الثورة – ترجمة ختام أحمد:
كتب الصحفي الأميركي، كولن باسكال، في مقال له على صحيفة “بالتيمور صن”، أنه كان لقاء الرئيس دونالد ترامب في “البيت الأبيض” مع الرئيس السوري أحمد الشرع، استمراراً لسياسته السليمة تجاه النظام السوري الجديد.
غالباً ما يحجب الصراع في أوكرانيا والتوترات المستمرة في غزة الأخبار المتعلقة بسوريا، لكن ما يحدث في البلاد يهم الأميركيين.
كان قرار الرئيس ترامب في وقت سابق من هذا العام برفع العقوبات عن سوريا خطوة جريئة مهدت الطريق لتغيير إيجابي في الشرق الأوسط.
إن استعداده لاستضافة الرئيس الشرع في واشنطن، إلى جانب لقائهما السابق في السعودية في أيار/مايو الفائت، أرسل إشارة قوية مفادها أن الولايات المتحدة لا تؤمن بوجود أعداء دائمين ويمكنها تعديل موقفها مع تغير الظروف.
الرئيس الثناء لأنه اتخذ خطوات مهمة نحو تحقيق الاستقرار في سوريا، لكن الوضع لا يزال هشاً، وهناك حاجة إلى إجراءات إضافية.
هددت الاشتباكات العنيفة التي وقعت خلال الصيف السلام الداخلي في سوريا وأدّت إلى ضربات إسرائيلية وضعت ضغوطاً هائلة على الشرع للرد.
لقد صمد الرئيس السوري أمام هذه الضغوط واختار مواصلة الحوار المثمر مع إسرائيل.
لقد تمّ تدمير الاقتصاد السوري ويعاني شعبه من الصدمة بسبب عقد من الحرب. لكن من مصلحة أميركا أن ترى نجاح الشرع. قبل عام واحد، لم يكن من المتصور أن تتواصل سوريا مع الغرب. وقد أدرك الرئيس ترامب هذه المكاسب واتخذ القرار المثير للجدل، لكنّه الصحيح، بالتعامل مع الشرع.
وخلافاً لقادة العراق في أعقاب الغزو الأميركي عام 2003، فإن السوريين لا يميلون إلى رؤية الشرع باعتباره تابعاً للغرب. علمتنا تجربتنا في العراق وأفغانستان أن حكومات ما بعد الصراع لن تنجح ما لم تعتبرها الشعوب التي تحكمها شرعية.
إن مساعدة الشرع في الحفاظ على الشرعية يجب أن تكون هدفاً للسياسة الخارجية الأميركية، وإلا فإن البدائل خطيرة للغاية بحيث لا يمكن قبولها.
وإذا فشلت سوريا، فإن إسرائيل ستواجه تحدياً أمنياً هائلاً على طول حدودها الشمالية الشرقية، الأمر الذي يتطلب رداً عسكرياً مكلفاً ومستداماً.
ومن شأن المساحة غير الخاضعة للحكم في سوريا أن تصبح أرضاً خصبة للإرهاب وقد تجبر الولايات المتحدة على التدخل المباشر.
إن تجنب هذه النتائج يتطلب استخدام كلّ الموارد المتاحة لزيادة احتمالات نجاح حكومة الشرع.
والخطوة المهمة التالية هي أن يكمل مجلس الشيوخ الأميركي العمل الذي بدأه الرئيس ترامب ويزيل العقوبات المتبقية عن سوريا.
إن السماح لسوريا بالتجارة مع العالم وتلقي الاستثمار المباشر أمر بالغ الأهمية، لكنه لن يكون كافياً لتحقيق استقرار الوضع، وقد حان الوقت لتقديم المساعدة المباشرة للبلاد.
إن وجود دولة فاشلة في قلب الشرق الأوسط ليس أمراً يمكننا تجاهله من منظور الأمن القومي، ومن شأنه أن يشكل تهديداً خطيراً لإسرائيل.
ومن خلال رفع العقوبات مؤقتًا واستضافة الشرع في البيت الأبيض، اتخذ الرئيس ترامب بالفعل خطوات مهمة لتحقيق الاستقرار في سوريا.
إن خلق أفضل فرصة لتجنب أسوأ النتائج الممكنة يتطلب رفع العقوبات بشكل دائم والاستعداد للاستثمار في سوريا، حتى في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس سياسته المتمثلة في خفض الالتزامات الأجنبية في أماكن أخرى.
يحتاج الشرع إلى أن يُظهر للسوريين أن حكومته قادرة على تحسين حياتهم.
سوريا على مفترق طرق، وينبغي لمجلس الشيوخ أن يدعم المشاركة المثمرة للرئيس، كما ينبغي أن تعمل السلطتان التشريعية والتنفيذية معاً لتزويد حكومة الشرع بالموارد.
ويكاد يكون من المؤكد أن انهيار حكومة الشرع سيكون إيذاناً بفترة جديدة من الحرب الأهلية.
لن تكون المعاناة في سوريا هائلة فحسب، بل إن التعامل مع التداعيات سيكلف على المدى الطويل أكثر من الاستثمارات المعقولة التي يمكن القيام بها اليوم.
المصدر- The Baltimore Sun