الثورة – علي إسماعيل:
يحمل إعلان وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني عن الزيارة الرسمية التي سيقوم بها السيد الرئيس أحمد الشرع إلى العاصمة الأميركية واشنطن خلال هذا الشهر، في المنظور السياسي رمزية عالية، كخطوة دبلوماسية هي الأولى من نوعها لرئيس سوري منذ عقود.
الزيارة التي من المقرر أن تشمل لقاءً في البيت الأبيض، تمثّل نقطة تحوّل في العلاقات بين دمشق وواشنطن، وتفتح الباب أمام فصل جديد مبني على الشراكة بدلاً من العزلة.
ووفق قراءة للمحلل والباحث السياسي علي إبراهيم التيناوي، تُشكّل الزيارة مدخلاً استراتيجياً لسوريا إلى فضاء العلاقات الدولية عبر البوابة الأميركية، التي إن تمّ فتحها بشكل كامل، وهذا يعني إذا تم رفع العقوبات المرتبطة بقانون قيصر بشكل نهائي، عندها تنفتح بوابة إعادة الإعمار في سوريا على مصراعيها، أمام الانخراط في ديناميات اقتصادية جديدة، وعلى المستوى السياسي هي إنجاز جديد يحسب للسياسة الخارجية السورية.
حسب تصريحات الشيباني، فإن زيارة الشرع تُعدّ محطّة مهمة في العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة، هذا الإعلان يحمل دلالة واضحة بأن سوريا لم تعد تكتفي بالدور الإقليمي الضيق، بل تسعى إلى إعادة صياغة موقعها الدولي عبر التواصل مع الدول العظمى، من منظور التيناوي، هذه الخطوة تُعدّ قبولاً ضمنيّاً بأن زمن العزلة انتهى، وأن الحركة نحو واشنطن تعني رغبة في الانتقال من دولة تحت عقوبات إلى “شريك محتمل”.
ويضيف التيناوي: من زاوية تحليلية، هذا التوجه ليس مجرّد رسالة رمزية، بل يُترجم إلى أفق اقتصادي، فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية – وبالأخص الأميركية – في مرحلة إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن دمشق تراهن على أن فتح السوق السورية مقابل رفع العقوبات نهائياً، سيكون محركاً داخلياً للشرعية الاقتصادية والسياسية، ويمنحها القدرة على تحسين مستوى المعيشة والتعجيل بخروجها من حالة ما بعد الصراع.
ويتابع التيناوي، من تصريح وزير الخارجية والمغتربين نفسه، يؤكّد الشيباني أن دمشق لا تريد أن تكون قائمة على مبدأ الاستقطاب بل أن تكون على مسافة واحدة من الجميع، هذا التأكيد على سياسة التوازن يحمل أبعاداً جيو‑استراتيجية، فسوريا تبحث عن علاقة مرنة مع واشنطن ومن ثم مع الأطراف الإقليمية كافة، بما يتيح لها أكبر قدرمن المناورة.
ويرى التيناوي أن هذا التوجّه الجاد يعكس رغبة سورية في تجنّب الوقوع في تكرار تجارب ماضية، حين كانت مرتبطة بقطب واحد فقط.
ونوه التيناوي بأن زيارة الرئيس الشرع المقترحة إلى واشنطن هي الأولى منذ استقلال سوريا، ما يجعلها حدثاً استثنائياً، وهذه الرمزية ليست شكلاً فقط، بل عنصر فاعل في إعادة بناء السردية الوطنية بأن سوريا منفتحة، وأنها تسعى إلى إعادة تأسيس علاقات قائمة على الاحترام المتبادل، كما أنها تمنح واشنطن من جهتها منصّة جديدة في المنطقة كشريك محتمل بدل خصم عنيد.
ويشدّد التيناوي على أنه بالرغم من هذه الإشارات الإيجابية، فإن الطريق لن يكون سهلاً، فرفع العقوبات، وضمان الاستقرار الأمني، وتجاوزالملفات المعقّدة مثل العلاقات مع إسرائيل، جميعها تتطلّب خطوات ملموسة، لكن من جهة الفرص، فهذه الزيارة تُعطي دمشق بطاقة دخول إلى فضاء من الاستثمارات العالمية، خصوصاً إذا ترافق ذلك مع تحسّن بيئة الأعمال، كما أنها تتيح لواشنطن تعزيز نفوذها من دون تكلفة عسكرية مباشرة، عبر بناء علاقة اقتصادية‑ دبلوماسية جديدة مع دمشق.
ويختتم المحلل السياسي بالقول: إن الزيارة المرتقبة للرئيس الشرع إلى واشنطن ليست مجرد خطوة سياسية بل مؤشر تحوّل يعكس أن دمشق تسعى إلى إعادة تشغيل علاقتها الدولية من خلال بوابة الشراكة والاقتصاد، وأن واشنطن بدورها ترى في سوريا فرصة لإعادة هندسة التحالفات، فإذا نجحت الزيارة في فتح صفحة واضحة أمام رفع العقوبات كلياً وجذب الاستثمارات، فإنها قد تمهّد لمرحلة استقرار نسبي في المنطقة، لكن في كلّ الأحوال، إن سوريا اليوم تبدو أكثر استعداداً للانخراط بعلاقات جديدة مع الولايات المتحدة، بدلاً من “مواجهة مستمرة” إذا صح التعبير.