الثورة:
أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيير لاكروا، ضرورة بذل أقصى الجهود لتعزيز فعالية عمليات حفظ السلام الأممية في ظل استمرار مواجهة العالم “لمستقبل غامض”، وتزايد صعوبة تحقيق حلول سياسية دائمة.
وخلال اجتماع لمجلس الأمن حول مستقبل عمليات السلام أمس الثلاثاء، قال لاكروا، إن حفظ السلام “ليس ترفا، بل هو شريان حياة للملايين، الذين يعتمدون عليه لمستقبل خال من الخوف”.
وأضاف لاكروا، وفق ما نقله موقع أخبار الأمم المتحدة، إن عدد الصراعات الدائرة قد بلغ مستويات قياسية، إذ كان هناك 61 صراعاً في عام 2024، وهو أعلى رقم منذ عام 1946.
وشدد على أن الصراعات أصبحت مطولة، وتضم مزيداً من الجهات الفاعلة، وغالباً ما تكون قوى بالوكالة، “ما يجعل التوصل إلى حلول تفاوضية أكثر صعوبة”.
وأكد لاكروا ضرورة الاستفادة من الخبرات والدروس القيّمة “من قرابة ثمانية عقود من حفظ السلام للاستجابة للتوقعات المشروعة التي تعقدها الشعوب” تجاه الوفاء بميثاق الأمم المتحدة.
وقال: إن مستقبل حفظ السلام يتطلب “أمماً متحدة قادرة ومستعدة للاستجابة” من خلال بعثات قابلة للتكيف ومصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات على أرض الواقع، مسترشدة باستراتيجيات سياسية قوية ومستفيدة من أدوات وقدرات وخبرات المنظمة وشركائها.
وأضاف: إن قدرة الأمم المتحدة على الوفاء بحماية الناس “غالباً ما تكون المعيار الذي يُحكم علينا من خلاله”، لكنه شدد على أنه لا ينبغي أن تتحمل المنظمة مسؤولية حماية السكان إلى أجل غير مسمى.
ولهذا السبب، قال “إن السعي إلى الحلول السياسية يجب أن يظل في صميم ما نفعله وكيفية إنقاذنا للأجيال القادمة من الحرب بشكل أكثر استدامة وفعالية من حيث التكلفة”.
وقال المسؤول الأممي: إن الدفع بحلول سياسية دائمة يُمكّن بعثات حفظ السلام من الانسحاب دون العودة إلى الصراع، ويتطلب “دعما قويا موحداً ومستمراً” من قبل مجلس الأمن – “من خلال اعتماد تفويضات واضحة ومحددة الأولويات، ومشاركة سياسية نشطة، وبيانات دعم”، بالإضافة لتوفير التمويل بالكامل وفي الوقت المحدد.
من جانبها، قالت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو: إن البعثات السياسية للأمم المتحدة تعمل في بيئة تتسم بـ”التشرذم الجيوسياسي المتزايد”، فيما ازداد تدويل الصراعات مع انخراط جهات فاعلة عالمية وإقليمية تؤثر على ديناميكياتها الداخلية”.
ولاستخلاص الدروس للمستقبل، قالت ديكارلو: إنه “يجب أن نتعلم من الماضي”، مشيرة إلى أن البعثات السياسية الخاصة كانت في طليعة عمل المنظمة، إذ دعمت ما يقرب من مئة دولة في جميع أنحاء العالم.
وأضافت: إن تحليل تاريخ وممارسات البعثات السياسية الخاصة المنتشرة منذ إنشاء الأمم المتحدة يُظهر أن العديد منها كان مقيداً بفترة زمنية ومركزاً على مهمة سياسية محددة.
وقالت: إن معظمها كان أيضاً سريعاً وسهل النشر واقتصادياً في الصيانة دون تكاليف ونفقات عامة كبيرة، فيما كانت ولاياتها مكتوبة بإيجاز ومباشرة، إذ تزودها بتوجيهات واضحة، وتوفر أيضا قدراً من المرونة في تنفيذها.
وأضافت ديكارلو: إن معظم البعثات السياسية الخاصة تُنشر اليوم في ظل غياب اتفاقات سلام شاملة، وغالباً ما تُنشر في ظروف سياسية متقلبة، وأحياناً في خضم حروب أهلية مستمرة.
مشيرة إلى أنه في مثل هذه الحالات، ينبغي أن تكون الأهداف الأولية للبعثات أكثر محدودية، مع الحفاظ على المرونة والقدرة على التكيف لتوسيع نطاقها واغتنام الفرص في مرحلة لاحقة للتوصل إلى حلول سياسية أكثر طموحاً.
كما شددت على ضرورة مواصلة تحسين التنسيق بين عمليات السلام وأفرقة الأمم المتحدة القطرية وتجنب اتباع “نهج واحد يناسب الجميع”.
و قالت: “هناك حقيقة أساسية واحدة لا يمكن لأي مراجعة، مهما كانت واسعة أو طموحة، أن تغيرها: غالباً ما يرتبط فشل أو ضعف تنفيذ الولايات بنقص الدعم السياسي لمثل هذه العمليات – في البلدان التي تُنشر فيها، وبين دول المنطقة، وفي مجلس الأمن نفسه”.
وسلطت الضوء على الحاجة إلى إعادة التركيز بشكل كبير على القضايا السياسية “التي تكمن في صميم كل نزاع، وإيجاد حلول متعددة الأطراف لها”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد أكد بأن الإنفاق العسكري المفرط لا يضمن السلام، بل غالباً ما يقوضه، إذ يؤجج سباقات التسلح، ويعمق انعدام الثقة، ويحول الموارد عن أسس الاستقرار.
ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة عن غوتيريش قوله في تصريحات للصحفيين أمس الثلاثاء -أثناء إطلاق تقريره الجديد الذي حمل عنوان “الأمن الذي نحتاجه: إعادة توازن الإنفاق العسكري من أجل مستقبل مستدام وسلمي”- إن “التقرير يكشف حقيقة جلية، وهي أن العالم ينفق على شنّ الحروب أكثر بكثير مما ينفق على بناء السلام”، مضيفاً: إن الإنفاق العسكري العالمي ارتفع في عام 2024، إلى رقم قياسي بلغ 2.7 تريليون دولار، أي ما يعادل 334 دولاراً لكل شخص على وجه الأرض.
وأشار إلى أن هذا المبلغ يوازي ما يقرب من 13 ضعفاً من حجم المساعدة الإنمائية الرسمية من أغنى دول العالم، و750 ضعفاً من الميزانية العادية للأمم المتحدة.
