الثورة – أسماء الفريح:
هجوم غادر وقع في منطقة المزة ومحيطها بالعاصمة دمشق مساء أول أمس الجمعة، تمثل بسقوط صاروخي كاتيوشا بعد إطلاقهما من أطراف المدينة، ما أسفر عن عدد من الإصابات في صفوف المدنيين وإلحاق أضرار مادية بالمكان، وفقًا لما أعلنت إدارة الإعلام والاتصال بوزارة الدفاع السورية.
وصرح مصدر عسكري لوكالة “سانا”، أن الاعتداء كان بواسطة صواريخ أطلقت من منصة متحركة، فيما نقلت قناة الإخبارية عن إدارة الإعلام والاتصال في الوزارة قولها: إنه تم العثور فجر السبت على أجهزة عسكرية بدائية الصنع يُرجّح استخدامها في الهجوم.
وأضافت إن فرق الاختصاص “تمكنت من العثور على موقع إطلاق الصواريخ نحو حي المزة”، بعد دراسة فنية لمسار المقذوفات، موضحة أن فريقًا عسكريًا مختصًا اعتمد على تحليل “زوايا السقوط وتجمع الصواريخ” لتحديد نقطة الإطلاق بدقة، دون تقديم تفاصيل إضافية حول طبيعة المنصة أو الجهة التي قد تكون وراء الهجوم.
المتضررون ومحاولة العبث بأمن سوريا في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا داخلياً وخارجياً جراء عقود من حكم النظام المخلوع، تحاول جهات عدة سواء أكانت “قسد” أو “داعش” أو فلول النظام المدعومة من جهات خارجية، والتي تضررت بشدة من سقوط نظام المخلوع بشار الأسد وانتصار الثورة السورية، نشر الفوضى وتقويض دعائم الأمن وإثارة النعرات بين السكان لخدمة مخططاتها التخريبية وأيديولوجياتها المختلفة.
لكن الوزارة ومعها كل مؤسسات الدولة تشدد على أنها لن تتوانى عن ملاحقة المسؤولين عن الأعمال الإجرامية، وعن اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق كل من يعبث بأمن سوريا ويستهدف حياة السوريين واستقرارهم.
ومساء أمس، وفي محاولة لتهديد أمن المجتمع واستقراره، قُتل شخصان وأصيب آخرون جراء حادثة إطلاق نار عشوائي نفذها مجهولون داخل مقهى في قرية أم حارتين بريف حمص الغربي.
كما استهدف اعتداء إرهابي باص مبيت لحراس المنشآت النفطية التابع لوزارة الطاقة السورية أثناء مروره على الطريق الواصل بين دير الزور والميادين في السادس عشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ما أسفر عن ارتقاء أربعة عمال وإصابة تسعة آخرين من العاملين والمدنيين.
وفي الثاني والعشرين من حزيران/يونيو الماضي، استهدف هجوم إرهابي كنيسة مار إلياس بمنطقة الدويلعة في دمشق، ما أدى إلى ارتقاء 25 شخصاً وإصابة 63 آخرين، فيما أعلنت وزارة الداخلية في الرابع والعشرين من الشهر ذاته تفاصيل العملية الأمنية التي أدت إلى إلقاء القبض على أفراد خلية إرهابية تتبع لتنظيم “داعش”، والتي تقف وراء الاعتداء.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة نور الدين البابا حينها أنه تمت مداهمة أوكار لتنظيم “داعش”، وضُبط فيها مستودع سلاح ومتفجرات، إضافة إلى تحييد أحد المتورطين في التفجير الغادر بالكنيسة، وإلقاء القبض على انتحاري آخر كان في طريقه لتنفيذ عملية في مقام السيدة زينب قرب العاصمة دمشق، وذلك في محاولة لضرب وحدة سوريا ونسيجها الوطني.
كما تمكنت قوى الأمن الداخلي في محافظة طرطوس في آب/أغسطس الماضي من إحباط مخطط لتفجير كنيسة في قرية الخريبات بمنطقة صافيتا، وقبضت على شخصين خلال محاولتهما تنفيذ العمل الإرهابي، وتبين أنهما يتبعان لإحدى المجموعات الخارجة عن القانون والمرتبطة بفلول النظام المخلوع.
وأحبط جهاز الاستخبارات العامة بالتعاون مع إدارة الأمن العام في ريف دمشق في كانون الثاني/يناير الماضي، محاولة تفجير من قبل تنظيم “داعش” الإرهابي داخل مقام السيدة زينب في محيط العاصمة دمشق.
“قسد” ومواصلة خرق اتفاق مارس/آذاررغم توقيع الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات “قسد” مظلوم عبدي على اتفاق ينص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لما تسمى “الإدارة الذاتية” في مؤسسات الدولة السورية بحلول نهاية العام الجاري 2025، إضافة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في كل المحاور في شمال وشمال شرق سوريا، غير أن “قسد” تواصل خرقه باستمرار وتقوم بالاعتداء على نقاط الجيش السوري، ما يسفر عن وقوع شهداء وجرحى في صفوفه، كما تواصل عمليات الاعتقال والتنكيل والتضييق بحق الأهالي في المناطق التي تنتشر فيها بالجزيرة والفرات.
المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك، بدوره انتقد بطء استجابة “قسد” لتنفيذ الاتفاق، وقال: إن الطريق الوحيد أمامها يمر عبر دمشق، التي أبدت حماساً لضم قوات “قسد” ضمن مؤسساتها في إطار مبدأ دولة واحدة.
وفي جنوب سوريا، أطلقت الحكومة السورية في السادس عشر من أيلول/سبتمبر الماضي، خارطة طريق شاملة لمعالجة الأوضاع في السويداء، وسط دعم معلن من الأردن والولايات المتحدة الأميركية وترحيب عربي ودولي لافت، بعد الأحداث المؤلمة التي شهدتها المحافظة في تموز/يوليو الماضي.
