الثورة – وفاء فرج:
مبادرة مستقبل الاستثمار التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، أحد الخطوات الهامة لعودة الاقتصاد السوري إلى التفاعل مع المحافل الاقتصادية الإقليمية والدولية، وإعلانه عن هويته التنافسية الحرة.
رئيس غرفة تجارة دمشق، المهندس عصام غريواتي، يرى أن سوريا أصبحت الآن “في قلب الحدث الاستثماري العالمي”، مشيراً إلى أن الاقتصاد السوري أصبح أكثر تقبلاً وتفاعلاً مع الأحداث الاقتصادية العالمية، وقد أعلن عن توجهاته وهويته الحرة التنافسية. وفي هذا السياق الاستراتيجي، اعتبر أن مشاركة سوريا في مبادرة مستقبل الاستثمار التي ستعقد في المملكة العربية السعودية، وبأعلى مشاركة رسمية بحضور السيد الرئيس أحمد الشرع، هو “الحدث الأهم اقتصادياً لعام 2025” بالنسبة للاقتصاد السوري.
وأوضح أنه سيتم خلال المبادرة عرض حزمة من المشاريع الكبرى على مستوى المنطقة، خاصة في مجال البنى التحتية والمرافق الأساسية، بالإضافة لمشاريع العمران والسكن والصناعة والخدمات، والتي تتمتع بجدوى اقتصادية ومعدلات عائد غير متاحة في دول أخرى.
وأكد أن هذا يسهم في دخول الشركات والمؤسسات الفاعلة عالمياً في مسيرة إعادة البناء والإعمار التي تحتاجها سوريا للنهوض. وشدد غريواتي على أن سوريا بحاجة لتجديد اقتصادي وتقني وتكنولوجي وإداري عالٍ للحاق بركب التطور العالمي الذي تخلفت عنه، مؤكداً أن المشاريع والرؤى التي سيتم عرضها أمام الدول والشركات ستكون إحدى خرائط الطريق التي وضعتها الحكومة السورية لمسار طويل من الجهد التنموي لنهوض سورية الجديدة المتجددة. فرص كبيرة وفي السياق ذاته، أكدت عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، نادين الشاوي، على الأهمية القصوى للمشاركة والتعاون الدولي في المرحلة الحالية، مشيرة إلى حجم الدمار الهائل الذي لحق بالبلاد في جميع القطاعات.
وشددت الشاوي على أن هناك فرصاً كبيرة الآن لإعادة إعمار بلد بأكمله، مؤكدة أن “الشعب السوري عانى ويستحق أن يمد العالم يده له”.

تحديات “النظام المخلوع”
من جانبه أكد العضو السابق لغرفة تجارة دمشق، مصان نحاس، أن سوريا كانت على مر مئات السنين مركزاً للاقتصاديين ورجال الأعمال والتجارة، نظراً لموقعها الجغرافي والتاريخي والزراعي المتميز، مشيراً إلى أن البلاد تتمتع بمزايا تنافسية كبيرة، أبرزها وفرة الأيدي العاملة ورخص المواد الأولية. وفي تحليل لأهمية الاستثمار في سوريا، استعرض نحاس التحديات السابقة والفرص الحالية والمستقبلية، مشيراً إلى أن الاستثمار في الفترة الماضية كان ضعيفاً بسبب ممارسات “النظام المخلوع” التي كانت تشترط على أي مستثمر أجنبي مشاركة أحد المسؤولين لضمان نجاح استثماره، ما أدى إلى إضعاف الاستثمار وهروب رؤوس الأموال وهجرة الصناعيين والتجار.
وأشار نحاس إلى وجود “صرخة عالية” موجهة لجميع رجال الأعمال السوريين الناجحين في الخارج للعودة والاستثمار في وطنهم، مؤكداً أهمية ضمان الاستثمار، والإعفاء الضريبي، والتسهيلات المقدمة حالياً لجذب رؤوس الأموال.
ولفت إلى أن مشاركة سوريا في اللقاء المهم في المملكة العربية السعودية، ومشاركة الرئيس أحمد الشرع في مؤتمر الاستثمار العالمي بالرياض، يعكس انفتاحاً وفرصاً جديدة.
ورأى نحاس أن المرحلة القادمة لسوريا هي مرحلة إعادة الإعمار والتطوير الاقتصادي، مع التركيز على تنشيط الزراعة والصناعة. وأضاف: أنه تشمل القطاعات المستهدفة البنية التحتية والبناء، مشاريع الطاقة والصحة والتكنولوجيا، الزراعة وتربية الثروة الحيوانية والسمكية، والمشاريع السياحية، مشدداً على أن دمشق تحتاج إلى أكثر من 20 إلى 25 فندقاً فخماً لكي تنهض بالسياحة، التي تعتبر اللبنة الأولى للاقتصاد الوطني. ونفى نحاس ما يُشاع بأن الحديث عن الاستثمار في سوريا هو مجرد “بروباغندا إعلامية”، مؤكداً أن هناك مستثمرين حقيقيين وقعوا عقوداً وبدؤوا بالفعل في الاستثمار من دول عربية (السعودية، قطر، الإمارات) ودول إقليمية (تركيا، الهند). وتوقع نحاس أن تكون سوريا “لؤلؤة المستقبل” ونقطة تحول من النظام السابق إلى نظام حديث للاستثمار، متوقعاً ارتفاع أسعار العقارات والأراضي نتيجة لتدفق المستثمرين، والقضاء على البطالة، وتحويل المنتجات المستوردة إلى صناعة سورية محلية، معرباً عن أمله في “عهد صناعي زراعي سياحي اقتصادي متألق” في ظل القيادة الجديدة والابتعاد عن الفساد.
رسالة واضحة
من جهته أبدى رجل الأعمال والصناعي حسام مكي تفاؤله في مشاركة سوريا في مبادرة مستقبل الاستثمار لعام 2025، معتبراً أنها تمثل خطوة بالغة الأهمية في مسار عودتها إلى الساحة الاقتصادية الإقليمية والدولية.
وأوضح مكي أن هذه المشاركة لا تُعد مجرد حضور رمزي، بل هي رسالة واضحة بأن سوريا تتجه بثبات نحو مرحلة الإعمار وإعادة بناء اقتصادها على أسس حديثة ومستدامة.
وأشار إلى أن مبادرة مستقبل الاستثمار تُعد منصة عالمية تجمع قادة الاقتصاد والمستثمرين، ومشاركة سورية فيها تفتح آفاقاً جديدة لجذب الاستثمارات، وتعزيز الثقة ببيئة الأعمال السورية، وإبراز الفرص الكبيرة المتاحة في قطاعات الصناعة، والزراعة، والطاقة، والبنى التحتية.
وخلص إلى أن سوريا اليوم أمام مرحلة جديدة عنوانها العمل والشراكة والانفتاح على العالم، بما يعكس إرادة السوريين في بناء مستقبلهم الاقتصادي بسواعدهم وبالتعاون مع كل من يؤمن بقدرة بلدنا على النهوض مجدداً.