الثورة- منذرعيد:
تشكّل زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع المرتقبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، خطوة تاريخية وعلامة فارقة في مسار العلاقات بين دمشق وواشنطن، إذ تعتبر الأولى من نوعها لرئيس سوري إلى واشنطن منذ استقلال البلاد عام 1946.
الزيارة تأتي في سياق متغيرات سياسية وإقليمية معقّدة، لتحمل بين طياتها رسالتين بارزتين:
الأولى:سوريا تعود إلى طاولة الحوار الدولي
والثانية: واشنطن تفتح باب الدبلوماسية من جديد
وبين هاتين الرسالتين، يقف مستقبل المنطقة على أعتاب مرحلة قد تحدّد شكّل الشرق الأوسط في السنوات القادمة.
من المؤكد أن زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن ولقائه الرئيس دونالد ترامب، تتجاوز في أهميتها البعد البروتوكولي، لتطول جملة من الملفات والقضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، ولتحضر في مجملها على طاولة النقاش مع ترامب، حيث تؤكد مصادر دبلوماسية، أن تتناول المباحثات بين الرئيس الشرع ونظيره الأميركي ملفات حسّاسة، مثل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، عبر تفاهمات أمنية ترعاها واشنطن، وملف العقوبات الاقتصادية وقانون قيصر، والتعاون في مكافحة الإرهاب وتنظيم “داعش”، و مستقبل مناطق شمال وشرق سوريا، والتفاهمات المحتملة مع “قسد” برعاية أميركية، إضافة إلى الوضع في السويداء، وإمكانية أن تدعم واشنطن ترتيبات داخلية تضمن استقرار الجنوب.
الكاتب والباحث السياسي علي تمي يرى في تصريح لـ”الثورة” :إنه بمجرد تمّ توقيع الترتيبات الأمنية بين إسرائيل وسوريا -وهو طلب أميركي بطبيعة الحال- فإن أوراق هذه الأدوات ستحترق وينحصر دورهم الميداني، معيداً السبب في ذلك إلى أن جماعة الهجري في السويداء يستقوون بـ”قسد”، والأخيرة تستقوي بالتهديدات الإسرائيلية وبالتالي تتهرب من تنفيذ اتفاق 10 آذار.
من الطبيعي أن يتم البناء على زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن في أن تفتح المجال أمام إعادة تقييم العلاقات الأميركية مع “قسد”، والدفع بالولايات المتحدة إلى تحقيق التوازن بين دعمها لقسد وفتح قنوات الحوار مع الحكومة السورية، وعليه يقول تمي: “لهذا لازال هناك مجال لتنفيذ هذا الاتفاق (10 آذار)، فهو اتفاق وصفناه بالتاريخي، لأن البديل لا شك سيكون الحرب وهذا ما لا يتمناه المجتمع السوري بجميع مكوناته، لأنه لا منتصر في هذا الحرب في حال اشتعلت”.
ثمة أرضية ايجابية مُهدت في واشنطن قبيل بدء الزيارة، وهو ما تجسد في حديث ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية اليوم الاثنين: “رفعنا العقوبات عن سوريا من أجل منحها فرصة، وسمعت أن رئيسها يقوم بعمل جيد للغاية”، وفق ما نقلت وكالة رويترز، وذلك عقب نقل صحيفة “بوليتكو” الأميركية عن مسؤول في البيت الأبيض تأكيده، أن ترامب سيستقبل الشرع في البيت الأبيض يوم الجمعة المقبل.
تتباين التوقعات حيال نتائج زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن، البعض يرى أنها قد تفتح الباب أمام تفاهمات واسعة تضع حدّاً لسنوات من العزلة أنتجتها سياسات النظام السابق، فيما يتوقع آخرون أن تبقى الزيارة ضمن إطار الخطوة الرمزية أكثرمنها عملية، لكن المؤكد أن الزيارة تمثل منعطفاً تاريخياً في مسار العلاقات السورية- الأميركية، وتضع أسساً جديدة للحوار، قد تكون مقدّمة لإعادة رسم ملامح المشهد السوري خلال المرحلة المقبلة.