الثورة _ ترجمة ختام أحمد:
بقوة إرادته وأسلوبه الذي يُقارب أسلوب المافيا، يبدو أن الرئيس دونالد ترامب قد جرّ الشرق الأوسط إلى شفا سلامٍ غير متوقع.
وسط تصفيق حار في الكنيست يوم الاثنين، أعلن أن حرب إسرائيل الطويلة قد انتهت، كان هذا الإعلان متناغماً تماماً مع الاستعراض الترامبي، ولكن على أرض الواقع، من غير الواضح تماماً أن الحرب قد انتهت حقاً.
الاتفاق الذي وافقت عليه إسرائيل قبل أسبوعين هو خطة من عشرين بنداً، تتضمن نزع سلاح حماس، والنزوح، وإفساح المجال لحكومة فلسطينية مدنية مدعومة من لجنة إشراف إقليمية ودولية معقدة حظي بدعم ليس فقط من معظم الدول الغربية والعربية، بل أيضاً من قطر، التي كانت راعية حماس سابقاً.
كان العرض هذا الأسبوع – سواء في إسرائيل أم في منتجع شرم الشيخ المصري، الذي استدرج إليه ترامب عشرات القادة العالميين والإقليميين – مبنياً على فكرة أن هذه الخطة أصبحت واقعاً ملموساً.
وقد وقّع ترامب وقادة عرب وثائق لإثبات ذلك ولكن دون حضور الطرفين المتقاتلين، إسرائيل وحماس.
لم يسمع أحدٌ حماس توافق على نزع سلاحها، ما سمعناه هو تصريح ترامب بأن الحركة وافقت على “السلام”. إذا كانت حماس لا تزال تمتلك السلاح وترفض التخلي عنه، فقد ترغب إسرائيل قريباً في استئناف الحرب، وسيكون كلامها مُحقاً.
لكن القيام بذلك سيكون الآن صعباً للغاية بعد أن احتفل الجميع، من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، بـ”مؤتمر السلام” الذي دعا إليه ترامب.
لقد استثمر ترامب الكثير من هيبة أمريكا في ادعاء النصر لدرجة أنه لا يستطيع السماح للحقائق بأن تناقضه. من المحتمل أن يكون ترامب قد حصل في شرم الشيخ على دعم عربي لضمان خضوع حماس. لكن من المحتمل أيضاً أن تستمر إسرائيل والمنطقة وسكان غزة المساكين في تحمل عبء هذه الجماعة المسلحة مستقبلاً.
في الواقع، عيّنت الجماعة زعماء محليين وأعدمت العشرات من المتهمين بـ “التعاون” – وهي ليست بوادر استسلام وشيك.
لطالما كان نهج ترامب تجاه المنطقة امتداداً لشخصيته، التي تعتمد إلى حد كبير على التهديد والوعيد، مع استخدام النفوذ كلما أمكن.
في حرب أوكرانيا، يفتقر ترامب إلى نفوذ كافٍ على روسيا، لكنه في الشرق الأوسط يتمتع بنفوذ على جميع الأطراف. لا تستطيع إسرائيل مواصلة الحرب من دونه، وتريد قطر ودول الخليج الأخرى ضمانات أمنية وتسهيلات تجارية، وتريد تركيا طائرات إف-35، وتريد مصر من الحوثيين في اليمن التوقف عن عرقلة التجارة البحرية المتجهة إلى قناة السويس.
أساليب ترامب في الإطراء والرشوة بدائية، لكنها قد تنجح في هذا الجزء من العالم. فالثقافة التي تحترم السلطة والترهيب والإذلال أكثر من الإجماع المهذب، تستجيب أحياناً بشكل أفضل لرجلٍ يُمارس القوة على حساب رجلٍ يدعو إلى السلام ويتعامل مع المشاكل بأدبٍ ولباقة.
قد تكون حرب غزة بمثابة إعلان نصر سابق لأوانه، إذا اتضح أن حركة حماس قد اغتنمت فرصة السلام ورفضت نزع سلاحها، فسيواجه نتنياهو مشكلة سياسية جسيمة: كان من الممكن التوصل إلى اتفاق كهذا – رهائن مقابل إنهاء الحرب – قبل عام أو أكثر، قبل مقتل عشرات الرهائن ومئات الجنود (بالإضافة إلى آلاف الفلسطينيين).
سيزيد هذا من متاعبه في الانتخابات، التي يجب إجراؤها خلال عام على الأكثر. لقد كانت السنتان الماضيتان من الحرب مدمرة. في الأسابيع المقبلة، ومع وصول وسائل الإعلام الدولية – والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الإنسانية العالمية المستقلة والنزيهة حقاً – إلى غزة، فإن الدمار الذي سيجدونه هائل جداً، وقد تواجه إسرائيل أسئلةً صعبة حول الدمار الذي ألحقته بغزة. ألم يكن من الممكن الحد منه؟ هل كان كل شيء ضرورياً للغاية؟ ما الذي حققته؟.
ومن ناحية أخرى، قد يزعم البعض أن المعادلة الاستراتيجية ــ بالنسبة لإسرائيل، والفلسطينيين المعتدلين، والمنطقة، والعالم ــ أفضل بما لا يقاس مما كانت عليه قبل الحرب.
قد يكون ترامب منغمساً جداً في رواية نهاية الحرب لدرجة أنه لا يسمح لإسرائيل باستئناف القتال، لكن بإمكان العالم العربي – وخاصةً الممولين الخليجيين – إتمام المهمة بربط أي أموال لإعادة إعمار غزة بالتزام حماس بخطة ترامب، وصولاً إلى حد إلزامها بإلقاء سلاحها، كل شيء يعتمد الآن على هذا.
المصدر _ Newsweek