الثورة – مريم إبراهيم:
بعد أربعة عشر عاماً على إغلاقه، يعود معهد متعددي الإعاقة في دمر للواجهة والعمل من جديد، بعد إعادة تأهيله من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وإنجاز أعمال الترميم الشامل والتجهيز المتكامل، في إطار خطط اهتمام الوزارة بشريحة ذوي الإعاقة من مختلف أنواع الإعاقة وتصنيفها ودرجاتها.
تشاركية
وتبين الوزارة أن المعهد سيخدم مختلف حالات الإعاقة ويوفر بيئة تعليمية وتأهيلية للأشخاص من ذوي الإعاقة وستنفذ فيه نشاطات وتمكين مهني وعلمي، إذ الاهتمام بذوي الإعاقة الذين يشكلون من ٢٨ حتى ٣٠ بالمائة في سوريا، فهناك إعاقة جديدة من ضحايا الحرب، وأفراد آخرون أصبحوا تحت مسمى ذوي الإعاقة.
وحسب معلومات الوزارة تتضمن أعمال تأهيل المعهد المساحات المخصصة للأطفال، وذلك بهدف تمكينهم من اكتساب المهارات اللازمة في حياتهم اليومية وفي الوسط المحيط.
ويقدم المعهد الذي تم العمل على ترميمه وتأهيله مجمل الخدمات الصحية والمهنية والتدريبية اللازمة، بما يمكّنه من أن يصبح بيئة آمنة مجهزة بكل المرافق الخدمية، وبالتالي استعادة الثقة والانطلاق نحو الاندماج في المجتمع، إذ تسعى الوزارة لإحداث عملية الاندماج هذه ليصبح ذوو الإعاقة من الأفراد الفاعلين والمؤثرين، وبالتالي تبدو خطوة التأهيل للمعهد الخاصة بهم خطوة تمهيدية هامة، مع التأكيد أن تكون هذه المعاهد تحت مجهر الوزارة لاستمرار الخدمة الاجتماعية المطلوبة لهذه الشريحة.
وكانت الوزارة دعت للمشاركة في حملة تطوعية لإعادة تنظيف وتشجير حديقة المعهد مؤخراً، وشارك في هذه الحملة خمسون متطوعاً، شاركوا في أعمال تنظيف وترتيب المعهد، وكذلك تشجير وتجميل الحديقة الخاصة به، كما شاركت وزير الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات المتطوعين في أعمال تأهيل حديقة المعهد عبر حضورها ومشاركتها جانباً من هذه الأعمال، ويأتي ذلك تمهيداً لافتتاح المعهد بشكله الجديد وإعادته للخدمة ومتابعة العمل والخدمات المجتمعية التي يمكن أن يستفيد منها ذوو الإعاقة بمختلف أنواع الإعاقة وتصنيفها.
معاهد تنتظر
تبدو أعمال تأهيل المعهد خطوة مهمة ولافتة للوزارة في الظروف الحالية والأوضاع المعيشية الصعبة، فذوو الإعاقة وأسرهم يعانون معاناة كبيرة في تأمين مستلزمات حياتهم اليومية، ويتكبدون كثيراً من المشقة في مجمل تفاصيل التعامل مع الظروف المادية والمجتمع، ورغم كل الظروف والتحديات يطمحون لواقع أفضل واندماج مجتمعي يحقق لهم طموحهم وغاياتهم في أن يكونوا أفراداً فاعلين في مجتمعهم كما بقية الأقران الآخرين.
بالمقابل.. هناك معاهد ذوي إعاقة وخدمة مجتمعية أخرى خرجت عن الخدمة، تحتاج إعادة تأهيل وترميم لتعود للعمل من جديد وتسجل خدماتها المجتمعية، وتفعيل أدوارها في خدمة شريحة مهمة من المجتمع، يجب أن تولى كل الاهتمام والرعاية والخدمة والحماية الاجتماعية المطلوبة.
الخبيرة الاجتماعية دينا محمد وفي لقاء لصحيفة الثورة، تبين أن هناك عدة معاهد ومراكز تُعنى برعاية وتأهيل ذوي الإعاقة، ومؤسسات أخرى تقدم خدمات صحية وتعليمية وتأهيلية متنوعة للأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف المحافظات السورية، ويوجد معاهد ومراكز تدريبية ومهنية لذوي الإعاقة، وهناك المؤسسات التعليمية التي تقدم خدمات التعليم الخاص للأطفال من ذوي الإعاقة، ومراكز التأهيل الشامل التي تقدم خدمات متكاملة تشمل التأهيل الطبي والنفسي والاجتماعي والمهني، مع خدمات أخرى منها التدخل المبكر.
وتقدم بعض المراكز خدمات التدخل المبكر للأطفال ذوي الإعاقة لتجنب المضاعفات، وكذلك التأهيل المجتمعي الذي يتم بهدف دمج ذوي الإعاقة في المجتمع من خلال الأنشطة والبرامج التنموية، مع الدعم النفسي والاجتماعي الذي تقدمه بعض المراكز لذوي الإعاقة وأسرهم، وكذلك التوعية والتثقيف، إذ تعمل بعض المؤسسات على نشر الوعي المجتمعي حول قضايا الإعاقة.
ومن المهم الانتباه والاهتمام لتأمين الكوادر العاملة في معاهد ذوي الإعاقة وللمعالجين في هذه المعاهد وضرورة تمكينهم، وتعيين خريجي جامعات وذوي الاختصاص المناسب للتعامل مع هذه الشريحة لضمان الخدمة الأفضل.
تحديات
وتشرح منى سعيد- والدة طفلة لديها إعاقة حركية المعاناة الكبيرة في الاهتمام بطفلتها، وتأمين مستلزماتها، وتتمنى وجود عدد مناسب من المعاهد التي تعنى بذوي الإعاقة، وتقدم لهم الخدمات اللازمة لتخفيف بعض الأعباء عن الأهل، وأهمية وجود معاهد في مختلف المناطق، إذ إن الخدمات المقدمة لهذه الشريحة غير كافية بجميع جوانبها.
ويرى آخرون أن ذوي الإعاقة فئة مهمشة في سوريا، ويعانون من تحديات كبيرة في الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والعمل، بالإضافة إلى مواجهة صعوبات في المشاركة المجتمعية.
وتشير التقارير إلى أن نسبة الإعاقة في سوريا أعلى من المعدل العالمي، وأن ذوي الإعاقة أكثر عرضة للعنف والاستغلال، وهناك تحديات كبيرة تواجههم كغياب التشريعات، على الرغم من وجود بعض القوانين التي تتحدث عن حقوق ذوي الإعاقة، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع يظل محدوداً.
ويعاني ذوو الإعاقة من صعوبة في الوصول إلى التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية، وصعوبة الوصول إلى فرص العمل بسبب نقص التأهيل والتدريب، ونقص الوعي المجتمعي بقضايا الإعاقة، ما يفاقم المشكلات التي يواجهها ذوو الإعاقة، ويعتبرون أكثر عرضة للعنف والاستغلال، خاصة في الظروف الأمنية غير المستقرة، وصعوبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية بسبب نقص الدعم المالي.