يوم بلا تقنين.. عندما تكون الكهرباء 24 على 24

الثورة – مريم إبراهيم :

لم يكن يوم الأمس يوماً عادياً في حياة سكان حي التضامن، إذ غاب التقنين الكهربائي عنهم منذ ليل الجمعة الماضي وحتى اليوم ، لتكون الكهرباء على مدار 24 ساعة، في حي شعبي طالما يشهد الكثير من انقطاعات الكهرباء المتكررة ومشكلات وأعطال شبكة كهربائية تعاني الاهتراء والأعمال الزائدة، لدرجة كان يستمر انقطاع الكهرباء في بعض التجمعات لثلاثة أيام متواصلة وأكثر.

الملفت بالأمر أن استمرار وصل الكهرباء آثار استغراب المواطنين، الذين طالما بقيت عيونهم ترقب لحظة الفصل، إذ تباينت الآراء حول واقع إنارة استمر لساعات متواصلة، في وقت كان يتمنى فيها المواطن أن يكون الوصل ولو ساعة متواصلة في الفترة السابقة، مع معاناة لسنوات طويلة من مشكلات متفاقمة في هذا القطاع.

ومع قرار رفع أسعار الكهرباء الذي أعلنته وزارة الطاقة، وتم البدء به منذ بداية الشهر الجاري كان لوضع مشهد الوصل المستمر وغياب التقنين أصداء متباينة تثير التساؤلات وإشارات الاستفهام حول الفواتير المرتقبة.

يرى مواطنون من الحي، منهم حسين علي ومحمد سعيد وعمر كرزون لصحيفة الثورة أنه منذ سنوات طويلة لم يحدث وأن غاب تقنين الكهرباء عن الحي ، بل كان الظلام الدامس يخيم لسنوات، وتباعاً بدا تحسن ساعات الوصل في مختلف الحارات، وبالأمس غاب التقنين تماماً، ما جعل المواطن مذهولاً، ويعتقد للوهلة الأولى أن الجهات المعنية نسيت جدول التقنين اليومي، وهذا بحد ذاته ترك أثراً ايجابياً لدى قاطني الحي بشكل عام.

بين الخوف والحذر

بالمقابل عبر عدد من المواطنين عن تخوفهم من استمرار الوصل لجهة ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء المنتظرة، هذا الخوف والحذر الذي جعل مواطنين آخرين يقومون بفصل “القاطع” الكهربائي في منازلهم لفترة محدودة تحسباً من استهلاك أكبر وفاتورة أعلى جراء الوصل المستمر، والذي ربما كان بسبب أعطال كهرباء في خزان ما، وهذا العطل شكّل تغذية أكبر للحي بحسب ما بينه المواطنون.

زيادة وصل بشكل عام تشهد معظم المحافظات والمناطق تحسناً واضحاً وملموساً في واقع الكهرباء، إذ زادت ساعات الوصل والتغذية الكهربائية، وبدت الأنوار تضيئ عتمة الشوارع والليالي المظلمة، وهذا ما كان يأمله الجميع ويحلمون به، لكن يبدو أنه مع التخوف من الفواتير المرتقبة لذوي الدخل المحدود بدا المشهد مختلفاً، فمع الأثر الإيجابي والصدى المريح لهذا التحسن، هناك بالمقابل ألف حساب وحساب لقيمة الفاتورة التي ستسجل بناءً على قيمة الاستهلاك ولو بالحدود الدنيا.

وكانت وزارة الطاقة في محاولة منها لإطلاق برنامج إصلاحي لقطاع الكهرباء يحقق الاستدامة المالية، ويحسن الخدمة، ويحول قطاع الكهرباء إلى قطاع أعمال ناجح وجاذب للاستثمار، أصدرت مؤخراً تعرفة جديدة للطاقة الكهربائية المستهلكة في القطر وشكلت هذه التعرفة صدمة لمختلف القطاعات وخصوصاً المستهلكين المنزليين.

إجراءات لضبط الاستهلاك

الخبير الطاقي المهندس السموءل المصطفى بين في لقاء لصحيفة الثورة أن مسألة رفع سعر خدمة الكهرباء كان متوقعاً وهو ينسجم مع توجهات المرحلة والرؤية التي تتبناها القيادة في بناء سوريا الجديدة، والصدمة وعدم الرضى جاء في طريقة التسعير وتقدير الشريحة التي تستحق الدعم عند 300 كيلوات ساعي في الدورة الواحدة، مع تغييب حقيقة مفادها أن التقنين الطويل يفرض نمطاً من الاستهلاك يصعب مع القيام بإجراءات واسعة لضبط الاستهلاك، وخرجت التعرفة بزيادة مقدارها 60 مرة في الشريحة المدعومة (و حوالي 100 مرة في مجمل فاتورة استهلاك الأسرة السورية، وهي نسب تعتبر صادمة في أي دولة في العالم، فما بالك في دولة خرجت للتو من حرب، والمواطن سيكون في حالة من التقشف الكهربائي تجلت في التخلي عن حالة الرفاهية في الكهرباء والتقنين في استخدام الأجهزة الكهربائية إلا للضرورات القصوى.

