الثورة ـ راغب العطية:
العملية الناجحة التي قام بها الأمن الداخلي مؤخراً في محافظة اللاذقية، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب، والتي تم خلالها إلقاء القبض على الخلية الإرهابية التي كانت تخطط لاغتيال ناشطين إعلاميين وشخصيات بارزة في المحافظة بدعم وتمويل من رامي مخلوف، طرحت العديد من الأسئلة، أبرزها: ما هدف تمويل تلك الخلايا الإرهابية؟ وما سبل مكافحة تلك الخلايا الإجرامية؟.
حول هذا الموضوع وغيره التقت «الثورة» أستاذ الإعلام السياسي بكلية العلوم السياسية في جامعة دمشق، والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة، الدكتور أيمن عبد العزيز، حيث أكد أن هدف الخلايا الإرهابية التي يتزعّمها ويشرف عليها المدعو رامي مخلوف هو زعزعة الأمن والاستقرار داخل سوريا وإدخال البلاد في حرب أهلية وطائفية، حيث يبدو أن هناك أجهزة استخبارات خارجية تعمل بالتعاون والتنسيق مع رامي مخلوف.
وبحسب عبد العزيز، غاية هذه الخلايا الإرهابية أيضاً تعميق الانقسامات وتوجيه ضربة للسلم الأهلي والوحدة الوطنية، أي ضرب النسيج المجتمعي السوري، وخلق حالة من عدم الاستقرار في الداخل السوري (محافظة اللاذقية)، من خلال التهديد بعمليات اغتيال أو تصفية تستهدف المدافعين عن السلم الأهلي، فالاستقرار يعتبر حالة ضرورية من أجل عملية التطوير الاقتصادي وجذب الاستثمارات والبدء بعمليات إعادة الإعمار، وهذا لا يصبّ في مصلحة مخلوف وأعوانه.
وقال عبد العزيز: بعد الخلافات التي طفت على السطح بين رامي مخلوف ورئيس النظام المخلوع، بدءاً من عام 2020، تعود الآن المصالح لتلتقي بين الطرفين؛ فنهاية النظام البائد هي بالتأكيد نهاية المملكة الاقتصادية لمخلوف، كما يبدو أن الوقت الحالي مناسب لضعاف النفوس في منطقة الساحل من أمثال رامي مخلوف للالتقاء مع أمثالهم في محافظة السويداء؛ فهؤلاء يرون في سقوط النظام البائد ضربة قوية موجهة لهم ولأطماعهم في السيطرة على مقدرات الشعب السوري.
وعليه يسعى مخلوف للتنسيق مع ضعاف النفوس لزرع فتنة تكون غايتها تمزيق الوحدة الوطنية، وتكون مبرراً لاستمرار فرض العقوبات على سوريا وبالتالي فرار الاستثمارات نتيجة غياب الأمن والاستقرار، تمهيداً للعودة إلى حالة من الحرب والاقتتال، وذلك من خلال اشتباكات مسلحة بين فصائل الفلول والقوى الأمنية الجديدة، بحسب ما يرى عبد العزيز.
وفيما يخص سبل مواجهة نشاط هذه الخلايا الإرهابية؟ يقول أستاذ الإعلام السياسي: إن من أهم هذه السبل: إطلاق الحكومة برامج للتنمية الشاملة، حيث يجب العمل على رفع سوية الوعي والتعليم (خلق فرص عمل، خدمات صحية، تحسين الواقع المعيشي).
ـ إطلاق عمليات تواصل استراتيجية لمواجهة السرديات الطائفية المتطرفة على مستوى الإعلام التقليدي والإعلام الجديد.
ـ موقف موحّد من جميع مكونات الشعب السوري، يؤكد وقوفهم إلى جانب دولتهم وحكومتهم وجيشهم الوطني والتأكيد على رفض كل محاولات الفلول الهادفة إلى زرع الفتنة والاقتتال.
