الثورة – منهل إبراهيم:
بالرغم من وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة، يعج سطح المشهد الغزاوي بصور قاسية لأطفال ونساء وشيوخ ومرضى عالقين بين الموت والحياة وسط الركام والدمار وبقايا أشلاء لا تزال تصرخ تحت الأنقاض والحديد والخراب، الذي أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية التي قصفت كل شيء في غزة. وفي المستشفيات التي تفتقر لكل المقومات يرقد أطفال أصيبوا إصابات مختلفة بنيران الاحتلال منهم من يعاني من الشلل، وآخرون من علل في مختلف أنحاء الجسد، وفي ظل هدنة هشة، ثمة 15 ألف مريض فلسطيني تقول منظمة الصحة العالمية إنهم بحاجة عاجلة لإجلاء طبي.
وتؤكد شبكة الأخبار البريطانية “بي بي سي” أن غزة الآن أبعد ما تكون عن التجهيزات الجيدة، بعد عامين من الحرب تركا مستشفيات القطاع في حالة يُرثى لها.
وفي يوم الأربعاء الماضي، تولت منظمة الصحة العالمية مهمة التنسيق لأول قافلة طبية تخرج من غزة منذ بدء سريان الهدنة الهشّة يوم العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، حيث خرج في القافلة 41 مريضاً و145 من مقدمي الرعاية، باتجاه مستشفيات خارج القطاع عبر معبر كرم أبو سالم الذي تديره إسرائيل، حيث نقلت عربات إسعاف وحافلات هؤلاء القادمين من غزة واتجهتْ صوب الأردن، وهناك، بقي البعض لتلقّي العلاج.
وتنادي منظمة الصحة العالمية بزيادة عاجلة في أعداد الإخلاءات الطبية من أجل علاج آلاف الحالات المرضية، وترغب المنظمة الأممية في أن تصبح قادرة على نقل المرضى عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، كما فعلت في السابق، لكن “إسرائيل” تقول إنها تبقي على معبر رفح مغلقاً ريثما “توفي” حركة حماس بالتزاماتها طبقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، فيما يتعلق بإعادة جثامين رهائن إسرائيليين، بحسب “بي بي سي”.
وفي سلوك غير إنساني تُبقي “إسرائيل” على معبر رفح مغلقاً من جانبها منذ أن سيطرت عليه في أيار 2024 في أثناء الحرب على غزة.
وفي مؤتمر صحفي، قال رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسوس، إن الإجراء الأكثر تأثيراً “يتمثل في أن تسمح إسرائيل بأن يعالج المرضى الغزيون في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، على نحو ما كان قائماً قبل الحرب”.
وتلفت “بي بي سي” إلى أن المطلب من جانب غبريسوس، نادى به من قبل قادة بارزون من الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية أكثر من 20 دولة بينهم المملكة المتحدة، كما عرضوا تقديم “مساهمات مالية، وإمدادات طبية سواء بالأجهزة أو بالكوادر”.
ومنذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي قادتها “حماس” فيما عرف بطوفان الأقصى، تتذرع “إسرائيل” بدواع أمنية لعدم السماح للمرضى الغزيين بالعلاج في مناطق فلسطينية أخرى.
وتقول وزارة الصحة في غزة إنها أحصت خلال عام واحد ينتهي في أغسطس/آب 2025 وفاة 740 مريضاً بينهم 140 طفلا، بينما كانوا ينتظرون تلقّي العلاج.
ومنذ وقف إطلاق النار، تسرب الأمل وغادر من نفوس المزيد من المرضى في غزة، بفعل سياسات الاحتلال في حصار المرضى، وفي الأسبوع الماضي، أقيمت صلاة جنازة لطفل لم يتجاوز الثمانية أعوام، مات متأثراً بسرطان الأمعاء، وفي اليوم التالي، فارق طفل آخر (ثلاث سنوات) الحياة متأثراً بسرطان الدم، كما فارق طفل ثالث (ثماني سنوات) الحياة متأثراً بالتهاب الكبد.
وما لم يتم اتخاذ إجراء عاجلة، فإن كثيرين آخرين من الغزيين لن يجدوا فرصة للعيش في سلام، وسيكون الموت مصيراً محتوماً لهم بسبب نقص الخدمات والعلاج، بحسب ما تؤكد منظمة الصحة العالمية، ووزارة الصحة في قطاع غزة المنكوب الذي يعيش فصولاً من المعاناة بين الموت والحياة.