ويقول المهندس المصطفى إذا كان الأب موظف والأم كذلك فالراتب في المتوسط 2.5 مليون ليرة، ما هو وسطي الاستهلاك؟ طبعاً متوسط يكفي للاستحمام وكي الملابس والغسيل والاستهلاك اليومي المعتاد، لمواطن عادي، وهو بالتأكيد ليس 150 كيلو بالشهر، لنقل إنه 600 في الدورة، وبالتالي فاتورة الكهرباء تساوي 600 ألف يعني 300 ألف في الشهر.

وزن فاتورة الكهرباء من ميزان الدخل للأسرة يتجاوز وفق السعر المعلن 11بالمئة، للكهرباء فقط وليس على مجمل الطاقة، وهذا مع 6-8 ساعات وصل فقط.

تقديم حزم دعم عاجلة

هذه النسبة يجب ألا تزيد عن 5 بالمئة للكهرباء مع مراعاة حجم الأسرة ومستواها الاقتصادي وحجم المنزل وموقعه حسب المهندس المصطفى، ولكي نكون فاعلين هل من الممكن الوصول إلى تصور يصب في مصلحة الطرفين؟ فيمكن أن يتم سحب القرار لمزيد من النقاش لاسيما للوصول إلى صيغة مقبولة، وتحويل الفاتورة المنزلية إلى فاتورة شهرية مع العودة إلى نظام الشرائح المتعددة، وأن يبدأ تطبيق تعرفة جديدة للقطاع المنزلي مع بداية العام 2026 تعدل كل 3أو 4 أو أشهر، وتمتد لمدة عام واحد تنتهي بالصورة التي اقترحتها الوزارة مع إعادة النظر في الحد الأدنى للشريحة المدعومة، وتواكب زيادة الأجور القادمة ولا تسبقها، مدعومة بمجموعة إجراءات اقتصادية واجتماعية بالتشاور مع الوزارات الأخرى، لتحديد الفئات الأكثر هشاشة، وتقديم حزم دعم عاجلة ممولة من الوكالات الداعمة في نهايتها يمكن الوصول لتعرفة من شريحتين فقط، يتم رفع الدعم فيها عن الشريحة الثانية.

ويضيف: يعني مثلاً نبدأ بشريحة 300 ك وس بتعرفة 200 ليرة سورية للكيلو وات ساعي، ثم شريحة حتى 500 بـ 400 ليرة سورية، ثم شريحة حتى 700 بسعر 600 ليرة سورية إذا زاد الاستهلاك عن 700 تصبح التعرفة 1000 ليرة (4-5 شرائح بسعر مناسب) تعدل بشكل رباعي أو كل 4 أشهر مثلاً، فترة العام تسمح للوزارة بصياغة استراتيجية مستدامة وطرحها على الجمهور بحيث تتضمن إلى جانب التعرفة إجراءات رفع كفاءة التوليد وتقليل الضياعات الفنية في الشبكة، بما يسمح بتخفيض مستقبلي في تكاليف الإنتاج، وتعزيز إجراءات رفع كفاءة الاستهلاك في مختلف القطاعات، ودعم انتشار الطاقة المتجددة وحفظ الطاقة، بالإضافة إلى تحريك أسعار بقية حوامل الطاقة.

آخر الأخبار
مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب حملات لضبط المخالفات وتعزيز السلامة في منبج.. والأهالي يلمسون نتائجها يوم بلا تقنين.. عندما تكون الكهرباء 24 على 24 تبريرات رفع أسعار خدمات الاتصالات "غير مقنعة"! إزالة الإشغالات في دمشق القديمة.. تشعل الجدل بين تطبيق القانون ومصالح التجار سياحة المؤثرين.. صناعة جديدة وفرصة لإعادة تقديم سوريا للعالم هطلات مطرية تسعف الخضار الشتوية بدرعا كيف تُبنى صورة بلدنا من سلوك أبنائها..؟ لماذا يعد دعم الولايات المتحدة للحكومة السورية الجديدة أمراً مهماً؟ تأخّر تسليم شهادات الثانوية العامة في حمص.. و"الامتحانات" توضح تجريبياً.. "مالية حلب" تبدأ العمل بتطبيق إلكتروني للحصول على "براءة الذمة"