الثورة- فؤاد الوادي:
شهادة جديدة توثق إجرام النظام الأسدي بأبشع صوره وأكثرها وحشية ودموية، وللدرجة التي لا يمكن لأي إنسان أن يتابعها بشكل متواصل حتى لمجرد دقائق، دون أن يشعر بالغثيان والتقيؤ، ودون أن تنتابه مشاعر الهلع والفزع والجزع من هول المشهد وهو يتجسد واقعاً ماثلاً.
كمٌ هائل من الوحشية يفوق استيعابه طاقة الروح و قدرة الذاكرة التي باتت مثقلة جدا بصور ومشاهد القتل والإجرام والى الحدود التي أضحت فيها تئن من هول الوحشية التي كانت تسكن في أقبية الظلام، حيث كانت تعتاش وحوش النظام على أجساد الشهداء وأنين الأطفال والنساء.
في لقاء مع تلفزيون سوريا، يروي محمد عفيف نايفة والذي عرف ب” حفار القبور ” ، حكايته مع ضباط من فرع المخابرات الجوية بدمشق، عندما أجبروه على الانضمام إلى فريق دفن جثث الثوار والمعتقلين الذين استشهدوا جراء التعذيب في المعتقلات والسجون.
ويتحدث نايفة عن مشاهد مرعبة وتفاصيل تقشعر لها الأبدان خلال عمليات دفن جثث الثوار والمعتقلين الذين كان يكدسهم النظام في برادات كبيرة معدة للتصدير وبشكل شبه يومي ليقوم بدفنهم بمقابر جماعية في نجها والقطيفة في محيط الفرقة الثالثة، وفي الصبورة في معسكرات الفرقة الرابعة،وفي مطار المزة العسكري، حيث كان عدد الجثث يتراوح أسبوعياً ما بين ٣٠٠ إلى ٦٠٠ جثة.
وفي تفاصيل مرعبة ومروعة يذكر نايفة، أنه في احد المرات وبينما هم يحاولون إفراغ البراد من الجثث المتكدسة فوق بعضها،كان هناك جثة عليها علامات الحياة وفيها بقايا أنفاس، فسارع على الفور لإخبار الضابط المرافق ل( شحنة الجثث ) الذي أخبرهم بوضعها منفردة بمحاذاة المقبرة، معتقدين أن الضابط سيطلب منهم إسعافها ونقلها إلى المشفى، لكنهم اصيبوا بالذهول والصدمة عندما شاهدوا الضابط يطلب من سائق التركس المجنزر أن يدهس الجثة أكثر من مرة حتى سويت بالأرض!!؟؟.
وفي تفاصيل أخرى أكثر رعباً، يتحدث نايفة عن مشهد أكثر إيلاماً ووحشية، مشهد جثة لطفلة وقد ظهرت عليها آثار الاغتصاب مرات عديدة.
مشاهد مروعة كثيرة، ذكرها نايفة في شهادته أمام المحاكم الألمانية والأمريكية، لكن أكثرها وحشية وبشاعة على الاطلاق، هي مشهد
جثة امرأة تحتضن رضيعها وقد فارقا الحياة معاً وكانت آثار التعذيب واضحة على جسدها، ومشهد آخر لجثة طفل موضوعة في كرتونة وقد تحطمت رأسه ولا تزال آثار الحذاء العسكري على صدر الطفل!!.
يذكر أن شهادات نايفة، إلى جانب تسريبات مصورة أخرى مثل صور “قيصر” (المساعد أول فريد المذهان، رئيس قلم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في دمشق)، شكلت نقطة تحول في وعي المجتمع الدولي إزاء جرائم النظام البائد ، وأسهمت في دفع مشرعين أميركيين وأوروبيين إلى اتخاذ خطوات لمحاسبة النظام.