إعادة الممتلكات ..تصحيح الظلم وبناء عقد اجتماعي شفاف ومتساو   

الثورة – رولا عيسى :

تمثل مبادرة الحكومة عبر الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية إعلاناً رسمياً عن انطلاقة جديدة تتطلع فيها إلى توفير بيئة أكثر شفافية، لعلها تشجع على تنشيط الاقتصاد وتعيد الثقة بين مختلف الأطراف.

لكن من وجهة نظر المستشار والخبير الاقتصادي د.رازي محي الدين أنه ثمة تحديات قد تواجه الحكومة في إعادة الممتلكات، ويقول: لا شك أن عملية إعادة الممتلكات المصادرة ستواجه مجموعة من التحديات، إلى جانب التحديات الإدارية والتقنية التي تتعلق بكيفية التحقق من الملكيات واستعادة الأصول المجمّدة.

ويرى أنه إضافة إلى ما ذكر ستظهر أيضاً صعوبات قانونية تتطلب حلولاً مدروسة لضمان العدالة وعدم وجود أي تلاعب أو فساد، والتحدي الأكبر سيكون في التعامل مع الملفات القديمة التي قد تكون تشوهت أو ضاعت جراء الأزمات السابقة.

لكن، وفي إطار هذه الصعوبات، تبقى هناك فرصة كبيرة لتجاوزها، وبحسب المستشار الاقتصادي، يمكن تحقيق ذلك من خلال تبني ممارسات الشفافية الكاملة واعتماد الأنظمة الإلكترونية الحديثة في عملية الأرشفة والمتابعة، وهذه الأنظمة ستساعد في تسريع الإجراءات وتقليل الأخطاء البشرية، كما ستضمن مراقبة عملية الاسترجاع بشكل فعال.

كذلك يقترح تكوين لجان مستقلة تكون مهمتها مراقبة سير العملية لضمان سرعة الإنجاز وإعطاء كل ذي حق حقه.

علاوة على ذلك، والكلام للدكتور رازي، يشكل إشراك ممثلين عن المجتمع المدني وغرف التجارة والصناعة خطوة استراتيجية لزيادة الثقة بين الحكومة والمواطنين، وهذا التعاون بين الدولة وقطاع الأعمال سوف يعكس صورة إيجابية عن الدولة التي تعمل بشراكة حقيقية مع الشعب.

وعن أهمية إعادة الممتلكات كداعم للقطاع الخاص وتشجيع الاستثمار، يبين الدكتور رازي أن إعادة الممتلكات المصادرة تمثل فرصة حقيقية لدعم القطاع الخاص المحلي وتحفيز الاستثمار، فمن خلال استرجاع أصول مثل الذهب والسيارات والبضائع، يمكن لرجال الأعمال والشركات إعادة تشغيل مصانعهم و ورشهم، وبالتالي إعادة الحياة إلى العديد من القطاعات الاقتصادية التي كانت عالقة بسبب الجمود المالي.

أبواب جديدة للاستثمار

ويلفت إلى أن الأثر لا يتوقف هنا، إذ إن هذه الخطوة ستفتح أبواباً جديدة للاستثمار المحلي والدولي، فالرسالة التي ستصل إلى المستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب، هي أن الدولة تحترم حقوق الملكية وتعمل على حماية الاستثمارات، وبالتالي، فإن الثقة في مناخ الاستثمار السوري ستتعزز، مما سيخلق بيئة استثمارية أكثر استقراراً وجذباً لرؤوس الأموال الأجنبية التي تبحث عن أسواق جديدة ومستقرة.

أما بخصوص العدالة الاجتماعية وحقوق التعويض، هنا يقول: إنه من أبرز الأبعاد الاجتماعية لعملية استرجاع الممتلكات هو التوجه نحو تحقيق العدالة الاجتماعية. ليس فقط من خلال استرجاع الممتلكات المجمّدة، بل من خلال تعويض أصحابها وإعادة الاعتبار لهم على المستوى المعنوي، هذه الخطوة ستسهم في ترميم الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، مما يعزز من تماسك المجتمع.

