الثورة – مريم إبراهيم:
يعول على العمل الأهلي الخيري في سوريا في المرحلة الراهنة الكثير من الأهمية، فهو متجذر وله دور في تقديم الخدمات الإنسانية والتنموية المختلفة، عبر جمعيات ومنظمات أهلية في مجالات الصحة والتعليم والتمكين الاجتماعي والرعاية الاجتماعية، وتتضمن هذه الأنشطة تقديم المساعدة المباشرة، منها مساعدات غذائية، ودعم الفئات الهشة كالأيتام والمكفوفين وذوي الإعاقة، والمشاريع التنموية التي تهدف إلى تمكين المجتمع وتحقيق أثر تنموي مستدام.
تحديات
إلا أن هناك الكثير من الصعوبات والتحديات التي تواجه عمل هذه الجمعيات، وخاصة ما يخص التمويل والتنسيق في العمل، مع الحاجة لوجود قوانين وضوابط ناظمة للعمل من شأنها تحقيق الجدوى والهدف وإيصال الخدمة المجتمعية لمستحقيها.
ففي الملتقى الثاني حول تعزيز التعاون وآليات التنسيق بين المنظمات غير الحكومية في سوريا الذي أقامه أمس اتحادي الجمعيات الخيرية بدمشق وحلب وبالتنسيق مع المنتدى السوري ورابطة الشبكات السورية، وبمشاركة أكثر من 90 جمعية ومؤسسة من مختلف المحافظات طرحت الكثير من الرؤى والمقترحات التي من شأنها تذليل هذه الصعوبات، وتشكيل لجان مختصة للمتابعة، بما يمكّن هذه الجمعيات من تنفيذ برامج، ومشاريع تنموية مستدامة تخدم المستفيدين بفعالية، إضافة لعرض أبرز الاحتياجات والتحديات التي تواجه المنظمات الخيرية.
صلة وصل
أمين سرِّ اتحاد الجمعيات الخيرية بدمشق هيثم سلطجي بين في لقاء لصحيفة الثورة أن الاجتماع محاولة للجمع بين المنظمات الأهلية من كافة مناطق سوريا بمشاركة ممثلين من هذه الجمعيات التي تعنى بالعمل الخيري، والتنسيق والتشبيك بين الجمعيات وطرح أفكار والعمل معاً باختصاصات مختلفة، وحالياً هناك محاولات لطرح جديد باعتبار أن الوزارة تعمل على وضع مسودة لإصدار قانون جديد للجمعيات، ومهم أن يكون هناك رأي للجمعيات بهذا الموضوع، كما تم تشكيل لجنة لوضع أفكار حوله، وهناك موضوع العمل مع المنظمات من خارج سوريا ومحاولة التواصل معهم، ومن المهم أن تتاح الفرص لجميع الجمعيات والمنظمات، فسابقا كان هناك منظمات معينة تستسهل التعامل مع منظمات دولية معينة، واليوم يوجد محاولات ليكون الاتحاد صلة وصل، وهناك التعريف بمنصة العمل الأهلي لرابطة شبكات لتكون منصة جامعة لكل الجمعيات في سوريا، والمحاولة قدر الإمكان للتشبيك مع الجميع والخروج بمخرجات تنسيقية تخدم واقع العمل الأهلي بجميع جوانبه.
رادف حقيقي
رئيس المنتدى السوري الدكتورغسان هيتو لفت إلى دور منظمات المجتمع الأهلي ومن ضمنها يندرج العمل الخيري، حيث تفرض الضرورة التنسيق البيني ما بين الجمعيات والمؤسسات من جهة، والتنسيق بين الجمعيات والحكومة والجهات المعنية من جهة أخرى، فكلما ضعف هذا التنسيق كلما استمرت حالة الفوضى في عمل منظمات العمل المدني، وكلما زاد التنسيق سنكون أقرب لتنظيم هذا العمل، فالهروب من التنسيق غير مجد بل هو ضرورة مهمة لكسر الحواجز بين من استمروا بالعمل تحت إدارة النظام البائد وبين من عملوا في الشمال، والملفت أن الجميع كان يعمل في سوريا ولكن الواضح وجود حساسية معينة، لكن تكرار هذه الاجتماعات وتواترها بشكل طبيعي سيذهب هذه الحساسيات.
