الثورة – نور جوخدار:
توضح التحولات الجديدة في موازين النفوذ بالشرق الأوسط، إلى تراجع الدور الروسي في المنطقة ومدى الضرر الذي ألحقته حرب أوكرانيا بمكانتها الدولية، وهذا ما تجلى بوضوح في قمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شرم الشيخ المصرية بشأن غزة.
وأوضح تقرير تحليلي لصحيفة الغارديان البريطانية أن إلغاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقمة الروسية- العربية التي كانت مقررة في موسكو يعكس تراجع نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، في وقت تستنزف فيه الحرب في أوكرانيا قدراتها العسكرية والدبلوماسية.
ويشير التقرير إلى أن الكرملين كان يأمل في حضور قادة المنطقة إلى موسكو لمناقشة الأمن الإقليمي والعلاقات في مجال الطاقة، إلا أن بوتين اضطر لإلغائها بعدما أكد عدد محدود من الزعماء مشاركتهم، بينهم الرئيس السوري أحمد الشرع والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
ونقلت الصحيفة عن الخبيرة في السياسة الخارجية الروسية هانا نوتّه قولها: إن “الدور الدبلوماسي لروسيا في الشرق الأوسط تراجع نتيجة حرب أوكرانيا، ولم يعد اللاعبون الرئيسيون في المنطقة ينظرون نحو موسكو كما في السابق”.
وأكد التقرير، أن القمة المصرية كشفت عن تحوّل في أولويات زعماء المنطقة الذين باتوا يركزون على تعزيز علاقاتهم مع ترامب، فيما يزداد التوتر مع موسكو بسبب رفض بوتين إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وأضافت الغارديان، أن موسكو رغم تدخلها العسكري في سوريا عام 2015 واستعادة وجودها العسكري على البحر المتوسط، أجبرت على تحويل مواردها بعيداً عن سوريا بسبب الحرب في أوكرانيا، فيما تراجعت قدرتها على دعم نظام الأسد المخلوع في مواجهة أزماته الداخلية، في حين تعرّضت البنى العسكرية الإيرانية الحليف الأبرز لموسكو لهجمات إسرائيلية متكررة.
وبحسب التقرير، لم تلعب موسكو أي دور في المفاوضات التي أفضت إلى وقف النار في غزة رغم علاقاتها الطويلة مع السلطة الفلسطينية واستضافتها وفوداً من حماس، ما أدى إلى توتر علاقاتها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما أعلنت إسرائيل مؤخراً تزويد كييف بمنظومة صواريخ باتريوت.
وبرر بوتين تأجيل القمة الروسية العربية بأنه أراد “عدم التدخل” في مبادرة ترامب، مبدياً جهوده لإنهاء الحرب في غزة، قائلاً: “إذا نجح ترامب في تحقيق ما يسعى إليه، فسيكون حدثاً تاريخياً بحق”، في حين عبّر مسؤولون كبار عن استيائهم من تهميش روسيا.
وأشارت الغارديان إلى أن التراجع الروسي لا يقتصر على الشرق الأوسط، ففي آسيا الوسطى والقوقاز، مثل كازاخستان وأرمينيا وأذربيجان بدأت بالابتعاد عن موسكو التي كانت تعتبرها حليفة تقليدية.
وفي آب الماضي، استضاف ترامب قادة أرمينيا وأذربيجان في البيت الأبيض بعد أن توسط لاتفاق سلام بينهما منح واشنطن حق تطوير “ممر ترامب للسلام والازدهار الدولي”، وهو طريق يربط أذربيجان بمقاطعة ناخيتشيفان عبر الأراضي الأرمينية.
واختتم التقرير بالإشارة إلى إعلان الكرملين أن قمة “روسيا والعالم العربي” قد تُعقد في تشرين الثاني المقبل، في محاولة لإنقاذ ما تبقى من صورة موسكو كقوة دولية، لكن حذر من أن القمة لن تعيد لروسيا مكانتها كلاعب رئيسي في المنطقة وفق ما نقل عن الخبيرة هانا نوتّه.