الثورة – نيفين أحمد:
تتجه الأنظار إلى العاصمة السعودية الرياض، إذ يشارك السيد الرئيس أحمد الشرع في النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار 2025 بدعوة رسمية من المملكة العربية السعودية، التي تستضيف الحدث بين 27 إلى 30 من الشهر الجاري بمشاركة قادة ومسؤولين من مختلف أنحاء العالم.
وتحمل الزيارة طابعاً سياسياً واقتصادياً في آنٍ واحد، إذ تأتي في لحظة تشهد فيها سوريا حراكاً دبلوماسياً متنامياً لإعادة تموضعها على الساحة الإقليمية والدولية، وتعزيز الشراكات العربية بما يسهم في دعم مرحلة التعافي والإعمار.
في تصريح خاص لصحيفة الثورة قال الباحث السياسي في مركز جسور للدراسات وائل علوان: إنّ “مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض 2025 تجسّد الدور الكبير والأساسي للمملكة العربية السعودية في دعم استقرار سوريا ونجاح الانتقال إلى العملية السياسية”، مشيراً إلى أن هذا الدور يشكل ركيزة رئيسية في الدفع نحو استعادة التوازن الإقليمي.
وأوضح علوان أن سوريا اليوم تمرّ بحالة من التغيير الشامل على مستويين، خارجياً عبر إعادة بناء تحالفاتها السياسية والاقتصادية، بما يضعها في موقع فاعل ومتوازن في محيطها العربي، وداخلياً من خلال السعي لتجاوز إرث النظام المخلوع الذي جعل من العزلة والجمود نهجاً داخلياً، والاتجاه نحو إصلاح مؤسسات الدولة واستعادة قدرتها على جذب الاستثمارات والتنمية.
وأضاف: إن الشراكة السورية-السعودية تشكل عاملاً حاسماً في إنجاح عملية التغيير الداخلي وإعادة التموضع الخارجي لسوريا، مؤكداً أن الدعم الإقليمي والدولي لهذا المسار سيترك أثره الإيجابي ليس على سوريا فحسب، بل على المنطقة بأسرها.
جسر للاستقرار الإقليمي
وأشار الباحث إلى أن المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر وبقية دول الخليج يدركون أن استقرار سوريا يشكّل شرطاً أساسياً لازدهار المنطقة وتفعيل حركة التبادل التجاري والاقتصادي، مبيناً أن “الازدهار لا يمكن أن يتحقق في ظل فراغ جيوسياسي أو فوضى أمنية، بل يحتاج إلى أرض مستقرة تكون منطلقاً للتنمية الإقليمية”.
ولفت علوان إلى أن تجارب السنوات الماضية وخاصة منذ عام 2023 أظهرت أن المشروعات الإقليمية الكبرى كـ«طريق التنمية» الذي يمر عبر العراق لا يمكن أن تنجح دون استقرار سوريا، لأن الجغرافيا السياسية والاقتصادية للمنطقة تمرّ حكماً عبرها.
وقال: “إذا أرادت دول المنطقة فعلاً أن تحقق استقراراً مستداماً وازدهاراً حقيقياً فعليها أن تدعم استقرار سوريا أولاً، فهي الجسر الذي تمتد عبره حالة التوازن إلى محيطها.
أما الفوضى التي صنعها النظام المخلوع ورهن بها البلاد لمشروعات عابرة فقد كانت السبب الرئيس في اضطراب المنطقة والإضرار بأمنها الجماعي”.
بين السياسة والاستثمار
تحمل زيارة الرئيس الشرع إلى الرياض ومشاركته في مبادرة مستقبل الاستثمار 2025 دلالات أعمق من الجانب الاقتصادي فهي تعكس اتجاهاً نحو ترسيخ سوريا جديدة تعمل على استعادة دورها الإقليمي عبر الشراكة لا العزلة والتكامل لا الصراع.
كما يُنتظر أن تشكل اللقاءات الثنائية على هامش المبادرة فرصة لترجمة التحولات السياسية إلى مشروعات تعاون واستثمار واقعية تؤكد جدية دمشق في بناء مرحلة اقتصادية مستقرة تستند إلى دعم عربي واسع.
يذكر أن مبادرة مستقبل الاستثمار أطلقت عام 2017 في الرياض كمنبر عالمي يهدف إلى استشراف التحولات الاقتصادية وبناء شراكات دولية في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية، والتنمية المستدامة، وتحولت المبادرة خلال الأعوام الأخيرة إلى منصة تجمع بين صناع القرار والمستثمرين من أكثر من 90 دولة.
وتعد مشاركة سوريا في نسختها التاسعة هذا العام خطوة رمزية وعملية في آنٍ واحد، تؤكد توجهها نحو إعادة الانفتاح الإقليمي واستقطاب الشركاء الاستثماريين للمساهمة في عملية الإعمار الشاملة.