تكشف حادثة نشر صور جوازات سفر أعضاء الوفد السوري الذي زار لبنان مؤخراً، عبر منصات التواصل الاجتماعي وبعض مواقع الإعلام اللبناني، عن خلل أمني وإداري وربما سياسي، ما زال يفرض نفسه على الساحة اللبنانية.
وما قاله نائب رئيس الوزراء اللبناني طارق متري تعليقاً على هذه الحادثة: “إن العلاقات بين من يعملون على تعزيز الثقة بين اللبنانيين والسوريين، أقوى من محاولات التشويش والتخريب”، يؤكد من دون أدنى شك بأن هناك من يسعى إلى تعطيل مسار العلاقة المنفتحة بين دمشق وبيروت، عبر إثارة البلبلة السياسية والأمنية والإعلامية، خدمة لأجندات خارجية لا تخدم المصلحة اللبنانية ولا السورية.
ومع أن هذه الحادثة الغريبة والمستهجنة، لاقت ردود فعل مستنكرة ورافضة لها، في الأوساط اللبنانية الإعلامية والرسمية، إلا أن هذا لا يكفي، وذلك لأن هذا العمل المستهجن لا يمكن تصنيفه إلا كانتهاك صريح لحق الخصوصية وحماية البيانات الشخصية من الناحية القانونية، والتي هي محمية بموجب “قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي” اللبناني رقم 81/2018، وكذلك مبادئ الدستور اللبناني المتعلقة بالحريات الفردية.
ومنذ قيام العلاقات بين الدول، جرت العادة في الأعراف الدبلوماسية، أن تُعامل الوفود الرسمية بحصانة واحترام، خاصة عندما تتم الزيارة بالتنسيق الكامل بين الجهات المختصة في البلدين، وبالتالي، فإن تسريب وثائق رسمية، تحمل بيانات حساسة وشخصية، مثل جوازات السفر، يتعارض كلياً مع الأعراف الدبلوماسية والمواثيق الدولية، ويشكّل سابقة خطيرة في التعامل مع الوفود الرسمية.
وهذا التصرف غير المسؤول، سواء أتى من جهة رسمية أو غير رسمية داخل الأراضي اللبنانية، لا يمكن وصفه، إلا بأنه انتهاك مباشر للسيادة الوطنية وللأصول المتبعة في العلاقات بين الدول، وفي الوقت نفسه يثير علامات استفهام جدية حول طبيعة الجهات التي تقف وراءه.
وأمام تأكيد الدولة السورية الدائم، وحرصها على علاقات متوازنة مع جميع الدول الشقيقة، فإن على الجهات اللبنانية المعنية القيام بتحقيق شفاف وسريع في هذه الحادثة المشينة، ومحاسبة من يقف وراء هذا التسريب، حرصاً على مصداقية المؤسسات اللبنانية، وصوناً في الوقت ذاته للعلاقات المتنامية والمنفتحة بين سوريا ولبنان.