات الإعلام الحديث، وتسليط الضوء على العلاقة التكامليّة بين النص المكتوب، والصورة المرئية، وأثر الإعلام على الجمهور.

جذور الصحافة وتطورها

افتتح زياد محاميد، مدير الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، كلمته بفيديو وثائقي مليء باللحظات التي لا تنسى من أيام الثورة السورية زمن النظام المخلوع، فاليد التي أنقذت طفلاً رضيعاً من تحت ركام القصف الهمجي، ارتقت شهيدة بقصف آخر لنظام لم يعرف سوى القمع والكذب والتضليل، والطفل عاد فتى يحلم بمستقبل جميل لبلده سوريا بعد التحرير، تلك الدقائق كانت مدخلاً لحديث المحاميد عن ممارسات الإعلام السوري الحكومي خلال الثورة بكبت الحقيقة والتزييف، واليوم وبعد التحرير، كيف تأخذ تلك الوسائل الحكومية دورها بين فئات المجتمع، انتقل بحديثه عن تاريخ الصحافة، بدءاً من الصحافة المكتوبة القديمة والمعلقات الشعرية في الأسواق العربية، مروراً بالصحف الأسبوعية واليومية، وصولاً إلى وكالات الأنباء الحديثة.

وأكد محاميد أن الصحافة اليوم تعتمد على تكامل الوسائل الإعلامية، حيث لا يمكن للصحافة المكتوبة أن تحل محل المرئية أو الرقمية، والعكس صحيح.

وأوضح محاميد أن النص المكتوب يزخر بالمعلومات والتحليلات الدقيقة ويمنح القارئ عمقاً معرفياً، بينما الصحافة المرئية والرقمية تتميز بسرعة الانتشار والتأثير العاطفي عبر الصوت والصورة، ما يجعل الجمهور أكثر تفاعلاً. وأشار إلى أن التحدي يكمن في دمج القوة التأثيرية للإعلام الرقمي مع المصداقية والعمق الذي توفره الصحافة التقليدية.

هندسة المحتوى والتأثير

من جهته، شدد أكرم الأحمد، مدير المركز الصحفي السوري، على ضرورة أن يكون لكل مادة إعلامية هدف واحد واضح، فهندسة المحتوى وتوزيع نقاط القوة في النص والصورة والفيديو تُعزز من تأثير المادة، بينما تعدد الأهداف يضعف الرسالة.

كما أشار إلى أهمية وضع مؤشرات قياس التأثير مثل مدى الوصول والتفاعل وإعادة النشر لضمان تحقيق الغاية المرجوة.

وأكد أن مفهوم التأثير  يرتكز على معادلة “الوصول والثقة”،  وأوضح أن على المؤسسات الإعلامية أن تتبنى رؤية استراتيجية تبدأ من “هندسة الرسالة الإعلامية” لتلائم طبيعة الجمهور وتنتهي بتقديم محتوى مؤثر.

وحذر الأحمد من أن أي وسيلة إعلامية تفتقر إلى هذه الركائز تتحول إلى “وسيلة صفرية” فاقدة لأي قيمة حقيقية،  وأكد أن السؤال الجوهري الذي يجب أن يشغل كل صحفي، هو: “ما الذي يصنع التأثير؟” مشيراً إلى أن الإجابة تكمن في تقديم محتوى عميق وموثوق يلبي تطلعات الجمهور.

الصحافة الورقية رمزية وثقة

بدوره أكد رئيس تحرير صحيفة الثورة نور الدين الإسماعيل على أهمية الصحافة الورقية في زمن الرقمنة، مشيراً إلى أن الورق لا يزال يحمل قيمة رمزية وثقافية لدى القراء، والصحيفة المطبوعة توفر معلومات دقيقة وتحليلات معمقة، وتعيد بناء الثقة بين الصحافة والجمهور.

وأوضح أن الورق والنسخة الرقمية تكاملية، الرقمي ينقل الخبر بسرعة، بينما الورق يقدّم التحليل العميق ويعزز تجربة القراءة.

وفي إجابته عن التحدي الأبرز الذي يواجه الصحفي اليوم،  هو كيفية الموازنة بين سرعة النشر ودقة المعلومة وطرح الإسماعيل حلاً استراتيجياً يتمثل في بناء “بنك بيانات ومعلومات لمصادر موثوقة”، وأشار إلى أنه “عندما يمتلك الصحفي شبكة مصادر راسخة في مختلف المجالات يمكنه العودة إليها بسرعة للتحقق من المعلومة، ما يمكّنه من تحقيق سرعة النشر المطلوبة دون التضحية بالمصداقية أو عمق المعالجة”.

وشدد على أن الصحافة الورقية برمزيتها وقيمتها التوثيقية تظل “وثيقة أرشيفية” لها روحها الخاصة وقادرة على تقديم محتوى رصين في مواجهة سيولة الإعلام الرقمي.

