الثورة – نورما الشيباني:
مع اقتراب العام الدراسي، وتزامنه مع ظروف اقتصادية صعبة، يقف الأهالي أمام حالة من العجز لتأمين متطلبات أولادهم من المستلزمات المدرسية، وما يرافق ذلك من ارتفاع وتفاوت بالأسعار بين تاجر وآخر وسط ضعف في القوة الشرائية.
شهر متعب
في جولة لمراسلة “الثورة” على أسواق طرطوس، اشتكى عدد من المواطنين من ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية، وعدم تناسب أسعارها مع ميزانياتهم، في إشارة إلى جشع التّجار واستغلالهم لموسم المدرسة وحاجة الأهالي لتأمين حاجات أبنائهم.
محمد سليم- موظف وأب لأربعة أبناء، اثنان منهم في المرحلة الثّانوية والآخران في الابتدائية، أكد أن شهر أيلول متعب له وللكثير من الأسر، والجميع يحسبون له ألف حساب، بسبب تزامن افتتاح المدارس مع موسم المؤونة.
ولفت إلى أن الأسعار لا تزال مرتفعة ومتفاوتة من محل لآخر، وإن تجهيز فرد واحد من أبنائه، يكلفه راتبه بعد الزيادة، هذا إن التزم بنوعية بضاعة متوسطة الجودة.
لا رقابة
من جهته، أشار المواطن محمود الحسن إلى غياب الرقابة على أسعار المستلزمات المدرسية في جميع الأسواق، والتفاوت بين محل وآخر للبضاعة ذاتها دليل على ذلك، لافتاً إلى أنه يتجول في الأسواق بحثاً عن أسعار مقبولة تتناسب مع قدرته الشرائية، لكن الأسعار ترهق ربّ الأسرة وتمتص الراتب مع الحاجة إلى الاستدانة أو بيع حاجات شخصية.
علاء جاسم- موظف، عبّر عن معاناته قائلاً: أعمل طوال اليوم في عملين، إلا أنني أجد صعوبة كبيرة في تأمين الأدوات المدرسية لأبنائي، فعلى الرّغم من انخفاض أسعارها عن العام الماضي، لكنها لا تزال مرتفعة مقارنة مع الدخل وحجم الاحتياجات في هذا الشّهر من مستلزمات مدرسية إلى التحضير لموسم المؤونة استعداداً للشتاء.
وبينت يسرى أحمد، ربة منزل، أنها اقترضت مبلغاً لتأمين ما تيسر من حاجات المدرسة لأبنائها الثلاثة، إذ ستضطر لشراء قسم من الملابس المدرسية مع استخدام الحقائب والأحذية القديمة رغم عدم صلاحيتها، وشراء القرطاسية لاحقاً مع بدء الدوام الفعلي في المدارس.
اختلاف أسعار
من جهته، أكد صاحب متجر لبيع المستلزمات المدرسية أن الأسعار لا تزال مرتفعة بالنسبة لذوي الدّخل المحدود، وأن هناك ركوداً في حركة المبيع بسبب ضعف القدرة الشّرائية، مشيراً إلى لجوء المواطنين لبعض الحيل الإنقاذية، كتبادل الملابس بين الأقارب والأحذية والحقائب القديمة وإعادة تدويرها.
بدوره، كنان سليمان صاحب مكتبة، أوضح أن ارتفاع الأسعار لايزال يطال القرطاسية، وأنه لا علاقة للتاجر بهذا الارتفاع.
وخلال الجولة، حاولنا استعراض أسعار المستلزمات المدرسية في أسواق طرطوس، والتي اختلفت من محل لآخر، إما بسبب الجشع أو بحسب الجودة والعلامة التّجارية، إذ تراوح سعر الحقائب المدرسية بحسب حجمها ما بين ٥٠ إلى ٢٥٠ ألف ليرة سورية.
أما الأدوات المدرسية (الدفاتر، الأقلام، المساطر)، فتتراوح تكلفة الطفل الواحد من ٥٠ إلى ١٥٠ ألف ليرة سورية، وتتراوح أسعار الملابس المدرسية من ١٠٠ إلى ٢٥٠ ألف ليرة سورية للزي الكامل، وفيما يتعلق بالكتب المدرسية، تتراوح أسعار الكتاب الواحد للمرحلة الثانوية بين ٢٠ إلى ٥٠ ألف ليرة سورية حسب الحاجة.
أبعاد اجتماعية ونفسية
من جانبها، تبين الخبيرة التّنموية ليلى المحمد أن الضغوط الاقتصادية التي يعيشها المواطن، ليست فقط على صعيد الأعباء المالية المباشرة، بل تتعداها إلى ضغوط نفسية واجتماعية، فهو يعيش في حالة من القلق المستمر، تسبق شهر المدارس بفترة طويلة مخافة عدم القدرة على توفير احتياجات الأطفال المدرسية، أو تحضير المؤونة للموسم الشتوي، وهذا ما ينشر حالة من التوتر داخل الأسرة.
وتضيف المحمد: للتخفيف من آثار هذه الأزمات، من الضّروري قيام الحكومة بمجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تخفف من معاناة الأسر السّورية، كزيادة الدّعم الحكومي عن طريق توفير دعم مباشر للأسر ذات الدّخل المحدود، إذ تساهم في تكاليف المستلزمات المدرسية والمؤونة عبر المنح أو زيادة الرواتب أو عبر الجمعيات الأهلية.
مشيرة إلى أهمية التّسعير المدعوم للمواد الأساسية، أي العمل على فرض تسعير مدعوم أو تحديد سقف لأسعار المواد الأساسية لضمان وصولها لجميع المواطنين.
تشجيع الإنتاج المحلي
المحمد لفتت إلى أهمية تشجيع الإنتاج المحلي، من خلال زيادة دعم المزارعين المحليين والمنتجين السّوريين، بما يؤدي إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد، وبالتالي خفض الأسعار.
كما يجب على القطاع الخاص أن يلعب دوراً في تخفيف الضّغوط، من خلال تقديم حسومات على المستلزمات المدرسية أو المواد الغذائية، وإجراء المهرجانات، إذ نلاحظ هذا العام غياب وقلة المهرجانات الخاصة بالمستلزمات المدرسية.