الثورة – هناء ديب :
تصاعدت في الفترة الأخيرة وتيرة تصريحات بعض أعضاء الفريق الاقتصادي في الحكومة السورية، التي تؤكد وتدعم قوة الاقتصاد السوري وامتلاكه مزايا وإمكانات تؤهله ليكون أحد النمور الاقتصادية بالمنطقة في السنوات الخمسة القادمة، منطلقين من واقع اقتصادي ونقدي واستثماري مبشر ومغرٍ لكل من يرغب في ولوج السوق السورية.
تلقّف العديد من أصحاب الشأن والمختصين بالعمل الاقتصادي، من أكاديميين وصناعيين وتجار، تلك التصريحات بتفاؤل يشوبه بعض الحذر.
البعض رأى فيه رسائل مهمة وضرورية، يجب إيصالها للخارج، ولكل من يرغب بالاستثمار والعمل في سوريا، بأن البيئة مهيأة وجاهزة لاستقبالهم، والبعض الآخر، رغم تأييده لأسباب إطلاق تلك التصريحات، إلا أنهم يرون أن ترجمتها يجب أن تلمس من قبل المواطن لجهة تحسين واقعه الاقتصادي والمعيشي قبل أي شيء، وأن تشجع المستثمر المحلي قبل الخارجي.

اقتصاد واعد
يتوافق عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، الدكتور علي كنعان في تصريح لـ”الثورة”، مع الرؤية الإيجابية والمبشرة التي يبثها عدد من المسؤولين بالشأن الاقتصادي والنقدي عن واقع الاقتصاد السوري في المرحلة الحالية، وما يؤمل منه في الفترة القادمة.
ويؤكد أنه اقتصاد واعد، لأنه سيستقبل استثمارات متعددة ومتنوعة، ما سيفسح المجال لظهور شركات وصناعات كبيرة، وسيستقطب قوى عاملة خبيرة ومؤهلة، سيقوم بتصنيع المواد الأولية الموجودة وتصديرها.
وبالتالي ستأخذ سوريا مكانة متميزة في المنطقة، وسيصبح اقتصادها الأكبر في المنطقة، إضافة لما يتم العمل عليه من حيث إعطاء الحرية للمستثمرين والصناعيين والتجار لممارسة أي نشاطات من دون قيود أو شروط مسبقة، كما كان يحصل في السابق.
ويضيف كنعان: إذا اعتبرنا أن الدخل القومي، كان في عام 2010 هو 60 مليار دولار، فإن المتوقع خلال مرحلة إعادة الإعمار والمرحلة التي ستعقبها، يعني خلال السنوات العشر القادمة أن يتجاوز الـ 600 مليار دولار مقارنة بعام 2010.
مرجعاً الأسباب لكون المرحلة القادمة هي فترة تسارع في الإنتاج والصناعة والتقنيات الحديثة والمعلوماتية، ما يؤهل السوريين لامتلاك هذه التقنيات وإدارتها والاستفادة منها في المجالات كافة، حسب حاجة كل قطاع، وما سيجعل الاقتصاد السوري ينمو ويكبر كما يتوقع بعض المسؤولين، أي من المحتمل أن تحتل سوريا في أعوام 2030 و 2035 مركزاً عالمياً متميزاً.

عوامل قوة
وحول العوامل التي تؤهلنا لموقع ريادي في الاقتصاد، مقارنة باقتصاديات المنطقة، وهي اقتصاديات كبيرة ومتنوعة ومنافسة، بيّن كنعان أن الاقتصاد السوري من أكثر الاقتصادات تنوعاً في المنطقة.
إذ لديه أنشطة واختصاصات زراعية وصناعية وتجارية وسياحية متطورة، وموارد عديدة من النفط والغاز والفوسفات، وكوادر بشرية مؤهلة من دون تجاهل النقص في مجال الخدمات، الذي يتطلب العمل عليه. ومع تجاوز العديد من المعوقات، وأهمها الشراكات مع المسؤولين، يمكن العمل بكل قطاعات الاقتصاد.
ويرى أن اقتصادنا يكاد يتشابه مع الاقتصاد التركي في الكثير من النقاط، وخاصة مع توجه الحكومة نحو النشاطات الاقتصادية والصناعية والزراعية المتوسطة والكبيرة.
وعلى الرغم من توقع الدكتور كنعان بأن إيرادات النفط السوري، ستعود لخزينة الدولة بعد الاتفاق مع قوات قسد، إلا أنه يرى أن الاقتصاد سيعتمد في المستقبل على الطاقات البديلة، كما أغلبية دول العالم، ما سيوفر الكثير من النفقات على الصناعيين والمنتجين.