ويشير إلى أن التوجه نحو توسيع حقوق التعويض هو خطوة نحو ترسيخ مفهوم العدالة بوصفه ركيزة أساسية في بناء الدولة الحديثة، كما أن عملية إعادة الحقوق ستُزيل آثار الظلم، وتساهم في بناء عقد اجتماعي جديد قائم على الشفافية والمساواة أمام القانون.

ولجهة تأثير إعادة الممتلكات على الاقتصاد السوري، يعتبر أن إعادة الممتلكات المصادرة سيكون لها أثر كبير على الاقتصاد السوري، خصوصاً على المدى القصير، فالممتلكات التي كانت مجمّدة لفترة طويلة ستعود إلى السوق، مما سيُساهم في زيادة السيولة وتفعيل حركة التجارة، وأيضاً أصحاب الممتلكات سيتمكنون من إعادة تشغيل أصولهم، سواء عبر الاستثمار فيها أو بيعها، مما يعيد الأموال إلى السوق ويزيد من الطلب المحلي.

تحسين مناخ الأعمال

وعلى المدى الطويل، يؤكد الخبير الاقتصادي أنه، ستُسهم هذه العملية في تحسين مناخ الأعمال، حيث ستعزز الثقة في النظام الاقتصادي، إضافة إلى ذلك، ستدفع أصحاب المدخرات المجمدة إلى تحويلها إلى استثمارات إنتاجية، مما سينعكس إيجابياً على الناتج المحلي ويحفّز النمو الاقتصادي المستدام.

ويختم حديثه بالقول: لاشك أن إعادة الممتلكات المصادرة ليست مجرد خطوة إدارية، بل هي تعبير عن تحول نوعي في العلاقة بين الدولة والمواطن. إنها إعلان عن ولادة عهد جديد يركز على العدالة والشفافية، و من خلال هذه المبادرة، تستطيع الحكومة السورية تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية، من بينها دعم الاقتصاد المحلي، تعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية، وإعادة بناء العلاقات مع المواطن.

وهذه الخطوة تمثل بداية جديدة لحكومة تهدف إلى خلق مناخ اقتصادي أكثر استقراراً، حيث تُحترم حقوق الأفراد وتُسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي،  كما أن إعادة الممتلكات المصادرة ستكون رافعة رئيسية للنمو والتنمية، وتفتح الباب أمام شراكات اقتصادية جديدة، مما يسهم في تعزيز العدالة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وفقاً للدكتور الرازي.

آخر الأخبار
تكاتف سكان "غنيري" ..استعادة لبعض الخدمات وحاجة للاهتمام   إعادة الممتلكات ..تصحيح الظلم وبناء عقد اجتماعي شفاف ومتساو    انطلاق أول معرض للتحول الرقمي بمشاركة 80 شركة عالمية  ضحايا ومصابون بحادثي سير على أتوستراد درعا- دمشق وزير الاقتصاد يلتقي ممثلين عن كبرى الشركات في واشنطن التحويل الجامعي.. تفاصيل هامة وتوضيحات  شاملة لكل الطلاب زيادة مرتقبة في إنتاج البيض والفروج أول ظهور لميسي مع برشلونة… 21 عاماً من الإنجازات المذهلة  بيلوفسكي الفائز بسباق أرامكو للفورمولا (4)  خطة لتمكين الشباب بدرعا وبناء مستقبلهم   الألعاب الشتويّة (2026) بنكهة إيطاليّة خالصة  سوريا في قمة عدم الانحياز بأوغندا.. تعزيز التعددية ورفض التدخلات الخارجية   ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في  طرطوس..  والريف محروم    "حظر الأسلحة الكيميائية"  تعتمد قراراً لتسريع إغلاق الملف الكيميائي السوري  عبدي يتحدث عن لقائه الشرع والتوصل لاتفاق لدمج "قسد" في الجيش السوري  نهائي بطولة الملوك الستة.. سينر وألكاراز يجددان صدامهما في الرياض تأهيل مدارس وشوارع "الغارية الغربية" في درعا على نفقة متبرع  قراءة في العلاقات السورية – الروسية بعد  سقوط النظام المخلوع  هل أنهى ترامب الحرب بغزة حقاً؟  بعد سنوات من الظلام.. أحياء حلب الشرقية تتفاءل بقرب التغذية الكهربائية