الثورة – نيفين أحمد:
أكد المحلل السياسي وائل علوان من مركز جسور للدراسات، أن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى روسيا هي استثنائية، كونها تبحث آفاق إعادة بناء العلاقات بين الجمهورية العربية السورية وروسيا الاتحادية، في إطار توجه استراتيجي جديد يعكس أولويات الدولة السورية بعد المراحل الانتقالية الأخيرة.
وقال علوان في حديث خاص لصحيفة الثورة:” إن لقاء الرئيسين الشرع وبوتين جاء في لحظة سياسية مفصلية تتقاطع فيها الملفات الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية، ضمن مسار إعادة التموضع السوري على الساحة الدولية، مضيفا أن أحد أبرز محاور الزيارة هو رسم علاقة جديدة تقوم على مبدأ استقلال القرار والسيادة بعيدا عن أي تبعية سياسية كما كان في مراحل سابقة أيام النظام البائد، بل شراكة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح الوطنية.
وأوضح أن هذا التوجه يعكس رغبة القيادة السورية في توظيف العلاقات الدولية كأداة دعم لبناء الدولة الجديدة لا كقيد على خيارها الوطني، مبينا أن الدولة السورية تسعى اليوم إلى إعادة بناء سوريا وإعادة تموضعها السياسي على المستويين الإقليمي والدولي بشكل يليق بالسوريين ويؤسس لمستقبل مختلف عن الطريقة السابقة التي كان يرهن بها النظام البائد سوريا للتجاذبات الإقليمية والدولية”.
وأضاف علوان أن “الحديث عن روسيا يحمل بعداً مركباً، فهي الداعم السابق للنظام خلال سنوات الحرب وتدمير المدن السورية، لكنها في الوقت نفسه تمتلك قدرة كبيرة على المساعدة في عملية إعادة البناء، وربما العرقلة أيضاً، ما يجعل على عاتقها التزامات واضحة لإصلاح العلاقة غير السوية التي سادت في الماضي”.
وأشار علوان إلى أن “روسيا تمتلك القدرة الدبلوماسية لتكون جزءاً من عملية رفع العقوبات والمشاركة في عملية إعادة بناء سوريا ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضاً عبر دعم الاقتصاد والبنية التحتية وتعزيز العلاقات الخارجية”، مضيفاً أن “على موسكو أن تثبت جديتها في هذا الملف من خلال خطوات عملية ملموسة”.
وكان الواضح أن الثابت الأساسي في الموقف الرسمي السوري هو التأكيد على وحدة الأراضي السورية، حيث يرى مراقبون أن ذلك يحمل أهمية استراتجية لذلك يُنتظر أن تُشكل الزيارة منصة لترسيخ التفاهمات حول التنسيق الميداني واحترام وحدة الجغرافيا السورية في أي تسوية مقبلة.
ومن أبرز الرسائل التي أرادت دمشق إيصالها إلى موسكو أن سوريا اليوم مع مصالحها الوطنية فقط، وتسعى إلى بناء علاقات متوازنة مع الجميع قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
ويضيف علوان في هذا الصدد: “العلاقة الجديدة بين دمشق وموسكو ستقوم على مصالح متبادلة مع حق تحتفظ به الحكومة السورية في إلزام روسيا بإصلاح الكثير من السلبيات التي كانت سائدة في الفترة السابقة”.
من المتوقع أن تُعلن قريباً عدة اتفاقيات اقتصادية ومذكرات تفاهم في مجالات الطاقة والبنى التحتية والتبادل التجاري، على أن تُتبع بتشكيل لجان تنفيذ مشتركة بين البلدين.
كما قد تُطرح صيغة أولية لآلية تنسيق حول الوجود العسكري الروسي، تؤكد على أن أي بقاء سيكون ضمن إطار تفاهم سيادي يحترم استقلال القرار السوري.
وتمثل الزيارة علامة محورية في خارطة العلاقات السورية الجديدة، فهي ليست مجرد زيارة بروتوكولية بل خطوة لإعادة صياغة توازن بين الاستفادة من الدعم الدولي والحفاظ على استقلال القرار.
إن نجاح هذه الزيارة سيُقاس بمدى قدرة الطرفين على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه عملياً، وبما يعيد الثقة للعلاقة ويكرّس شراكة قائمة على السيادة والتكافؤ، لا التبعية أو النفوذ الأحادي.