الثورة أون لاين – أدمون الشدايدة:
تنطلق الليبرالية بمفهومها الحديث من الفكر الغربي الاستعماري الذي يسعى لرسم خطط جديدة في طريق تحقيق أهدافه للسيطرة على الدول والمجتمعات، عبر طرحه أساليب جديدة تخدم ذلك المشروع الاستعماري الغربي، وتحقق له غاياته بأسهل الطرق ودون أي تكلفة تذكر.
وانطلاقاً من ذلك يعمل الغرب الاستعماري وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية على تكريس النموذج الليبرالي في الدول والمجتمعات لتحقيق مصالحه الاستعمارية ومشاريعه الهدامة والتخريبية، والتي من خلالها يتمكن من فرض سيطرته على تلك الدول والذهاب بها إلى أقصى درجات التبعية.
وما يشكل انعكاساً واضحاً للفكر الليبرالي الذي يصعب فهمه خارج هذا الإطار، هو ظهور الليبرالية بمفهومها المعاصر بهدف تشتيت وخداع المتلقي واستهداف قيمه ومعارفه، ولاسيما ضمن فئة الشباب، الشريحة الأهم في المجتمع، والحاملة لقيم المجتمع الأخلاقية والتي تعتبر إحدى ركائز تحصين المجتمع داخلياً.
أكثر من ذلك فإن الليبرالية تنضوي على كوارث تقود الدولة والمجتمع والفرد إلى الهاوية عبر ضرب مفهوم العدالة الاجتماعية والحرية الفردية الحقيقية التي تؤمنها له القوانين المعمول بها في الدولة والأعراف السائدة في المجتمع، وتضع عوضاً عن ذلك الفوضى واستباحة الآخر، وصولاً إلى القصور الأخلاقي وغيره الكثير من صور تدمير المجتمع.
إذاً تختلف الأساليب المتبعة إلا أن الهدف واحد، حيث المشروع التدميري ذاته، وهو ما يحتاج اليوم إلى وضع الاستراتيجيات المناسبة لكل دولة مستهدفة ومجتمع مستهدف لمواجهة آثار “الليبرالية الحديثة” والوقوف في وجه امتدادها الخطير وتغلغلها العشوائي.
فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن التربية الأسرية والمجتمعية التي تقوم على ركائز الأخلاق والقيم والمبادئ هي أحد العوامل الأساسية التي تساعد على التصدي لذلك الفكر الهدام ومواجهته، من خلال كونها تقوم بإعداد وتربية الإنسان تربية وطنية وأخلاقية تحافظ على حريته، وفي نفس الوقت تضمن حرية الآخرين والمجتمع تحت عنوان الانتماء للوطن، وكذلك تعمل على تنظيم العلاقات المتنوعة في الدولة وتحول دون تصادمها، خلافاً لما يريده الغرب الاستعماري لمجتمعاتنا.
كذلك يلعب الإعلام دوراً كبيراً في التصدي لتلك السموم الغربية، عبر التوعية المجتمعية المستمرة بخطورة تلك الأيديولوجيات الغربية الهدامة وتغطية كل البرامج التي تفيد في هذا المجال، وتصويب البوصلة نحو سكة الحلول، والعمل على نشر وعرض وتوثيق كل ما شأنه تثبيت مفهوم الانتماء والولاء للوطن وبيان حقيقته العملية.