الفضة مقابل الذهب..هل يمكن ضمان نفس مستوى الأمان؟   

الثورة  – عبد الحميد غانم :

يحذر الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمود محمد من التعامل مع الفضة بنفس درجة الأمان التي يتمتع بها الذهب، مشيراً إلى عوامل هيكلية تجعل السوق الفضّي “هشاً” وعُرضة لتقلبات حادة، على عكس نظيره الذهبي الأكثر استقراراً.

ووفقاً للخبير الاقتصادي،  يكمن أول وأهم الفروق بين المعدنين الثمينين في حجم السوق، ويُقدّر سوق الفضة بأنه أصغر بحوالي عشرة أضعاف من سوق الذهب.

ويوضح د. محمد لـ”الثورة”: “عندما تتعامل مع سوق أصغر بهذا الحجم، فأنت أمام سوق هش قد يؤدي إلى تزعزع وتباين في الأسعار بين فترة وأخرى”.

مبيناً أن هذه الهشاشة الهيكلية تجعل السوق عُرضة لتأثيرات غير متكافئة من قبل لاعبين كبار، إذ يمكن لصفقات كبيرة نسبياً أن تسبب تقلبات سعرية مفاجئة.

تقلبات حادة

ويُضيف: “في سوق هش مثل سوق الفضة، قد تشهد ارتفاعات كبيرة ومن ثم تشهد انخفاضات كبيرة على عكس سوق الذهب”، وتظهر البيانات التاريخية أن سعر الفضة يشهد تقلبات بنسبة مئوية أكبر من الذهب، فقد سجلت الفضة خلال فترات الأزمات الاقتصادية ارتفاعات صاروخية تليها انهيارات حادة، في حين يحافظ الذهب على مسار أكثر استقراراً.

ويُشير الخبير الاقتصادي إلى فارق جوهري آخر يتمثل في توجهات البنوك المركزية العالمية، فبينما تُعد البنوك المركزية المشتري المؤسسي الأكبر للذهب، فهي تعتبره أحد المكونات الأساسية لاحتياطياتها النقدية، تأتي الفضة في مرتبة أدنى بكثير في سلم أولوياتها.

ويوضح د. محمد: “من ضمن العوامل التي تساهم في ارتفاع سعر الذهب عالمياً هي مشتريات البنوك المركزية العالمية للذهب، لأنه هو أحد مكونات احتياطياتها إلى جانب العملات الأخرى”، وتظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن البنوك المركزية استمرت في زيادة حيازاتها من الذهب خلال السنوات الماضية، مما وفر دعماً هيكلياً للسوق.

في المقابل، “البنوك المركزية لا تعتبر أن الفضة أحد مكونات الاحتياطي الواجب أن يكون موجود لديها”، كما يؤكد الخبير الاقتصادي، وهذا الغياب للمشتري المؤسسي الكبير يحرم سوق الفضة من مصدر استقرار مهم، ويجعله أكثر اعتماداً على المضاربين والمستثمرين الأفراد.

سيطرة المضاربة

وفي ظل غياب الداعم المؤسسي، يهيمن على سوق الفضة ما يُعرف بـ “رؤوس الأموال المضاربة” التي تبحث عن الربح السريع.

ويحذر د. محمد من أن “سوقاً هشاً مثل هذا السوق نحن أمام حالة من تدفقات رؤوس أموال كبيرة، لجانب الربح السريع والخروج والتخارج من السوق”.

وتُظهر الأرقام أن “سعر الفضة من أول العام لغاية اليوم مرتفع تقريباً بنسبة أكبر مما ارتفعه الذهب من بداية العام لغاية اليوم”، مما يؤكد بحسب محمد، وجود “رؤوس أموال كبيرة تضخ في سوق الفضة” بغرض المضاربة.

ويُضيف الخبير الاقتصادي محذراً: “يخشى بأنه بلحظة معينة أن يحدث هناك نقص بالسيولة، وإحجام عن الاستثمار، وانخفاض حجم هذه التدفقات النقدية، وبالتالي يعود السوق إلى الهبوط مجددا”. وهذه الحالة من التدفق والجفاف السريع لرؤوس الأموال تجعل من الصعب التنبؤ بمسار السوق على المدى المتوسط والطويل.

