آثار سلبية لحرب إيران- إسرائيل سوريا بغنى عنها عربش لـ”الثورة”: زيادة تكاليف المستوردات وإعاقة للتجارة
الثورة – إخلاص علي
لم يشعر المواطن السوري حتى اليوم بآثار الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، ومازال يعيش هم وحالة القلق والخوف من خطر تسرّب إشعاعي، لكن الوقع الأكبر على الدولة يأتي من تقويض وتأخير الجهود الحكومية النشطة في فتح الباب أمام الاستثمارات الخارجية، ورفع القيود عن الدولة السورية.
الآثار الاقتصادية للحرب الإيرانية – الإسرائيلية على سوريا بدت منذ اللحظة الأولى في عدة قطاعات ولاسيما التي يلعب العامل النفسي فيها دوراً كبيراً كالنقد والسياحة، وفي هذا الإطار يرى الأكاديمي و الخبير الاقتصادي الدكتور زياد عربش أن تأثيرات الحرب متعددة المستويات وستَتسع بمنعكساتها بطول أمد الحرب، خاصة وأن مجمل دول الإقليم وضع خطط الطوارئ الاقتصادية.
وتابع عربش خلال حديثه لـ “الثورة”: إن الامتصاص المرحلي لارتفاع أسعار مشتقات الطاقة خلال الأيام المنصرمة وانخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار (بنسبة 10 بالمئة مقارنة بالتداول عشية الحرب)، سيرفع من مستوى التضخم للمواد المستوردة، ومن المستوى العام لأسعار السلع والخدمات.
كما أن إلغاء وتأجيل مجمل زيارات الوفود الاقتصادية وملتقيات الاستثمار العربية ومع تركيا، وإغلاق المجال الجوي في عدة دول من الإقليم، سيكبح -وإن مؤقتاً- الديناميكية الدولية والإقليمية تجاه سوريا، والتي سادت بعد رفع العقوبات منذ شهر.
وأضاف: إن مجمل الآثار ستقوّض عملية نهوض اقتصاد سوريا المتهالك بالأصل، وسوريا بغنى عنها لهشاشة الوضع عموماً ولصعوبة اعتماد خطة دعم للمنتجين والمستهلكين على حد سواء.
وبالتالي – والكلام لـ عربش – يتوجب على الجهاز الحكومي وضع خطة طوارئ مستعجلة لاحتواء التداعيات وتعديل النهج الحالي من حبس السيولة (واستنزاف مدخرات السوريين بالدولار) المضر بالاقتصاد ككل إلى حماية المُنتج المحلي فعلياً عبر إجراءات جمركية مستعجلة (إلغاء كافة الرسوم على السلع الوسيطة، ومستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي ورفع جوهري للرسوم على المستوردات الكمالية، وتلك المُهدِّدة للنسيج الصناعي والصناعات الغذائية ككل).
مع تفعيل أدوات التدخل الإيجابي إن لجهة تدخل المصرف المركزي لحماية الليرة السورية وحشد جهود المصارف لتأمين السيولة للمنتجين (والمستهلكين ) وإن لجهة إعطاء منحة عاجلة تشمل كل شرائح المجتمع الهشة وأن لاتقتصر فقط على موظفي القطاع العام على حد قول عربش.
تعطّل حركة الإمدادات
وأوضح أن الاستمرار الحالي للضربات المتبادلة بين “اسرائيل” وإيران وتوسع المستهدفات يعني استمرار تعطل حركة الإمدادات بين دول الإقليم، خاصة مع إغلاق مضيق هرمز والمجالات الجوية للشحن الدولي تجاه دول الإقليم وبين دول المنطقة.
وبحسب الدكتور عربش- سينعكس تعثر لوجستيات الإمدادات على ارتفاع مزدوج لما تستورده سوريا، حيث سترتفع أسعار كل السلع الجاهزة والوسيطة لعمليات الإنتاج في دول المنشأ وفي دول العبور ومن ثم إلى سوريا، وستزداد كلف التصنيع مع الارتفاع الملموس لأسعار الطاقة وتعطل ممرات الإمداد (البري والجوي والبحري)، لاسيما وأن معظم دول المنطقة تبنت اجراءات الطوارئ اللازمة والتي منها التوقف عن تصدير مدخلات إنتاج عديدة نظراً لحاجتها لها وعدم ضمان التوريدات اللازمة لتجديدها.
مضيفاً أنه في الأيام المقبلة سنشهد ارتفاعاً ملموساً بتكاليف السلع الوسيطة للإنتاج وقيمة المستوردة وصعوبات إضافية لإستعادة أسواق التصدير مع تزايد إعاقة حركة التجارة، ومزيداً من ارتفاع أسعار الوقود والسلع المستوردة وخاصة الغذائية، مع انخفاض طفيف في سعر عدد من منتجات الفاكهة التي كانت معدة للتصدير.
كذلك تراجع النشاط الاقتصادي ككل وخاصة السياحة التي شهدت عودة حميدة للمغتربين والجاليات العربية قبل عيد الأضحى، وتعطيل خطوط الامداد وشبكات النقل البري خاصة مع الأردن والعراق ومن لبنان أو تركيا بإتجاه دول الخليج العربي وبالاتجاه المعاكس مع اغلاق طرق حيوية لكل دول المنطقة، أيضاً ارتفاع كلف التأمين وإعادة التأمين، وتجميد مشاريع التعاون والاستثمارات الموقع عليها في الأسابيع الأخيرة.
وحذّر الخبير من أن استمرار إغلاق طرق حيوية جوية وبرية مع صعوبات وصول النواقل إلى الموانئ السورية، وإعاقة حركة التجارة يعني ليس فقط ارتفاعاً في الأسعار لكن ربما نشهد نقصاً في الوقود والمواد الأساسية إن طال أمد الحرب ولم تتخذ الحكومة الإجراءات الاحترازية بحسب أفقها الزمني.
أيام قليلة من الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل بدأت تُرخي بظلالها على المنطقة والعالم، ولا شك أن الاقتصاد السوري سيكون أكثر المتضررين، فهل هنالك إمكانية لرسم خطة طوارئ حقيقية للمواجهة؟.