زيارة الشرع.. خطوة استراتيجية لضبط العلاقة مع موسكو

الثورة – علي إسماعيل:

تندرج الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس أحمد الشرع إلى روسيا الاتحادية في إطار إعادة رسم علاقات سورية الدولية من جديد، بأبعاد استراتيجية تقوم على السيادة والاحترام المتبادل.

وأكد المحلل والناشط السياسي عبد الحفيظ شرف أن زيارة الرئيس الشرع إلى موسكو خطوة مهمة في هذه المرحلة الحساسة من إعادة تموضع سوريا على الخريطة الدولية، وهي تأتي في إطار تجنّب شر روسيا، لا في إطار التحالف أو إعادة الاصطفاف معها، بحسب تعبيره، مشيراً إلى أن الزيارة رسالة سياسية ذكية تعبّر عن براغماتية الرئيس الشرع الذي يقدّم مصلحة سوريا العليا على أي اعتبار آخر.

وقال شرف في حديث مع “الثورة”: إن الرئيس الشرع يدرك تماماً أن موسكو، التي كانت أحد أبرز داعمي النظام السابق، تتحمّل مسؤولية مباشرة عن الدمار والخراب الذي حلّ بسوريا طوال عقود من التحالف غير المتكافئ، لذلك، فإن الزيارة إلى موسكو ليست انفتاحاً جديداً بقدر ما هي ضبط للعلاقة القديمة ضمن حدود المصلحة الوطنية قصيرة المدى، وتجنّب لأي تصعيد أو ابتزاز روسي في مرحلة التحول السياسي والاقتصادي الحالي.

وحول الشراكة السورية الروسية والنتائج المتوقعة أوضح شرف أن سوريا الجديدة تعيد برمجة بوصلة علاقاتها باتجاه الغرب، سعياً لتأسيس شراكة حقيقية قائمة على المصالح المتبادلة، وجلب الاستثمارات، والانفتاح على المؤسسات الغربية التي تمثل الطريق الطبيعي نحو إعادة الإعمار والتنمية والاستقرار، لأن المرحلة الحالية- بحسب قوله- ليست مرحلة “موازنة” بين الغرب والشرق، بل هي مرحلة تقوية للعلاقات مع الغرب حيث لا يمكن القفز إلى مرحلة التوازن، قبل أن تُبنى الثقة وتُعزّز المصالح المشتركة وتترسخ الروابط الاقتصادية والأمنية مع العالم الغربي.

فالتوازن لا يأتي قبل القوة، وسوريا اليوم تعمل على بناء هذه القوة عبر العلاقات الصحيحة مع الشركاء الطبيعيين.

ويقارن شرف بين التحالفات العالمية وضرورة تبني سوريا لتحالفات مستقبلية صحيحة بالقول: “يكفي أن ننظر إلى أوضاع حلفاء روسيا حول العالم، من إيران إلى كوريا الشمالية مروراً ببيلاروسيا، كلها تعاني عزلة اقتصادية، وتضخماً، وتراجعاً في الحريات، وضعفاً في التنمية، بينما نرى على الضفة الأخرى حلفاء الغرب والولايات المتحدة مثل تركيا، ودول الخليج، واليابان، وكوريا الجنوبية دول حققت نهضة اقتصادية واستقراراً سياسياً وتقدماً علمياً.

هذه المقارنة البسيطة تكفي لتوضيح ماهية الخيار الطبيعي والمناسب لسوريا المستقبل.

وبين شرف أن سياسة تصفير المشاكل التي ينتهجها الرئيس الشرع لا تعني الحياد السلبي، بل هي إدارة ذكية للعلاقات الخارجية، هدفها تحييد الأعداء المحتملين، والانفتاح على العالم الحر، واستعادة سوريا لدورها ومكانتها الطبيعية كدولة فاعلة متوازنة، فسوريا الجديدة اليوم تنطلق نحو الغرب بخطوات واثقة، تبني علاقاتها على الأفعال لا الأقوال، وعلى المصالح لا الشعارات وهذا هو الطريق الصحيح نحو الاستقرار والازدهار.

وفي الختام أشار المحلل والناشط السياسي إلى أن هذه الزيارة تأتي في إطار مقاربة سورية جديدة وجدية، تسعى لإعادة ضبط العلاقة مع موسكو على أساس المصلحة الوطنية البحتة، لا على التبعية السياسية أو العسكرية، فدمشق اليوم، في ظل المرحلة الانتقالية الحساسة والتوازنات الإقليمية الدقيقة، تعمل على مراجعة شاملة لعلاقاتها مع روسيا من منظورٍ واقعي وبراغماتي، يهدف إلى تحييد الأخطار وتجنّب التصعيد، دون أن يشكّل ذلك عودة إلى التحالفات القديمة التي أثبتت فشلها.

آخر الأخبار
هل أنهى ترامب الحرب بغزة حقاً؟  بعد سنوات من الظلام.. أحياء حلب الشرقية تتفاءل بقرب التغذية الكهربائية  حادثة "التسريب".. خرق للأعراف أم محاولة للتشويش على التقارب السوري- اللبناني؟ ارتقاء أربعة من حراس المنشآت النفطية في استهداف إرهابي بدير الزور ترامب يوافق على عمليات استخبارية ضد كراكاس وفنزويلا تستهجن حرب أوكرانيا..هل سببت بتراجع نفوذ روسيا في الشرق الأوسط؟  قطر الخيرية تطلق مشروعاً لترميم وبناء مساجد بريف دمشق الشرع يحدد العلاقات السورية - الروسية وفقاً للسيادة الوطنية "الأونروا": "إسرائيل" لم تسمح حتى الآن بإدخال المساعدات إلى غزة الأمم المتحدة: من المهم لسوريا ترسيخ علاقاتها مع جميع الدول زيارة الشرع الى موسكو.. تكريس جديد للعلاقة السورية - الروسية هل تكون جثث الرهائن الإسرائيليين حجة للاحتلال لمواصلة الحرب؟ "رواد الباشان" بين الدافع الأيديولوجي والتواطؤ الحكومي... مشروع استيطاني يتمدد في الجولان الشرع يبلغ بوتين أنه سيحترم كل الاتفاقات السابقة مع موسكو  العفو الدولية تطالب بالإفراج الفوري عن حمزة العمارين الانتهاكات الإسرائيلية ترهق المدنيين السوريين في حياتهم اليومية "الصليب الأحمر": تضافر الجهود الدولية لتأمين بيئة آمنة للسوريين  زيارة الشرع.. خطوة استراتيجية لضبط العلاقة مع موسكو البحوث العلمية الزراعية في طرطوس.. تحديات قاسية وأمل لا ينكسر "ميكروفونات" الباعة الجوّالين.. ضجيج إضافي يفرض نفسه في حلب