الثورة : وفاء فرج
جملة قرارات صدرت وتصدر تباعاً عن الحكومة والمصرف المركزي وجهتها ومبتغاها تصويب الحالة الاقتصادية وتحسين ظروف وبيئة العمل بحسب مصدري هذه القرارات، ولكن أي قرار أو رؤية اقتصادية مالم يكن هدفها دعم الإنتاج والتصنيع المحلي بشكل حقيقي، وبوصلتها في الأول والأخير المواطن فلن تكون ذات جدوى أو فاعلية..فهل ستنعكس هذه القرارات بشكل فعلي على الصناعة وتوفير السلع بالأسواق بأسعار مخفضة أم إنها مجرد قرارات ؟
انخفاض التكلفة نحو ٣٠%
نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها لؤي نحلاوي أوضح أن القرارات مفيدة جداً، وهناك نقطة يجب أخذها بالحسبان وهي أن تدفق السلع لايتم في يوم وليلة، وخاصة السلع التي تم استثناؤها من المنصة ولاسيما أن القرارات لم يمض عليها سوى أيام قليلة.
وبين أن القرار سينعكس بشكل إيجابي على الأسواق خلال فترة قريبة جداً وخاصة أن فروقات الخسائر التي كانت تدفع على المنصة وبالتالي المفروض انخفاض التكلفة إلى نحو ٣٠% وذلك ينعكس بشكل جيد إذا كان سعرالصرف ثابتاً، أما إذا كان متغيراً بالمبدأ سيرتفع السعر أو سيبقى كما هو، واليوم المستهلك هو الحلقة الأضعف ومايهمه انخفاض السعر، وهذه معادلة صعبة، وبالتالي السؤال أيهما أفضل أن يكون سعر الصرف مرتفعاً والمصاريف كبيرة أم أن تكون مصاريفنا منخفضة وسعر الصرف مرتفع؟ إن القرارات ولاسيما المتعلقة بالمركزي ستؤثر بشكل كبير وإيجابي وخاصة على نطاق المنظفات والمواد الكيميائية والغذائية.
خطوة بالاتجاه الصحيح
من جانبه أوضح عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها ورئيس القطاع النسيجي نور الدين سمحا
أن القرارات مهمة وخطوة بالاتجاه الصحيح وخاصة قرار المركزي توحيد سعر الصرف الأمر الذي يعطي أريحية للسوق ومصداقية كبيرة للاقتصاد الوطني وبخصوص القرارين ١١٢ و١١٣ هناك قرارات كثيرة صدرت منها قطع التصدير الذي أجاز لأي صناعي لديه تصدير يستطيع استخدام ١٠٠% من عائد التصدير الخاص به لاستيراد المواد الأولية ما يؤدي إلى تخفيض التكلفة بحيث لم نعد بحاجة لتأمين القطع عن طريق المنصة التي كانت ترفع من كلف مستورداتنا، ومايهمنا كصناعيين أن يكون المنتج النهائي بسعر منطقي حتى يكون هناك دوران اقتصادي، وهذا ما افتقدناه نتيجة ارتفاع تكاليفنا بشكل كبير أملاً أن تدخل المواد الأولية لكل الصناعيين ضمن هذه الحزمة من القرارات حتى تنعكس بشكل جيد على كل الصناعة ونلمس أثرها في الأسواق.
بحاجة لحلول
بدوره عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق أكد أنه ما زلنا نفكر بعقلية الندرة، وليس بعقلية الوفرة. وقد تصح المقولة، أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبداً في كثير من الأمور الحياتية، ولكني لا أعتقد أنها تصح في الاقتصاد.
ويرى أنه يتحتم علينا أن نضع بوصلة محددة وتحديد هدف، بالتشاور مع جميع المعنيين بالشأن الاقتصادي، ومن ثم السعي لتحقيقه ويقال في علم التخطيط، هدف ومن ثم خطة وفي حال لم تنجح الخطة نقوم بتغييرها وليس تغيير الهدف.
والحلول والقرارات التي صدرت إيجابية، ويبقى السؤال هل هي كافية ؟، هل هي منسجمة ومتناغمة وقابلة للتطبيق ضمن القوانين والتشريعات الحالية؟، وهل لها مسار عمل واضح ؟ أعتقد أننا ما زلنا نسعى للحلول كرد فعل للأحداث التي صنعنا معوقاتها ومن ثم أوجدنا حلولاً مجتزأة.
وقال: يجب أن نتخذ قراراً باتجاه تصويب الأمور الاقتصادية من البداية، وبالتالي نحن بحاجة لحلقات متكاملة متماسكة قوية، وبحاجة لحلول تنعكس على المستهلك إيجاباً، فجميع الحلول يجب أن تصب باتجاه المستهلك، ومن أجل هذا الأمر يجب أن يكون الحل مشجعاً للاستثمار الداخلي والخارجي، ولن يكون ذلك ممكناً ما لم يكن رابحاً، وتحقيق الربحية للمشاريع الاستثمارية، بتسهيلات تشريعية تؤدي إلى زيادة التنافسية وانخفاض الأسعار، وقد يكون هو الحل الوحيد.
