الثورة – إيمان زرزور :
نفذت مجموعة “حلوتسي الباشان” (رواد الباشان) محاولة جديدة لإقامة بؤرة استيطانية داخل هضبة الجولان السورية المحتلة، في تكرار لمحاولة سابقة فشلت في آب الماضي، وسط تحذيرات من اتساع النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في المنطقة، فيما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه أحبط العملية ومنع المشاركين من التوغل داخل الأراضي السورية.تأتي هذه التحركات في وقت يبدو فيه المشهد أن النزعة التوسعية الإسرائيلية في الجولان المحتل بلغت مرحلة خطيرة، مع سعي جماعات استيطانية إلى فرض أمر واقع جديد تحت غطاء أيديولوجي وديني.
وتكرار هذه المحاولات، رغم إعلان الجيش التصدي لها، يعكس تغاضياً حكومياً ضمنياً عن تصرفات تلك الجماعات، التي تعمل على توسيع رقعة الاحتلال وتكريس الاستيطان بذرائع “توراتية”، ما يحوّل الجولان عملياً إلى “مستعمرة مفتوحة”.
وذكرت وسائل إعلام عبرية أن ثلاث عائلات من الحركة حاولت عبور الحدود السورية خلال مسيرة شارك فيها المئات قرب السياج الحدودي المقابل لمستوطنة “ألون هبشان”، قبل أن تتدخل قوات الاحتلال وتمنعهم من متابعة التوغل.
وأشارت التقارير إلى أن العملية تمت وسط إجراءات أمنية مشددة وتوتر متصاعد في الجبهة الشمالية، معتبرة أن هذه الخطوة كانت محاولة غير قانونية لإقامة بؤرة استيطانية جديدة داخل الأراضي السورية.
وفي بيان رسمي، اتهمت حركة “رواد الباشان” الحكومة الإسرائيلية بالتخلي عن مستوطني الشمال وتركهم في مواجهة مباشرة مع “حزب الله”، متهمة السلطات بـ”العجز عن حماية حدود الدولة”.
وقالت الحركة إن اتفاق تبادل الأسرى الأخير مع حركة حماس “بعث برسالة ضعف إلى أعداء إسرائيل”، معتبرة أن الحكومة “تتنازل عن مبادئها الأمنية وتسمح باستمرار التهديدات ضد المستوطنين”.
- وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان المحاولة السابقة في آب الماضي، حين تمكنت عدة عائلات من المستوطنين من عبور السياج الحدودي ووضع حجر الأساس لمستوطنة جديدة أطلقت عليها اسم “نفيه هبشان” داخل الأراضي السورية، قبل أن يتدخل الجيش ويعيد المشاركين إلى الجولان المحتل.
ووفق الرواية الإسرائيلية، تولّت الفرقة 210 إحباط المحاولة آنذاك، غير أن النشاط الاستيطاني عاد ليظهر مجدداً بعد أسابيع، في إصرار واضح على توسيع نطاق السيطرة الإسرائيلية خارج حدود الاحتلال المعترف بها دولياً.
تُعد حركة “رواد الباشان” واحدة من أحدث الحركات الاستيطانية في إسرائيل، إذ تأسست في نيسان 2025 وتضم مستوطنين من الضفة الغربية والجولان، وتتبنى الحركة *فكراً توراتياً يعتبر الجولان وجنوب سوريا وشرق الأردن جزءاً مما تسميه “أرض الباشان” أو “أرض إسرائيل التوراتية”، وتسعى من خلال تحركاتها المتكررة إلى إنشاء مستوطنات دائمة داخل الأراضي السورية* بذريعة “الاستيطان التاريخي”.
ويُعد عاموس عزريا أحد أبرز قادتها، وكان قد صرّح سابقاً بأن المنطقة “باتت تحت السيطرة الإسرائيلية منذ سقوط نظام بشار الأسد”، في إشارة إلى تحولات المشهد الإقليمي في مرحلة ما بعد كانون الأول الماضي.
وتستغل الحركة غياب سلطة مركزية في الجنوب السوري، لتكثيف نشاطها في المنطقة الحدودية، معتبرة أن الظرف الراهن “فرصة تاريخية” لتوسيع الاستيطان نحو الأراضي السورية، ويستند اسم “الباشان” إلى مصطلحات عبرية قديمة تصف المناطق الخصبة في جنوب سوريا وشرق الأردن، ما يمنح الحركة غطاء دينياً لترسيخ مشروع استيطاني استراتيجي في الجولان السوري المحتل.
تشير هذه التطورات إلى محاولة إسرائيلية متصاعدة لشرعنة التوسع في الجولان عبر قوى استيطانية شبه مستقلة، تستخدم الرموز الدينية لتغطية أهداف سياسية وأمنية، في وقت تغيب فيه مواقف حاسمة من الحكومة الإسرائيلية تجاه تلك الانتهاكات، ما يعزز مخاوف السوريين من تحويل الجولان إلى محور استيطاني دائم يسعى لطمس هويته السورية التاريخية.