– تدخل وسائل الإعلام الرسمية الوطنية والخاصة لدعم استقرار الدولة، والتركيز على توجهات الدولة السورية والمطالبة بمحاسبة المتورطين وكشف كل من يدعم الإرهاب والتطرف، فالإعلام يمثل الوجه الحقيقي للمجتمع؛ ومن ثم تصبح عملية إطلاق حملة إعلامية مركزية ومكثفة غايتها صياغة رأي عام ضاغط ورافض لكل محاولات الفلول للنيل من هيبة الدولة، غايتها الأساسية تكريس وتعزيز السلم الأهلي والتأكيد على اللحمة الوطنية بين جميع المكونات، ورفض المواطن السوري لكل محاولات الفلول الرامية إلى إثارة الرعب والفتن في الوطن.
ـ توطيد العلاقات في الجانب الأمني والعسكري مع الدول الشقيقة والصديقة مثل السعودية وتركيا، والعمل على اكتساب المهارات الضرورية لجهة حفظ الأمن والنظام، وبالتالي التعاون في مجال الأمن والاستخبارات مع هذه الدول لتكون هناك ضربات استباقية لتلك الجماعات الإرهابية.
ـ أن يكون هناك تعاون مشترك بين الأجهزة الأمنية والمواطنين؛ حيث يعتبر دور المواطن في هذا المجال بمثابة مشاركة فاعلة لا تقل أهمية عن المشاركة السياسية، وغايتها الأساسية حفظ أمن وسلامة الدولة.
ـ ضرورة التأكيد المستمر على الدور الأساسي لوسائل الإعلام، وهو رفع سوية وعي المواطن بخطورة ما يمكن أن تقوم به تلك الجماعات المسلحة الإرهابية أو جماعات الفلول، هذا الأمر يتطلب جهداً لضبط ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي من جهة، ومن جهة أخرى العمل على خطة وطنية تهدف إلى إيصال الحقيقة إلى المواطن؛ إذ للسوشيال ميديا دور فاعل وأساسي في هذا المجال.
وأشار الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية إلى أنه في عام 2000 ومع اغتصاب بشار الأسد للسلطة في سوريا، برز اسم خاله محمد مخلوف بصفته مستشاراً فعلياً في المجال الاقتصادي (السبب: ضعف خبرة بشار في الجانب السياسي والاقتصادي)، أما رامي مخلوف، ابن محمد مخلوف، فقد تدرّب على يد والده في العمليات التجارية، وكان يعتبر لسنوات طويلة أقوى الشخصيات في سوريا وأحد أعمدة النظام المالية المرتبط بالسلطة.
وبحسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز، فقد امتدت مصالح مخلوف الاقتصادية إلى عدة قطاعات هامة واستراتيجية شملت الاتصالات والنفط والغاز والإنشاءات والمصارف وتجارة التجزئة، حيث مارس المدعو رامي مخلوف سيطرة شبه مطلقة على الاقتصاد السوري. وفي عام 2020 بدأت الخلافات تطفو على السطح بين رامي وبشار، حيث أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى ذلك الخلاف، مؤكدة أن رامي مخلوف طلب المساعدة لتجنب محاولة الحكومة الاستيلاء على أصوله وممتلكاته، طبعاً اعتُبر هذا الخلاف بمثابة صراع نفوذ ومال بين جناح اقتصادي تقليدي يمثله مخلوف وجناح أمني عسكري يمثله مقربون من أسماء الأسد.
وقال عبد العزيز: بعد سقوط نظام الأسد وكمقدمة لنشاط رامي مخلوف الإرهابي والإجرامي، نشرت إحدى الصفحات على موقع فيسبوك تحمل اسم «مخلوف» منشوراً باسمه في الشهر الخامس من عام 2025، يعلن فيه إنشاء قوة عسكرية تعد عشرات الآلاف من المقاتلين في منطقة الساحل السوري، وذلك بالتعاون مع المجرم سهيل الحسن الملقب بـ«النمر».