الثورة – وعد ديب:
في خطوة تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية، أعلن مصرف سوريا المركزي عن انضمام الجمهورية العربية السورية إلى منصة “بُنى” للمدفوعات الإقليمية، التي أنشأها صندوق النقد العربي بهدف تسوية المدفوعات بين الدول العربية وخارجها باستخدام العملات المحلية والدولية.
وبهذا الخصوص، أكد الدكتور يحيى السيد عمر، الخبير الاقتصادي، في حديثه لصحيفة الثورة، أن هذه الخطوة “لا تقتصر على بعدها الفني، بل تحمل مؤشرات على تحرّك سياسي اقتصادي باتجاه استعادة قنوات الربط المالي بين دمشق والعواصم العربية”.
واعتبر الدكتور السيد عمر أن أهمية الانضمام إلى “بُنى” تكمن في أنها “منصة مالية إقليمية، تتيح للمصارف تسوية المدفوعات بشكل مباشر، دون الحاجة للمرور عبر النظام المالي العالمي، وهو ما يمنحها طابعاً استراتيجياً بالنسبة لسوريا التي عانت لسنوات من عزلة مالية”.
وأضاف أن هذه الخطوة تعبّر عن “محاولة سوريا لإعادة التموضع في الفضاء المالي العربي، وبناء قنوات تعاون مصرفي جديدة تتجاوز القيود التقليدية التي فُرضت في السنوات الماضية”. مشيراً إلى أن المنصة تمثل “بديلاً عربياً مشتركاً، يُمكّن من إجراء التحويلات والمدفوعات بكفاءة أعلى وتكلفة أقل، وبما يتيح الابتعاد النسبي عن الضغوط الخارجية”.
وفي تحليله لمدى فاعلية هذه الخطوة، بيّن السيد عمر، أن الانضمام لا يعني بالضرورة تحولاً فورياً في العلاقات المصرفية، لكنه “يعكس توجهاً عملياً لاستعادة الثقة تدريجياً، عبر إطار تقني واقتصادي مقبول سياسياً لدى أغلب الدول العربية”. مضيفاً أن “النجاح الحقيقي لهذا المسار مرهون بمدى تجاوب البنوك العربية مع نظيرتها السورية، ومدى قدرتها على تفعيل التعاون من خلال المنصة بشكل عملي وليس شكلياً.
وحذرالدكتور السيد عمر، من أن “بقاء العضوية في نطاقها الرمزي دون تفعيل فعلي للعمليات، لن يكون كافياً لتحقيق الهدف المرجو”، لافتاً إلى أن “المطلوب هو بناء جسور حقيقية بين البنوك المركزية والتجارية، وتجاوز الحذر الناتج عن البيئة السياسية والضغوط الخارجية”.
ورأى أن المنصة قد تُشكّل، في حال استُثمرت بشكل فعال، “نافذة لإعادة بناء قنوات تحويل مالية كانت مجمّدة لسنوات، وإطاراً يسمح بتحقيق نوع من الانفتاح المحسوب، خاصة في المجالات المرتبطة بالتجارة والمدفوعات الثنائية”.
وختم حديثه بالقول: “لا يمكن اعتبار الانضمام إلى منصة (بُنى) تحولاً جذرياً حتى الآن، لكنه خطوة محسوبة نحو إعادة سوريا إلى المشهد المالي العربي، ومحاولة لإثبات قدرة القطاع المصرفي السوري على الانخراط في أطر تعاون جديدة تتماشى مع الواقع الاقتصادي القائم.