الثورة – ميساء العلي:
تواجه وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات موجة انتقادات واسعة بعد أن أصدرت بياناً يبدو أنه لم يقنع المواطنين بشأن رفع شركتي “سيريتل” و”إم تي إن” أسعار خدمات الاتصالات والإنترنت، لتغطية زيادة التكاليف التشغيلية، في وقت لم يلمس المستخدمون أي تحسن في جودة الخدمة.
وقد رأى مواطنون في القرار، الذي صدر بعد أيام من رفع تعرفة الكهرباء، امتداداً لسلسلة زيادات متلاحقة لم تترك فسحة لالتقاط الأنفاس وسط ارتفاع مستمر في تكاليف أساسيات الحياة اليومية.
وتقول المهندسة المدنية سهام ماضي، لصحيفة “الثورة”، إن المواطن كان ينتظر التراجع عن رفع أسعار الكهرباء بنسبة 600 بالمئة مؤخراً، “إلا أن الحكومة فاجأتنا بزيادة جديدة تمسّ التعليم والعمل والتواصل الاجتماعي”.
أما آية العبد، طالبة الحقوق، فأبدت انزعاجها رغم وجود حسم 25 بالمئة للطلاب، معتبرة أن التكلفة ما زالت مرتفعة، “خاصة مع اعتمادنا على الإنترنت لمتابعة المحاضرات، ولا سيما طلاب الجامعة الافتراضية”.
ويرى بسام يوسف، أن القرار سيدفع كثيرين ممن يعملون بنظام العمل عن بُعد إلى ترك أعمالهم بسبب التكاليف “غير الواقعية”.
وكانت شركتا “سيريتل” و”إم تي إن” قد رفعتا أسعار خدمات الاتصالات والإنترنت بنسب وصلت إلى 300 بالمئة، بعد إلغاء “باقات الساعات”، وطرح باقات شهرية تتراوح تكلفتها بين 24 ألفاً و300 ألف ليرة سورية.

تأثر أصحاب الأعمال
يقول المحلل الاقتصادي شادي سليمان، لصحيفة “الثورة”، إن دول العالم تتجه إلى دعم التحول الرقمي، بينما “تسير السياسات الحكومية المحلية في الاتجاه المعاكس”، محذراً من أن “الزيادة الأخيرة بأسعار خدمات الاتصالات تضرب الشركات الناشئة وتحد من قدرتها على الاستفادة من التقنيات الحديثة، كما تقلص استخدام الإنترنت في التسويق والخدمات الإلكترونية”.
ويشير سليمان إلى “غياب رؤية اقتصادية شاملة تعالج جذور الأزمة”، مؤكداً أن “الحل لا يكون برفع أسعار الخدمات الأساسية، وهو الأسلوب الأسهل، بل بتحفيز الإنتاج وإيجاد حلول مستدامة توازن بين متطلبات التشغيل وقدرة المواطنين”.
وزارة الاتصالات توضح
قالت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات إنها وجهت “سيريتل” و”إم تي إن” إلى تقديم توضيح رسمي يبين دوافع طرح باقات جديدة بأسعار مختلفة، وأثر ذلك على استمرار الخدمات المقدمة للمشتركين وتطوير جودتها، مؤكدة حرصها على حماية المصلحة العامة وضمان استقرار سوق الاتصالات.
وأوضحت الوزارة أن الشركتين خاصتان مستقلتان مالياً وإدارياً وتتحملان تكاليف تشغيلية فعلية، مشيرة إلى أنها وجهت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد لمتابعة التزام الشركتين بمعايير التشغيل، مع إمكانية فرض غرامات وعقوبات تنظيمية وفق القوانين النافذة في حال ثبوت المخالفات.
كما لفتت الوزارة إلى أنها تواصل العمل على إعادة هيكلة شاملة لقطاع الاتصالات، تشمل تحديث البنية التحتية، وتطوير شبكات النقل والربط، وتوسيع الوصل الدولي، وبناء شراكات عالمية لمعالجة الفجوات المتراكمة، مؤكدة أن جزءاً رئيساً من الخطة هو إصلاح الإطار القانوني لمشغلي الخليوي بما يسمح بضخ استثمارات خارجية، نظراً لعدم قدرة الموارد الذاتية للمشغلين الحاليين على تلبية احتياجات التطوير.
بيان غير مقنع
لم ينجح بيان وزارة الاتصالات في تهدئة الشارع، وهو ما بدا واضحاً من ردود الفعل الواسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تتزايد الدعوات إلى المقاطعة، رغم تشكيك كثيرين بجدوى ذلك لاضطرار المستخدمين إلى التعامل مع إحدى الشركتين الوحيدتين في البلاد، في حين يطالب آخرون، الشركتين بمراجعة التسعيرة الجديدة وإعادة النظر بالسياسات الحالية، مع التأكيد على ضرورة تخفيض تكلفة الباقات وتحسين جودة الخدمة قبل فرض أي زيادات جديدة.