لكن، ورغم محاولات الحكومة السورية تضميد جراح المحافظة وتحقيق التنمية وترسيخ الأمن الوطني، مع رفض واضح لأي تدخلات خارجية تمس وحدة الأراضي السورية، فإن المجموعات الخارجة عن القانون تواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء، وتقوم بشن الهجمات باستمرار في قرى ريف المحافظة.
جدير بالذكر أن وزارة العدل شكلت في الـ 31 من تموز/يوليو 2025 لجنة خاصة للتحقيق في الوقائع المرتبطة بالأحداث التي شهدتها محافظة السويداء، بهدف تحديد المسؤوليات القانونية وإحالة المتورطين إلى القضاء المختص وفق الأصول القانونية.
وأكد المتحدث الرسمي باسم اللجنة عمار عزّ الدين أمس أن مؤتمراً صحفياً سيعقد اليوم لعرض آخر ما توصّلت إليه اللجنة خلال الفترة الماضية.
استهداف خلايا “داعش”
وفي إطار الجهود الوطنية المستمرة لمكافحة الإرهاب والتصدي للمخططات التي تستهدف أمن الوطن وسلامة المواطنين، أعلنت وزارة الداخلية السورية خلال تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، عن تنفيذ عملية أمنية واسعة استهدفت خلايا إرهابية تابعة لتنظيم “داعش” في عدد من المحافظات.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة أن العملية الأمنية اشتملت على 61 عملية دهم في مختلف المحافظات، وأسفرت عن 71 عملية اعتقال شملت قيادات من مختلف المستويات بالإضافة إلى عناصر عاديين، كما أدت أيضاً إلى تحييد عنصر من تنظيم “داعش”، إلى جانب مداهمة مخازن ومستودعات للذخيرة والسلاح وأوكار تحتوي على معدات لوجستية في مناطق عدة.
وحول البعد السياسي لهجوم المزة والرسائل المحتملة، يرى المحلل السياسي، عرابي عرابي، في حديثه لصحيفة الثورة، أن البعد السياسي للهجوم لا يكمن في عدد الجرحى أو حجم الأضرار، بل في كونه يسعى لكسر صورة الاستقرار في العاصمة في لحظة تحاول فيها الحكومة الجديدة النهوض بالبلد داخلياً وخارجياً.
وقال: إن “الرسائل المحتملة تتراوح بين تحد داخلي من أطراف متضررة من ترتيبات ما بعد الأسد، وإشارة من فاعلين متطرفين إلى استمرار قدرتهم على استغلال الثغرات وضرب الاستقرار الأمني، وتذكير جميع الجهات بوجود أطراف داخلية قادرة على الضغط على دمشق بعمليات غير متوقعة”.
واعتبر عرابي، أنه في جميع الحالات فإن الهجوم سيؤدي على الأرجح إلى تشديد الإجراءات الأمنية في العاصمة، وربما إلى إعادة ترتيب أولويات الحكومة بين ملفات الأمن والإصلاح السياسي وعودة النازحين واللاجئين في المشهد السوري الراهن.
عملية حصر السلاح
بعد تعرض أهالي مخيم الفردان في ريف إدلب لانتهاكات جسيمة من قبل مجموعة مسلحة خارجة عن القانون بقيادة المدعو عمر ديابي، واستجابة لشكاوى القاطنين فيه، قامت قيادة الأمن الداخلي في الـ 22 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي باتخاذ إجراءات عاجلة وحازمة لحماية المدنيين وضمان سلامتهم، وذلك انطلاقًا من مسؤولياتها بهذا الخصوص.
وبما أن حماية المدنيين والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم وتطبيق سيادة القانون على جميع الأراضي السورية يقع على عاتق الدولة السورية وحدها، وبالنظر إلى ما تقوم به المجموعات الخارجة عن القانون في بعض المحافظات، فقد أصبح من الضرورة بمكان البدء بعملية حصر السلاح بيد الدولة وتوحيد القوى في سوريا.
وكان الرئيس الشرع قد أكد في كلمة مرئية حول الأحداث التي جرت في الساحل السوري في آذار/مارس الماضي، أن سوريا سارت إلى الأمام ولن تعود خطوة واحدة إلى الوراء، ومهمة الجميع الحفاظ عليها ونصرتها.
وقال الرئيس الشرع: “سنستمر في حصر السلاح بيد الدولة، ولن يبقى سلاح منفلت في سوريا بإذن الله، وسيحاسب حساباً شديداً كل من يتجاوز على المدنيين العزّل ويأخذ أقواماً بجريرة أقوام”.
كما شدد على أن الدولة ستبقى ضامنة للسلم الأهلي ولن تسمح بالمساس به على الإطلاق.
كما أشار الرئيس الشرع، في كلمة سوريا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين في نيويورك في أيلول/سبتمبر الماضي، إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، وقال: “لم تهدأ التهديدات الإسرائيلية ضد بلادنا منذ الثامن من كانون الأول وحتى اليوم، فالسياسات الإسرائيلية تعمل بشكل يخالف الموقف الدولي الداعم لسوريا وشعبها في محاولة لاستغلال المرحلة الانتقالية، ما يعرض المنطقة للدخول في دوامة صراعات جديدة لا يعلم أحد أين تنتهي، وإزاء ذلك تستخدم سوريا الحوار والدبلوماسية لتجاوز هذه الأزمة، وتتعهد بالتزامها باتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وتدعو المجتمع الدولي إلى الوقوف إلى جانبها في مواجهة هذه المخاطر واحترام سيادة ووحدة الأراضي السورية”.