التوازن بين النص والصورة

تم خلال الندوة التأكيد على أن الإعلام الفعّال الذي يحتاج إلى توازن بين النص المكتوب والصورة المرئية، مع التركيز على الرسالة الواحدة لكل مادة إعلامية، فالمواد الإعلامية المصممة بعناية تخلق التأثير المطلوب وتزيد من مصداقية الخبر، كما أبرزت الأمثلة العملية لقصة الأطفال الذين نجوا من الحروب، حيث أثرت الصور والفيديوهات المصاحبة على مشاعر الجمهور.

الإعلام المدني ورأي المجتمع

أبدت الناشطة الإنسانية هيفاء مقدسي إعجابها بالمحاضرات ومحتواها الغني، وقالت لـ”الثورة”: “من المهم أن يكون الإعلام السوري صوت الناس الصادق والحر بعد سنوات من التغييب”، وأكملت مقدسي حديثها بأنها استفادت كثيراً من خبرات المحاضرين، وأن المعلومات التي قدموها تشكل أساساً لتعزيز المصداقية والشفافية في الإعلام، كما أعربت عن تطلعها إلى الصحافة الورقية المرتقبة، معتبرة أن الإعلام السوري يجب أن يعكس حضارة سوريا وتاريخها ويستعيد ثقة الجمهور التي فقدها على مدى سنوات طويلة.

شريك إبداعي لا بديل

وفي محور مستقبل الصحافة في ظل الذكاء الاصطناعي وفي تصريح خاص لصحيفة “الثورة ” بين المدير التنفيذي لمديرية المراسلين في وكالة سانا أحمد حبال وهو مدرب متخصص في مجال الذكاء الاصطناعي، أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في الإعلام بتقديم رؤية متوازنة مشيراً إلى أن هذه التقنيات الحديثة ليست بديلاً عن الصحفي، بل هي أدوات لتمكينه بقدرتها على تحريره من المهام الروتينية كالتفريغ والترجمة، لتمنحه مساحة أكبر للإبداع والتحليل النقدي.

واختتم بالتأكيد على أن الإنسان سيظل دائماً هو من يمتلك “البوصلة التحريرية” فالخوارزميات، مهما بلغت دقتها تفتقر إلى الضمير المهني والحس الإنساني والسياقي وهي السمات التي تشكل جوهر العمل الصحفي الحقيقي.

الإعلام كأداة للمساءلة

أشار المتحدثون إلى أن الإعلام اليوم ليس مجرد ناقل للحدث، بل أداة للتأثير والمساءلة وتشكيل الوعي العام،  وأكدوا أن الإعلام يجب أن يكون مسؤولًا، شفافاً، وملتزماً بالأخلاقيات المهنية، بما يضمن خدمة المجتمع وتعزيز التماسك الاجتماعي، وفي ختام الندوة، اتفق الحضور على أن الصحافة الحديثة، بمزيجها بين المكتوب والمرئي والرقمي، ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل أداة للتأثير، والتثقيف، والمساءلة، وأن الاستمرار في تطوير الإعلام وتعزيز تكامله بين جميع أشكاله هو السبيل لضمان إعلام مهني مؤثر وموثوق في سوريا، يعكس قيمها وتاريخها ويخدم جمهورها بصدق وموضوعية.

آخر الأخبار
الجنرال فوتيل يبحث مع وزير الطوارئ جهود التعافي والاستقرار الإعلام السوري في عصر التحوّل الرقمي..يعيد صياغة رسالته بثقة ومصداقية سوريا تفتح صفحة جديدة من التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سوريا نموذج للسياحة الثقافية في المعرض المتوسطي للسياحة الأثرية بإيطاليا الرئيس الشرع يناقش مع وزارة الداخلية الخطط والبرامج المستقبلية لتعزيز الأمن والاستقرار جدار استنادي لمدخل سوق المدينة في حلب القديمة مصطفى النعيمي: "قسد" رهينة الأجندات الخارجية  مؤيد القبلاوي: انتهاكات "قسد" تقوض اتفاق الـ10 من آذار  القنيطرة تتحدى.. السكان يحرقون مساعدات الاحتلال رداً على تجريف أراضيهم انطلاق الملتقى الحكومي الأول لـ "رؤية دير الزور 2040" الشيباني يعيد عدداً من الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد إلى العمل ظاهرة جديدة في السوق السورية "من لا يملك دولاراً لا يستطيع الشراء" سرقة الأكبال الهاتفية في اللاذقية تحرم المواطنين من خدمة الاتصالات حقوق أهالي حي جوبر على طاولة المعنيين في محافظة دمشق غزة أرض محروقة.. لماذا قُتل هذا العدد الهائل من الفلسطينيين؟ سيارة إسعاف حديثة وعيادة جراحية لمركز "أم ولد" الصحي بدرعا المفوضية الأوروبية تخصص 80 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين في الأردن تحديات وصعوبات لقطاع الكهرباء بطرطوس.. وجهود مستمرة لتحسينه زيارة الشرع إلى واشنطن إنجاز جديد للسياسة الخارجية السورية بحث تعزيز التدابيرالأمنية في "الشيخ نجار" الصناعية بحلب