عوامل جيوسياسية واقتصادية

ويرى  أنه لا تختلف الفضة عن الذهب في تأثرها بالعوامل الاقتصادية والجيوسياسية، لكنها تتأثر بها بشكل مبالغ فيه أحياناً.

ويشير  إلى أن سعر الفضة يتأثر بعوامل مثل “إغلاق الحكومة الأمريكية، توقعات بخفض سعر الفائدة، التوترات الجيوسياسية الموجودة”.

كما يؤكد أن “الحديث اليوم المتجدد عن حركة تجارية كبيرة بين أمريكا والصين ورفع الرسوم الجمهورية الأمريكية على الصين” يؤثر على السوق، لكن بتأثير مضخم بسبب هشاشة البنية السوقية.

ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن “الاستثمار بالفضة يتطلب حذراً شديداً”، مؤكداً أن هذا لا يعني عدم الاستثمار فيها تماماً، لكن بشرط فهم طبيعة السوق ومخاطره.

ويقدم د. محمد  للمستثمر المحلي عدة توصيات، في التعامل مع الفضة، وذلك من خلال فهم طبيعة السوق وإدراك أن سوق الفضة سوق مضارب بامتياز، ويتأثر بعوامل مختلفة عن الذهب، ولذلك لابد من تحديد أهداف الاستثمار في الفضة بما يناسب المستثمرين القادرين على تحمل مخاطر عالية، وليس أولئك الباحثين عن ملاذ آمن.

فضلاً عن توزيع المخاطر، لاسيما عدم وضع كل البيض في سلة واحدة، والاكتفاء بحصة محدودة من المحفظة الاستثمارية للفضة.

إلى جانب المتابعة المستمرة لتحركات السوق والعوامل المؤثرة عليه بشكل دقيق ومستمر.

ويختم بالقول: “الغرض هو أنه يجب أن يكون هناك حذر شديد في التعامل مع الفضة”، في رسالة واضحة للمستثمرين المحليين بأن المعدنين رغم اشتراكهما في صفة “الثمين” إلا أنهما يختلفان جذرياً في طبيعة السوق ودرجة المخاطرة.

آخر الأخبار
الفضة مقابل الذهب..هل يمكن ضمان نفس مستوى الأمان؟    تأهيل 750 مدرسة وترميم 850 أخرى ووعود بتأمين مقعد دراسي لكل طالب   فريق الهلال الأحمر الجوال  بالقنيطرة.. خدمات طبية للمجتمعات المحلية   تكاتف سكان "غنيري" ..استعادة لبعض الخدمات وحاجة للاهتمام   إعادة الممتلكات ..تصحيح الظلم وبناء عقد اجتماعي شفاف ومتساو    انطلاق أول معرض للتحول الرقمي بمشاركة 80 شركة عالمية  ضحايا ومصابون بحادثي سير على أتوستراد درعا- دمشق وزير الاقتصاد يلتقي ممثلين عن كبرى الشركات في واشنطن التحويل الجامعي.. تفاصيل هامة وتوضيحات  شاملة لكل الطلاب زيادة مرتقبة في إنتاج البيض والفروج أول ظهور لميسي مع برشلونة… 21 عاماً من الإنجازات المذهلة  بيلوفسكي الفائز بسباق أرامكو للفورمولا (4)  خطة لتمكين الشباب بدرعا وبناء مستقبلهم   الألعاب الشتويّة (2026) بنكهة إيطاليّة خالصة  سوريا في قمة عدم الانحياز بأوغندا.. تعزيز التعددية ورفض التدخلات الخارجية   ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في  طرطوس..  والريف محروم    "حظر الأسلحة الكيميائية"  تعتمد قراراً لتسريع إغلاق الملف الكيميائي السوري  عبدي يتحدث عن لقائه الشرع والتوصل لاتفاق لدمج "قسد" في الجيش السوري  نهائي بطولة الملوك الستة.. سينر وألكاراز يجددان صدامهما في الرياض تأهيل مدارس وشوارع "الغارية الغربية" في درعا على نفقة متبرع