الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
في تشرين الأول الماضي، أجرت روسيا والصين مناورة بحرية مشتركة استغرقت أسبوعاً وهي الأولى من نوعها في غرب المحيط الهادئ.
فقد أبحرت خمس سفن حربية روسية وخمس سفن حربية صينية عبر المياه الدولية لمضيق تسوغارو، الذي يفصل جزيرة اليابان الرئيسية عن جزيرة هوكايدو الشمالية، من أجل “الحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ”.
وأكدت وزارة الدفاع الصينية أن التدريبات المشتركة تهدف إلى “زيادة تطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا في العصر الجديد، وتعزيز قدرات العمل المشترك للطرفين، والحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي الدولي والإقليمي”.
لكن ما هي هذه “الحقبة الجديدة” من الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا والصين؟.
بعد الحرب الباردة كانت روسيا تأمل في عالم جديد أكثر تعاوناً وتشاركية، ويقول أستاذ السياسة الروسية والأوروبية في جامعة كينت، ريتشارد ساكوا إن روسيا أرادت في نهاية الحرب الباردة تجاوز التكتلات والانقسامات، لكن أمريكا أصرت على الحفاظ عليها.
وروسيا تريد الانضمام إلى مجتمع دولي متحرر من التحالفات ويتألف من شركاء متساوين يتعاونون مع بعضهم البعض، ولم تقدم أمريكا لروسيا سوى دعوة للانضمام إلى مجتمع موسع بقيادة أمريكية كعضو “مهزوم ومرؤوس”.
وفي عام 2012، أدركت روسيا أن الخيار الوحيد الذي عرضته أمريكا هو خسارة الحرب الباردة، وليس إنهاؤها، أما في عام 2014، فقد تخلت روسيا عما يسميه ساكوا “آخر موانع السلام الباردة”.
وفقاً لألكسندر لوكين من جامعة HSE في موسكو في مقال نُشر مؤخراً، فقد استغرق الأمر من الصين وقتاً أطول لقبول حقيقة الحرب الباردة الثانية. وكان تحديداً عام 2016، عندما أعلنت الولايات المتحدة حرباً تجارية شاملة على الصين، وعندها انضمت إلى روسيا في إدراك تام بأن “النظام الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون لن يقبلهم أبداً على قدم المساواة”.
وبعد قبول الحرب الباردة الثانية التي واجهت فيها عقوبات، ومواجهة من كتلة بقيادة الولايات المتحدة، تحولت روسيا والصين أولاً إلى بعضهما البعض من خلال معاهدة حسن الجوار، حيث يلتزم البلدان بعدم الدخول في “أي تحالف أو أن يكونا طرفاً في أي كتلة من الممكن أن تهدد سيادة الآخر وأمنه وسلامته الإقليمية”.
يقول لوكين إنه في 5 حزيران 2019، وقعت روسيا والصين بياناً مشتركاً يعلن عن “تعاون شامل وإستراتيجي”، وأن موسكو تطور رسمياً “شراكة استراتيجية ” مع بكين، مما يجعل الصين ليس فقط صديقاً، بل حليفاً عملياً”.
كما بدأت روسيا والصين معاً في إنشاء منظمات دولية جديدة، من بينها دول البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون (SCO). وفي هذه المرحلة الأولى من الرد على إصرار أمريكا على حرب باردة ثانية، لم يكن القصد من المنظمات الجديدة أن تكون كتل حرب باردة جديدة، بل كان القصد منها أن تكون ثقلاً اقتصادياً، وسياسة خارجية موازنة لتحقيق التوازن بين الولايات المتحدة وتعزيز عالم متعدد الأقطاب.
تمثل بريكس، وهي اختصار للبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، 44 بالمائة من سكان العالم و 25 بالمائة من الاقتصاد العالمي، إلا أن الهيئة الجديدة الأكثر أهمية قد تكون منظمة شنغهاي للتعاون حيث تنضم إلى روسيا والصين، الهند وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وإيران.
ووفقاً لساكوا، فقد وصف بوتين العلاقات الصينية الروسية بأنها “علاقة ربما لا يمكن مقارنتها بأي شيء في العالم”، كما أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ على العلاقة اسم “شراكة استراتيجية “.
لكن المناورات البحرية المشتركة الأخيرة هي الأحدث في سلسلة من الأنشطة التعاونية التي قد تجلب الشراكة الاستراتيجية إلى ما تسميه الصين “حقبة جديدة”. وفي هذا العصر الجديد، قد تتوسع الشراكة الاستراتيجية لتشمل شراكة عسكرية.
يقول فاسيلي كاشين، زميل في معهد دراسات الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إنه “منذ عام 2018 ، وصل التعاون العسكري بين البلدين إلى مستوى جديد” من “تحالف ضمني”، وقال بوتين “هذه علاقة حليف بالمعنى الكامل لشراكة استراتيجية متعددة الأوجه”.
وأفاد لوكين أن روسيا باعت الصين “أحدث جيل من الأسلحة، بما في ذلك 24 طائرة مقاتلة من طراز Su-35 ونظام الدفاع الجوي S-400 الخاص بها، وفي عام 2019، ساعدت روسيا الصين في بناء وتركيب نظام إنذار للهجوم الصاروخي.
وقال كاشين أنه في عام 2017، أجرت سفن البحرية الروسية والصينية مناورات مشتركة في بحر البلطيق، وفي عام 2019 ، حلقت القاذفات بعيدة المدى الروسية والصينية في مناورة مشتركة فوق المحيط الهادئ.