دمشق تحتفي بأطباء الحرية وذاكرة لا تموت 

الثورة ـ علا محمد:  

ارتفع صدى الأناشيد في دار الأوبرا بدمشق، بينما كانت صور الأطباء المكرمين تملأ القاعة، تحكي عن وجعٍ نبيل وفخرٍ لا ينطفئ.

على المقاعد جلست عائلات الشهداء والمعتقلين من أطباء الأسنان، بين دمعةٍ وابتسامةٍ تستعيد ملامح الغائبين في وجوه الحاضرين.

هكذا افتُتحت فعالية “أطباء الحرية أحياء في قلوبنا”، التي اختتمت مؤتمر دمشق الدولي الأول لطب الأسنان، لتتحول المناسبة من حدثٍ علمي إلى يوم وفاءٍ للوطن وأبنائه.

تحت رعاية الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية العربية السورية، وبالتعاون مع وزارتي التعليم العالي والثقافة، جمعت الفعالية ما بين الطب والحرية، والعلم والعطاء، لتكريم 24 من أطباء الأسنان الذين قضى 14 منهم شهداء، فيما عانى 10 آخرون سنوات الاعتقال داخل السجون.

تنوّع برنامج الحفل بين معرض لمقتنيات الشهداء والمعتقلين، وعرض مسرحيٍّ يجسد قصصهم، إلى جانب فقرةٍ إنشادية أعادت إلى القاعة دفء الذاكرة وصدق الانتماء.

رسالة وفاء من الدولة

في كلمات الافتتاح التي ألقاها معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية علي كده ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مروان الحلبي، بدت الرسالة واضحة: تكريم هؤلاء الأطباء ليس مجرد وفاءٍ للماضي، بل إيمانٌ بأن سوريا تبنى بذاكرة من ضحوا من أجلها.

ففي كلمة الأمانة العامة جاء التأكيد على أن هذه المبادرات ترسخ ثقافة الوفاء وتعزز مكانة الكوادر الطبية في بناء سوريا المتجددة، بينما شدد وزير التعليم العالي على أن المكرمين، جعلوا من مهنة الطب رسالةً ومن ألم الوطن طريقاً نحو الشفاء، في إشارة رمزية إلى تلاقي العلم بالكرامة في مسيرة سوريا الجديدة.

وفي تصريح للثورة بين وزير التعليم العالي أن فعالية التكريم جاءت من القلب إلى القلب، لتختتم مؤتمراً علمياً دولياً أقيم بعد التحرير، جمع محاضرين سوريين من مختلف دول العالم، مؤكّداً أن المؤتمر كان مميزاً بمضمونه العلمي وبحجم المشاركة.

من جانبه، عبّر رئيس جامعة دمشق الدكتور مصطفى صائم الدهر،  عن عمق التأثر الذي رافق لحظات التكريم، مؤكداً أن حفل الختام كان مشحوناً بالعاطفة والمشاعر، وأن تكريم الشهداء والمعتقلين من أطباء الأسنان أمام أسرهم منح المناسبة بعداً وجدانياً خالداً

وقال: “إن الجامعة ستظل وفية لذكراهم، فرحمة الله على الشهداء الذين أناروا لنا الطريق، وواجبنا أن نحمل رسالتهم لنكمل بناء الوطن الذي أحبوه”.

تخليد لا مجرد تكريم

وفي السياق ذاته، أوضح نقيب أطباء الأسنان في سوريا الدكتور بشير السماعيل أن المؤتمر الذي انعقد بين 16 و18 تشرين الأول في كلية الفنون الجميلة بدمشق، ضم 35 محاضرة علمية و25 شركة من كبرى الشركات المحلية والعالمية في مجال طب الأسنان، لافتاً إلى أن ختام المؤتمر بهذه الفعالية الإنسانية حمل رمزية خاصة، إذ امتزج فيها العلم بالوفاء، والعقل بالذاكرة.

وأكد نقيب أطباء أسنان دمشق ورئيس مؤتمر “ديدك” الدكتور محمد حمزة أن اسم الفعالية وحده يعبر عن معناها، فهي أكثر من احتفال، إنها تخليد لذاكرة من قدّموا أعمارهم لتبقى سوريا، مشيراً إلى أن النصر الذي يُعاش اليوم هو ثمرة دماء الشهداء وصبر المعتقلين.

