الثورة ـ سمر رقية:
شهدت أسواق اللحوم الحمراء في محافظة طرطوس ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها خلال الفترة الأخيرة، بعد ارتفاع سعر الصرف، الذي نتج عنه التذبذب في جميع الأسعار تقريباً، مع وجود فروقات طفيفة بين المدينة و الريف.
يأتي ذلك في ظل تردي الأوضاع المعيشية وتدني دخول المواطنين، وخاصة في الريف، ليبقى أبناؤه غير قادرين على شرائها.
غير موجودة
اللافت أثناء إعداد هذا التقرير، ظاهرة عدم وجود اللحوم الحمراء في العديد من القرى والمناطق في ريف المحافظة، نتيجة عزوف القصابين عن شرائها، لعدم وجود قوة شرائية لدى المواطنين.
إذ سجلت أسعارها في مدينة بانياس ما بين 130 – 160 ألف ليرة، وفي مدينة القدموس بين 145و 165 ألفاً، فيما تراوحت في الشيخ بدر ما بين 140 و 160 ألفاً، وفي طرطوس المدينة، تتباين بين 150 و175 ألف ليرة.
خارج القدرة الشرائية
في لقاء مع المواطنين، بينت المعلمة سحر ديب أن عائلتها مؤلفة من أربعة أشخاص، وقد أصبحت اللحوم الحمراء بالنسبة لهم من الكماليات، بل من المنسيات، لأن الراتب لا يكفي للوصول إلى شراء هذه السلعة، رغم توفرها في الأسواق، ويبقى شراؤها مرتبطاً بعمل الزوج.
أما ندى محمد، فأكدت مقاطعتها لشراء أي نوع من اللحوم منذ زمن بعيد، وتسأل: كيف لي أن أشتري هذه السلعة، وعائلتي مؤلفة من ثمانية أشخاص، وهناك العديد من الحاجات الضرورية أهم منها بكثير؟ ، هذا من دون فتح صفحات المرض والعلاج التي أحتاجها شهرياً، لذلك فإن أفضل وأسلم خيار المقاطعة والنسيان.
بدورها، بشرى خضور أشارت إلى أنها تشتري بالأوقية، لأن قدرتها الشرائية لا تسمح لها بشراء الكيلو أو النصف كيلو، وخاصة في الفترة الأخيرة بعد ارتفاع أسعار الصرف.
فيما لفت المواطن ثائر يوسف إلى أن أسرته المؤلفة من ستة أشخاص، اعتادت على اللحوم البيضاء فقط.
هذا حال أغلب سكان الريف في طرطوس، إذ يعتبر تناول وجبة اللحوم الحمراء من المنسيات، ومن كان قادراً على الشراء، يتجه للحم الفروج.
بازار وحيد
من جانبه، يؤكد رئيس جمعية اللحامين في طرطوس باسم سليمان، لصحيفة “الثورة”، أن فرق الأسعار بين المدينة والريف موجود، وتبقى أسعار المدينة أغلى.
وعزا ارتفاع أسعار اللحوم إلى ارتفاع سعر الصرف، فأي ارتفاع مهما كان طفيفاً يؤثر على السعر، لافتاً إلى وجود بازار وحيد في الساحل، وموقعه يتوسط بين جبلة واللاذقية، ويفتح يوم الجمعة فقط، إضافة لذلك، فالساحل يفتقد الأرضية المناسبة لتربية المواشي.
وبين سليمان أن أهل الريف في السابق كانوا يدعمون السوق، فكل منزل يربي مواشي مختلفة ويبيع الفائض، أما اليوم، فقد اختلف الوضع تماماً، كما أن ارتفاع أسعار الصرف، أثّر على ارتفاع أسعار العلف والتبن، لذلك انحسرت تربية المواشي في الساحل، وبات أكبر مربٍّ لا يستطيع تربية أكتر من ثلاثة عجول مثلاً ، على عكس الداخل، حيث نجد المربي قادراً على تربية من “100 إلى 150” عجلاً، وذلك لوجود أرضية مناسبة.
التهريب
ونوّه بأن الساحل اليوم يتسوّق من محافظات عدة “حمص وحماة وحلب وإدلب”، وهذا مكلف ويدخل في ارتفاع السعر ، والأمر الآخر المؤثر على السوق، هو التهريب خارج القطر، فالحدود مفتوحة ولحم العواس السوري مطلوب ومرغوب.
وأضاف سليمان : إذا ما قورن اليوم بالعام الماضي، يمكننا القول: إن الأسعار أرخص بكثير، حيث كانت الجمارك تمنع تحميل أكثر من عجل أو اثنين في السيارة والغنم يُصادر ، أما اليوم مع انفتاح الأسواق، بات القصّاب أو صاحب الملحمة، يشتري ما يريد من دون قيود.
وحقيقة، إن أسعار اللحمة مقارنة بالعام الماضي أرخص، إذ كانت تتراوح ما بين “175 و 250 ” ألف ليرة، أما هذا العام، فتتراوح ما بين “130 و 175” ألف ليرة.
وختم سليمان بأنه إضافة لذلك، يختلف زبون اللحوم عن زبون أي سلعة أخرى، إذ يأتي ويقول للبائع: أعطني ما أريد وخذ ما تريد.
هذا ملخص واقع أسواق اللحوم في طرطوس، ويبقى صاحب الدخل المحدود خارج المعادلة، لأن متطلبات الحياة أكبر بكثير من قدراته الشرائية.