ولفت الدكتور هيتو إلى أن جميع الجمعيات يجب أن تهتم ببناء قدراتها والعمل الخيري ليس فقط انفاق أموال للفقراء، ولكن القصد كيف نساعد الحكومة والإدارات والمجتمع في حل مشاكل رئيسية، فلدينا مشكلات الفقر والصحة والجهل والنفايات وغيرها، ودور المجتمع المدني أن يشعر أنه جزء من إيجاد حلول لهذه المشاكل ويكون رادفاً حقيقياً في عمل الحكومة، مع ضرورة تشخيص الواقع للوصول إلى الحلول المناسبة.
واقع مؤلم
رئيس رابطة الشبكات السورية الدكتور محمد حسان مغربية وصف واقع عمل الجمعيات الأهلية بأنه مؤلم ولاسيما ما تم لحظه من انقسام بين جمعيات الشمال والجنوب، ولكن هناك القدرة على تجاوز هذه العقبات، وهناك مشكلة ضعف التمويل وهو ضعيف جدا، ولا يصل التمويل الخارجي لسوريا، وهذا يؤثر على المشاريع التنموية في البلد، علماً أنه يوجد تمويل داخلي ممكن أن يكون من أهل الخير ومعتادين عليه، لكن المنظمات التي تعمل في الشمال لم تعتد عليه، كما أن أدوار الاجتماعات مهمة في إيجاد آلية عمل موحدة ورفع المعرفة عند الطرفين، والتعارف بين جمعيات الشمال والداخل ونقل المعرفة لكيفية التعامل مع المنظمات الدولية والمانحين الدوليين .
كسر جليد
عضو مجلس إدارة اتحاد الجمعيات الخيرية و مدير جمعية صفوان الحموي أوضح أن هذا الاجتماع هو الثاني في محاولة لتقريب وجهات النظر وكسر الجليد بين مختلف الجمعيات وبين أبناء البلد الواحد، والعمل على التشبيك والتعاون بين هذه الجمعيات ونقل الخبرات وتجارب بعض المنظمات من الخارج حول العمل الخيري، كما أنه لدينا في الداخل خبرات حول التبرع والدعم المحلي، ونحاول المواءمة بين هذه الخبرات مع بعضها لتحقيق الهدف الواحد لبناء سوريا التي تليق بأهلها.
ناصر حمو من جمعية رعاية المسجونين بحلب أكد أهمية طرح المشكلات والعقبات لإيجاد الحلول المناسبة، وإيجاد حالة صحية من حالات الاندماج بین منظمات العمل الأهلي، ولابد من تكرار هذه الاجتماعات وتعميمها في مختلف المحافظات لتبادل الخبرات والمعارف بين مختلف الجهات والجمعيات العاملة في مجال العمل الأهلي ووضع تصورات تخدم وتطور وتضبط واقع العمل الخيري في جميع البقاع الجغرافية في سوريا.
تجربة سعودية
المدير التنفيذي لشركة منافذ السعودية المهندس سالم الحربي بين أن حضوره الاجتماع للمساهمة في نقل الخبرة السعودية في العمل الخيري للجمعيات في سوريا وآخر التقنيات التي وصلت إليها السعودية بمرحلة الخدمات والمساعدات، آملا أن تنال الاستحسان، وتتبناها الجمعيات والاتحادات الخيرية لخلق بيئة تقدر تعاظم الأثر بالعمل الخيري، مع ضرورة التحالف بين جميع الجمعيات، وهذا بحد ذاته هو تبادل الخبرات والرؤية الموحدة، والقيمة الموحدة، فكثير من الجمعيات حققت مكتسبات مهمة عبر التحالف ما كانت لتصل إليها وهي بمفردها.
وأشار الحربي إلى أن فكرة منافذ رقمنة عمليات صرف ومناولة المساعدات لتمكين الجمعيات والجهات المانحة من توثيق الدعم وتتبع مساره وتقييم أثره وتعظيمه على مستوى المستفيدين والمجتمع، وذلك لبناء شراكة مجتمعية متكاملة بين القطاع الخيري والقطاع التجاري والجهات التنظيمية، ترتكز على الحوكمة والتكامل، لرفع جودة وكفاءة الخدمات المقدمة للمستفيدين وتحقيق أثر تنموي مستدام، ورسالتها حفظ كرامة المستفيدين والارتقاء بهم عبر دمج سلوك صرف المساعدات بالسلوك الشرائي الحديث، ضمن منظومة رقمية تحقق الخصوصية والشفافية وتعزز الأثر التنموي.