وأشار إلى أن الفعالية جاءت برعاية الأمانة العامة للرئاسة وبالتعاون مع وزارتي التعليم العالي والصحة وجامعة دمشق، لتكون يوماً من أيام الوفاء التي تذكّر بقيمة العطاء الإنساني والطبي في أصعب الظروف.

ذاكرة معروضة على الجدران

في جناحٍ جانبيٍّ من دار الأوبرا، حيث المعرض المرافق للفعالية، تروي الصور والمقتنيات ما تبقى من أثر الشهداء الأطباء.

توضح عضو مجلس نقابة أطباء الأسنان ورئيسة اللجنة الاجتماعية الدكتورة هدى مصطفى الترك أن المعرض ضم ما أمكن جمعه من مقتنياتهم الخاصة، رغم أن كثيراً من الأسر اعتذرت عن المشاركة بسبب التهجير والدمار الذي طال العيادات والمنازل، ومع ذلك، نجح القائمون في عرض ما تبقى من آثارهم كدليلٍ على أن الذاكرة لا تُهدم.

ومن بين المكرّمين، حضر بصوته لا بظله الدكتور أحمد عناية، المعتقل السابق في سجن صيدنايا، الذي أمضى خمس سنوات خلف الجدران منذ عام 2015، ليخرج ويكمل دراسته ويتخرج طبيباً، مستعيداً حياته وإيمانه بالمستقبل.

قصته كانت من أكثر اللحظات تأثيراً في الحفل، إذ لخصت معنى أن ينتصر الإنسان على القيد بالإصرار.

في زاوية أخرى، وقف هاني الحسن الجزائري شقيق الشهيد الدكتور خلدون حسن الجزائري، الطبيب الجراح الذي استُشهد في سجن صيدنايا عام 2015 عن عمرٍ ناهز الخامسة والأربعين، ليؤكد أن تكريم الشهداء ليس احتفالاً عابراً بل واجب دائماً، لأنهم، كما يقول، أسّسوا بدمائهم لعزة هذا الوطن وكرامته.

في دمشق، حيث التاريخ لا ينسى أبناءه، خُتم المؤتمر الدولي الأول لطب الأسنان برسالةٍ تقول إن الطب لا ينفصل عن الوطن، وإن أطباء الحرية حقاً أحياء في قلوبنا جميعاً.

آخر الأخبار
دمشق تحتفي بأطباء الحرية وذاكرة لا تموت  الدبلوماسية السورية.. من التبعية والعداء إلى الاستقلالية والانفتاح   "صوت السلام" فعالية مجتمعية في طرطوس تشعل الفرح وتزرع الأمل   صحة المرأة في مواجهة سرطان الثدي: الوعي والدعم مفتاحا النجاة    الشيباني: الدبلوماسية السورية متوازنة ومنفتحة على الحوار والتعاون  سوريا تنضم إلى "بُنى".. انطلاقة جديدة لتعزيز  التعاون المالي الإقليمي والدولي  زيارة وزيري الاقتصاد والمالية إلى واشنطن..  تعزيز الشراكة وكسر العزلة  لجان وآليات لدفع التعاون بين الجمعيات الخيرية نحو آفاق من التأثير  الفضة مقابل الذهب..هل يمكن ضمان نفس مستوى الأمان؟    تأهيل 750 مدرسة وترميم 850 أخرى ووعود بتأمين مقعد دراسي لكل طالب   فريق الهلال الأحمر الجوال  بالقنيطرة.. خدمات طبية للمجتمعات المحلية   تكاتف سكان "غنيري" ..استعادة لبعض الخدمات وحاجة للاهتمام   إعادة الممتلكات ..تصحيح الظلم وبناء عقد اجتماعي شفاف ومتساو    انطلاق أول معرض للتحول الرقمي بمشاركة 80 شركة عالمية  ضحايا ومصابون بحادثي سير على أتوستراد درعا- دمشق وزير الاقتصاد يلتقي ممثلين عن كبرى الشركات في واشنطن التحويل الجامعي.. تفاصيل هامة وتوضيحات  شاملة لكل الطلاب زيادة مرتقبة في إنتاج البيض والفروج أول ظهور لميسي مع برشلونة… 21 عاماً من الإنجازات المذهلة  بيلوفسكي الفائز بسباق أرامكو للفورمولا (4)