القرارات الجديدة ستخفض الأسعار
ويرى عضو غرفة تجارة دمشق ورئيس لجنة المصارف بالغرفة مصان نحاس أن القرارات الأخيرة عن الحكومة أعطت ارتياحاً كاملاً لدى جميع رجال الأعمال والاقتصاديين والصناعيين وحتى المغتربين الذين يجب التركيز عليهم.
وأشار إلى القرارات الاقتصادية الأخرى التي عززت الاقتصاد السوري وشجعت الناس على العمل بسهولة وعلى العلن ونحن ضد أي عمل مخالف لأنظمة القطع والقوانين.
وبخصوص ارتفاع الأسعار وانعكاس القرارات يرى أن هناك عدة أسباب لارتفاع الأسعار وخاصة المواد الغذائية المرتفعة عالمياً وليس فقط في سورية نتيجة عدة ظروف منها الكورونا والحرب الروسية الأوكرانية كما أن الحالة الاقتصادية في العالم غير صحية ما انعكس سلباً على أسعار المواد الغذائية والمواد الأولية،إضافة إلى صعوبة الاستيراد وظروف تمويله من المنصة والذي يتأخر لفترة طويلة، ونتفهم هواجس الحكومة السورية والمصرف المركزي بهدف المحافظة على سعر الصرف إلا أن هناك أثراً سلبياً بتأخير وصول المواد الغذائية والمواد الأولية الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق إضافة إلى الارتفاع العالمي، وبالتالي يجب توصيف الأمور بشكلها الصحيح.
وتوقع أنه في الأيام القادمة ستنخفض الأسعار بعد القرارات الجديدة وتتوافر المواد الغذائية والأولية، وما يهمنا دعم الصناعة الوطنية بالطاقة والمحروقات والمواد الأولية لأنها تلغي الاستيراد، ولا ننسى دعم المزارع، وهذا يمكننا من أن نصدر ونوفر القطع الأجنبي إضافة إلى سد حاجة المستهلك.. مشيراً إلى صوابية وإيجابية قرار عدم دخول الجمارك إلى المعامل المنتجة.
وبخصوص آلية الاستيراد أوضح أنه من خلال المنصة تم استثناء بعض المواد ما سينعكس إيجاباً على حركة السوق والأسعار في الايام القادمة.
وطالب نحاس أن يكون اتحاد غرف التجارة شريكاً بالقرارات التي تصدر عن اللجنة الاقتصادية وخصوصاً تسهيل عملية الاستيراد للمواد المهمة جداً بحيث لايتم تأخير البضائع على المنصة ومكافحة التهريب كونه يستنزف القطع.
جذب مبالغ كبيرة
الأستاذ في جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية أكد أن قرار مصرف سورية المركزي الأخير المتمثل برفع سعر دولار الحولات الخارجية وبسعر مشتريات القطع داخلياً والذي ارتفع بنسبة تتجاوز الـ(٥٠%) ليصل بحسب نشرة اليوم إلى( ٦٨٠٠ ل.س / دولار)قرار متوازن، مبيناً أن هذا السعر منطقي عموماً ويقترب من السعر التوازني غير الرسمي للدولار الذي يتم تداوله هذه الفترة في السوق السوداء، وهو ليس مجرد قرار ضمن سياق السياسة النقدية، بل أيضاً على مستوى جميع الأنشطة الاقتصادية عموماً وحياة المواطن على وجه الخصوص.
وأشار إلى أن القرارات الحكومية تستهدف بصورة مباشرة وغير مباشرة الحالة المعيشية للمواطن، فقرار المركزي سيؤدي إلى جذب مبالغ كبيرة من الدولارات والحوالات الخارجية والمبيعات الداخلية للمواطن لتصب لدى المصرف المركزي الذي سيتمكن بقوة أكبر من التدخل في السوق للحفاظ على استقرار القطع الأجنبي، وسيستطيع من جهة أخرى تمويل المزيد من المستوردات الضرورية.
وباعتبار أننا نفترض (نظرياً …وجدلاً) أن سعر الصرف سيستقر، وتتقلص المضاربات وأنشطة التهريب، وتزداد حزمة السلع المنتجة محلياً والمستوردة. فكل ذلك سيؤدي بنسبة ما إلى زيادة التشغيل وامتصاص جزء من العمالة الفائضة..وبالتالي زيادة وتحسن واستقرار القدرة الشرائية للعائلات فيتحرك الطلب في السوق ليحرك بدوره عجلة الإنتاج والطاقة الإنتاجية التي ستحتاج مرة أخرى إلى المزيد من الأيدي العاملة.
وبحسب د.فضلية لا يفوتنا في هذا السياق التأكيد على أهمية استصدار العديد والمزيد من القرارات واتخاذ المزيد من الإجراءات التي يجب أن تكون متصلة ومنسجمة مع القرار النقدي أعلاه، بحيث تساعد في تحقيق اهدافه النقدية والأهداف الأخرى التالية والإنتاجية لذا فإن يد المركزي وحدها لا تكفي لتحريك أي قطاع بل يتطلب الأمر حتماً حراك جميع الجهات العامة والخاصة ذات الصلة.