واحد من أكثر الفنانين السوريين والعرب شهرة وعطاء والتزاما بقضايا أمته ووطنه، وتجسيد مقولة الفن الخالد هو الذي ينبض بآمال وآلام الناس، الفنان السوري علي السرميني يمضي في موكب الراحلين، وفي عبق اللوحة التي تخلد صفحات من الزمن، طوى جناحين من عمر مديد، وترك آثارا خالدة في العديد من المتاحف والصالات الشهيرة، حيث تم اقتناء أعماله من قبل العديد من الدور المشهورة.
هذا وقد نعت وزارة الثقافة الفنان التشكيلي الكبير الدكتور علي السرميني الذي وافته المنية صباح الثلاثاء 5/11/2019 عن عمر يناهز 76 عاما. وكانت وزارة الثقافة كرمت الفنان الكبير ضمن احتفالية وزارة الثقافة عام 2017، وأقامت له مجموعة معارض.
ومن المعروف أن الفنان علي السرميني قد رسم على حطام طائرات العدو الإسرائيلي (الفانتوم) التي أسقطتها الدفاعات الجوية السورية في حرب تشرين التحريرية عام 1973 (مدينة القنيطرة) بلوحات تفيض بالأحاسيس الوطنية المملوءة برسائل التمسك بالأرض والسيادة مصورة إجرام كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وفي محطات حياته شغل الفنان السرميني في سبعينيات القرن الماضي الرأي العام الروسي والعالمي عندما افتتح ضمن صالة المعارض الفنية في دار القوميات بموسكو معرضاً كرس عدداً من لوحاته للجولان السوري المحتل ومدينة القنيطرة التي دمرها العدوان الإسرائيلي، فكانت في مقدمة معرضه لوحة (القنيطرة على أشلائهم) وهي ثلاثة أعمال رسمت بتقنية إبداعية عالية أهداها القائد المؤسس حافظ الأسد لشخصيات سياسية كبيرة في الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة الأميركية لإيصال رسالة للعالم مفادها بأن «الفن في سورية جزء من منظومة النضال ضد العدوان».
وعن الدافع الذي أجج مشاعره لإنجاز هذه الأعمال الثلاثة قال السرميني في لقاء سابق معه أجرته سانا: «استفدت من تجربة فنانين فيتناميين استخدموا حطام طائرة الفانتوم إبان العدوان الأميركي على بلادهم لصنع تماثيل وحلي وأساور ففكرت بأن أرسم القنيطرة الشهيدة على حطام جناح طائرة (فانتوم4) أسقطتها دفاعاتنا الجوية في حرب تشرين التحريرية» مبيناً أن هذه الفكرة كسرت تقليدية اللوحة الخاضعة لمنطق الرسم على سطوح قماشية أو ورقية أو خشبية.
وعن آلية الوصول إلى العالمية اعتبر السرميني أن الفن السوري عندما يعبر عن ذاته الفنية وعن القضايا التي تتعلق بالوطن والإنسان يصل إلى العالمية والأهم هو الوصول إلى البعد الإنساني مؤكداً أن الفن بكل أنواعه ليس لغة محلية وإنما مشاريع إنسانية.
ويستعيد الفنان السرميني مرحلة البدايات فيقول: «عملت ضمن إطار التجريب القريب من الانطباعية وفي مرحلة دراستي العليا في ألمانيا استفدت هناك من التعبيرية فظهرت عبر لوحات وعجينة معينة في تضاد بين الألوان الباردة والحارة وبين المدرسة التعبيرية الألمانية وتقنياتها فأنجزت عدة أعمال من الزجاج المعشق ومادة المينا».
وحول تجربته مع مادة (المينا) باعتباره أول من أدخلها إلى سورية يقول: «استخدمت هذه المادة لأعبر عن المجتمع وآلامه ومعاناته ولاسيما أننا أصحاب قضية لذلك شعرت بأهمية تطويع هذه التقنية وإخضاعها لواقع أمتنا وأقمت لها العديد من المعارض الخاصة علماً أن المينا لا تتأثر بعوامل الطبيعة».
التاريخ: الأربعاء 6 – 11-2019
رقم العدد : 17116