الثورة – عدي جضعان:
أكد وزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد حسن الشيباني في لقاء خاص مع قناة “الإخبارية” السورية، أن الدبلوماسية السورية تشهد “تحولاً تاريخياً” يهدف إلى تمثيل سوريا بشكل لائق ونقل صوت الشعب السوري وقضيته إلى العالم، مشدداً على العمل لمعالجة آثار “الدبلوماسية الابتزازية” التي اتبعها النظام السابق.
بناء الشراكات
حول التحولات التي طرأت على الدبلوماسية السورية في ظل الدولة السورية الجديدة بعد سقوط النظام البائد، أكد الباحث السياسي في الشأن السوري محمد سليمان أن الحكومة الجديدة تتبع سياسة تعتمد على “بناء الشراكات وتعزيز الثقة مع المحيط الإقليمي والدولي” بدلاً من “الابتزاز والعداء” الذي مارسه النظام البائد. وشدد على أن الحكومة “لا تجري اتصالات مباشرة مع الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة”، بل تتبنى نهج “الاستقلالية” عبر خطوط مرنة تهدف إلى عدم تشكيل أي عداء نتيجة التحالفات أو الشراكات على الصعيدين الإقليمي والدولي.
مرونة مشروطة
وفيما يخص حديث الوزير الشيباني عن العلاقات مع روسيا، أشار سليمان إلى أن الكثير من الشراكات معلّقة حالياً، منها ما يتعلق بقطاع الطاقة، الفوسفات، وقضايا التصدير عبر ميناء طرطوس، مضيفاً أن هذه الملفات وغيرها لن يعاد تفعيلها مع الجانب الروسي “إذا لم تكن تصب في صالح الدولة السورية والشعب السوري”، ما يعكس تمسك الحكومة الجديدة بمرجعية المصلحة الوطنية أولاً.
وحول حديث الوزير الشيباني عن ملف المعتقلين السوريين في لبنان،نوه سليمان إلى أن الحل في ملف الموقوفين السوريين في لبنان قد يكون عبر “انفتاح سوري لبناني لحلحلة القضايا العالقة”، لكنه حذر من عدم وجود جدول زمني محدد لإنهاء الأزمة، وعزا ذلك إلى “الضغوطات والظروف المعقدة من الجانب اللبناني”، حيث تسعى تيارات داخل السلطة لعرقلة أي ملف يعزز الشراكة الإيجابية مع الدولة السورية الجديدة.
أما فيما يتعلق بمسار العقوبات و”النفس الطويل ، فقد بين سليمان أن المسار الأميركي منقسم على مدتين زمنيتين، كل منهما تقارب الستة أشهر. وخلال هذه الفترة، ستعمل الحكومة السورية على “زيادة التعاون مع المحيط الإقليمي” و”بناء الشراكات وزيادة الثقة بين المجتمع السوري والدولة السورية”.
وأكد أن هذا المسار يهدف مستقبلاً إلى إنهاء ليس فقط العقوبات الأحادية، بل أيضاً “العقوبات الأممية التي تحتاج إلى تصويت في مجلس الأمن”.
وحدة الأرض والشعب
وأفاد سليمان بأن الحكومة تتبع سياسة “النفس الطويل مع قسد”، وأن رؤيتها للوطنية السورية هي “مكون واحد يربطه مفهوم الوطنية السورية” وليس مجموعة مكونات. وفيما يتعلق باتفاق 10 مارس 2025، أكد أن المسألة هي مسألة وقت فقط: “إما أن تتقدم قسد وتبدي مرونة وتنخرط عملياً… وإلا في الغالب سيكون هناك تطبيق لحلول مختلفة وقد يكون الحل العسكري أحدها.”
في المحصلة، يؤكد لقاء وزير الخارجية مع قناة “الإخبارية”، وما تلاه من تحليل سياسي، أن الدبلوماسية السورية تدخل مرحلة جديدة عنوانها الأبرز هو الاستقلالية المشروطة. فبينما تُعلن الحكومة الجديدة تمسكها بـ “الحياد الإيجابي” ورفضها لـ “دبلوماسية الابتزاز” السابقة، فإنها تضع المصلحة الوطنية السورية كمعيار وحيد لمرونتها تجاه ملفات حيوية مثل الشراكات الروسية وعلاقات الجوار مع لبنان.
ويبقى التحدي الأكبر للحكومة هو كيفية الموازنة بين “سياسة النفس الطويل” في الملفات الداخلية المعقدة، مثل ملف “قسد” ومعالجة آثار العقوبات، وبين ضرورة تحقيق نتائج سريعة وملموسة تُعزز الثقة الداخلية وتدعم مسار التنمية.