رسائل اقتصادية
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي والمالي، الدكتور علي محمد أن ترجمة التصريحات الحكومية المتفائلة على الأرض، تتطلب أن يترافق مع تحقيق أساسيات النهضة التي يتحدثون عنها -ويعتقد أنهم يعملون على ذلك- من حيث تطوير البنية التحتية في سوريا وتحقيق الاستقرار والأمان وتدعيم البنية التكنولوجية، وطبعاً بعد إزالة كافة العقوبات المفروضة على البلد، إضافة لإجراء إصلاحات هيكلية اقتصادية في كافة مرافق الاقتصاد الوطني.
وأعتقد أن تكامل وتحقيق كل ما تقدم، يعني ربما تكون من بنود أجندات المسؤولين، سواء في الاقتصاد أو المالية أو حتى على مستوى المصرف المركزي، آملاً أن تسير جميعها قدماً مع التصريحات التي تحمل رسالة اقتصادية مهمة لدول العالم.
ويضيف محمد: عندما يخرج مسؤول على المستوى الاقتصادي، ويتحدث عن قوة الاقتصاد السوري، وأنه سيصبح أحد الاقتصادات الرائدة في المنطقة، وبعضهم ذهب لوصفه بأحد النمور الاقتصادية بالمنطقة، مشبهاً إياه باقتصادات دولية، أعتقد أن هذا الكلام مرتكز على إظهار أن الاقتصاد السوري في حال، و”أركز هنا على هذه الكلمة” في حال توفرت له كل الأسباب التي تدفع بأن يصل لهذا الواقع، فهو جاهز.
هذه الأسباب تبدأ من بيئة مستقرة اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، تمر بمرحلة رفع كافة العقوبات عن سوريا، وتفعيل التجارة البينية بين سوريا والمنطقة، لما له من أثر مباشر وسريع على الاقتصاد الوطني، بالتوازي مع بدء ورشة إعادة بناء سوريا بكافة القطاعات، وليس فقط في مجال محدد. يبقى كلاماً مأمولاً في حال توفرت الشروط المناسبة له، ويستند لمجموعة من العوامل، أهمها موقع سوريا المتميز كموقع جغرافي ولوجستي، وتوفر كوادر بشرية خبيرة ومؤهلة. كما أن عودة بعض الكوادر التي اكتسبت خبرات ومعارف، ستغني القطاعات التي سيعودون لها.
ومع الخطوات المتقدمة الحاصلة في القطاعات الصناعية والزراعية التي يمكن أن تشكل سلة غذائية متميزة، كل ما تقدم من استعراض واستشراف للواقع السوري في حال تم عبر استثمار كل الإيجابيات فيه، يشكل بالمجمل دعاية اقتصادية لأرض خصبة، تحتاج للكثير من الاستثمارات، وتعد بتسهيل العمل فيها لكل من يرغب.
على حالنا
وجهة نظر القطاع الخاص تجاه كلام بعض المسؤولين عن قوة الاقتصاد السوري، يترجمها الصناعي سامر شولح. إذ يؤكد أنه كصناعي، يسمع كغيره من المواطنين تصريحات عن تحول لافت في الاقتصاد السوري، ولكن على أرض الواقع لا تغيير يذكر أو يلفت النظر، فالأمور على وضعها.
وبالنسبة لتوقيع الاتفاقيات والجدولة التي تمت في الفترة الأخيرة، يضيف: إنها من دون شك ضوء في طريق طويل، يبشر بخطوات جيدة على الأرض في حال الترجمة الفعلية، لها غير أننا كصناعيين ومن خلال تواصلنا مع الوزارات والطريقة التي يعملون بها لا جديد يذكر.