الثورة – متابعة لينا شلهوب:
شهدت بلدة سراقب في ريف إدلب الشرقي خطوة مهمة على صعيد النهوض بالقطاع التربوي، تمثلت في إعادة تأهيل ثلاث مدارس كانت خارج الخدمة منذ عدة سنوات، لتعود من جديد إلى استقبال الطلاب ضمن بيئة تعليمية أكثر أماناً وتحفيزاً.
وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة شاملة لتحسين الواقع التعليمي في المنطقة، استجابةً لحاجة المجتمع المحلي، وحرصاً على ضمان حق الأطفال في التعلم، بعد فترة طويلة من المعاناة والحرمان.
مدير الأبنية المدرسية في وزارة التربية والتعليم المهندس محمد الحنون، بيّن أن أعمال التأهيل التي جرت على مدى عدة أشهر شملت ترميم الجدران المتصدعة، وإصلاح النوافذ المكسورة بما يتيح دخول الإضاءة الطبيعية، ويحمي القاعات من ظروف الطقس القاسية، كما جرى صيانة الأبواب المتهالكة، وتعبيد الأرضيات بما يسهل حركة الطلاب، ويعزز من النظافة العامة داخل الصفوف والممرات، وإلى جانب ذلك، أولت فرق الصيانة اهتماماً خاصاً بالمرافق الصحية، إذ أعيد تأهيلها بشكل يضمن سلامة استخدامها، كما جرى إصلاح الأسقف لتأمين بيئة تعليمية أكثر أمناً واستقراراً.
وأضاف الحنون: إن هذا الجهد لم يكن مجرد عمل إنشائي فحسب، بل جاء استجابة مباشرة لحاجة ماسة لأهالي البلدة، الذين عانوا طويلاً من اضطرار أبنائهم للانتقال إلى مدارس بعيدة أو الانقطاع عن التعليم في بعض الأحيان بسبب غياب المؤسسات التربوية المؤهلة، ومع إعادة فتح هذه المدارس، بات بإمكان مئات الأطفال العودة إلى مقاعد الدراسة في أجواء أكثر قرباً وألفة، ما يخفف الأعباء عن الأسر ويمنح الطلاب فرصة متابعة تحصيلهم العلمي بشكل منتظم.
تجدّد للآمال
وحول الأثر الإيجابي لهذه الخطوة، لفت الحنون إلى أن ذلك يتجاوز حدود البنية التحتية ليطال مختلف جوانب الحياة في سراقب، فالتعليم يمثل ركيزة أساسية في إعادة بناء المجتمعات، وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات.
ومع كل مدرسة تعاد إلى الخدمة، تتجدد آمال الطلاب في مستقبل أفضل، ويستعيد المعلمون دورهم في تنشئة جيل واعٍ ومثقف قادر على المساهمة في عملية التنمية المجتمعية، كما أن تحسين الواقع التعليمي ينعكس بدوره على الاستقرار الاجتماعي، إذ يخفف من مظاهر التسرب المدرسي، ويحصّن الأطفال من المخاطر التي قد تنجم عن البطالة المبكرة أو الانخراط في سلوكيات سلبية، إضافة إلى ذلك، تسهم هذه الجهود في تعزيز روح التعاون بين مختلف شرائح المجتمع، فقد شكّل مشروع إعادة التأهيل مناسبة لتكاتف الأهالي والجهات المحلية والداعمين، ما عزز شعور الانتماء والمسؤولية المشتركة تجاه الأجيال القادمة، وبذلك، لم تعد المدارس مجرد مبانٍ تعليمية، بل تحولت إلى رموز للأمل والصمود في وجه التحديات.
إن إعادة تأهيل مدارس سراقب تمثل نقطة انطلاق جديدة في مسار طويل لإصلاح العملية التربوية في ريف إدلب الشرقي، لكنها في الوقت نفسه رسالة واضحة بأن الاستثمار في التعليم هو السبيل الأنجع للنهوض بالمجتمع وتحصينه من الأزمات، ومع عودة الحياة إلى هذه المدارس، يعود الأمل إلى قلوب الطلاب وأسرهم، ويتجدد الإيمان بأن مستقبل المنطقة يبدأ من قاعة صفية ومن كتاب يفتحه طفل لينطلق منه نحو الغد.