وفاء فرج
عوامل كثيرة تتحكم بآلية عمل الشركات الصناعية العامة ولا سيما منها المرتبط وجودها بالمواسم الزراعية، ففي حال لم تكن المحاصيل جيدة فإن ذلك سيؤثر حكماً على الطاقات الإنتاجية لهذه الشركات وبالتالي انخفاض حجم إنتاجيتها، إضافة إلى أن عملها يعتمد على المواسم، أي أنه موسمي، وعليه فهل يتوقف عملها عندما ينتهي الموسم؟ وهل من أفكار وطروحات جديدة تخلق لها جبهات عمل جديدة؟
المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية المهندس إبراهيم نصرة أوضح أن خطة الشركات التابعة للمؤسسة ترتبط بالمواسم الزراعية ويتم -بالتنسيق مع زارة الزراعة- استثمار المساحات المزروعة بالشكل الأمثل بما يضمن تحقيق الطاقات حيث تقوم شركة كونسروة دمشق التي تعمل على مواسم كالبندورة والبازلاء على وضع خطتها بما يضمن استمرار العملية الإنتاجية على مدار العام، وكذلك الأمر لشركات عصر وصناعة العنب في حمص والسويداء والتي تقوم باستلام كامل محصول العنب من الفلاحين من خلال عقود مع الجمعيات الفلاحية مع دفع سلفة مالية للمزارعين لضمان استلام كامل المحصول.
أما بخصوص العمل بعد انتهاء المواسم الزراعية فقال إنه يتم العمل طيلة العام وفق الكميات المستلمة خلال الموسم الزراعي بحيث توزع الكميات المستلمة على جدول عمل وفق كميات تضمن استمرار الإنتاج طوال العام، وهو أمر لا يكتمل إلا بمراعاة المواسم الزراعية ومواعيدها، لافتاً إلى إجراء الصيانات الدورية لخطوط الإنتاج لضمان الجاهزية واستمرار استقبال المحاصيل الزراعية ودوران عجلة الإنتاج وتلبية حاجة السوق المحلية من منتجات شركات كهذه.
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عابد فضلية أوضح أن الموضوع المطروح حول صناعات القطاع العام الموسمية من أهم الموضوعات التي يجب مناقشتها في إطار عملية إصلاح القطاع العام الاقتصادي، والتي بدأ الحديث عنها منذ عقود ولم ينته حتى اليوم دون الوصول إلى أي نتيجة.
وأضاف: في كل الأحوال فإن الإجابة على السؤال فيما إذا كان استمرار وجود منشآت القطاع العام الصناعي ذات الإنتاج الموسمي مجدياً اقتصاديا أم لا، لهو أمر غير ممكن دون أن يتم إجراء مسح واستقراء حيادي وموضوعي لواقع كل منشأة من هذه المنشآت، من حيث وضعها التشريعي والمؤسسي والإنتاجي والتشغيلي والمالي والاستثماري والإداري والفني والتسويقي والعمالي، بما في ذلك (وليس حصراً) نسبة تضررها من الحرب ومن الزلزال الأخير، وارتداداته اللاحقة إن وُجدت، وبحيث يشمل التحليل أيضاً الجدوى الاقتصادية والتجارية من حيث الربح والخسارة للسنوات العشر الأخيرة، والجدوى الاجتماعية من حيث مساهمتها بتشغيل القوى العاملة على الأقل، والوضع السيادي والاستراتيجي أو الهامشي لمنتجاتها أو لمدخلات الإنتاج لديها، بالتوازي مع دراسة حجم الأموال اللازمة لترميمها و/أو تحديثها، وفيما إذا كانت هذه الأموال متوافرة أم متوافرة نسبياً أو لا، وكذلك مدى وجود بديل لمنتجاتها لدى القطاع الخاص من عدمه.
وبناءً على التحليل هذا، يتم تصنيف جميع وحدات القطاع العام الاقتصادي ضمن أربع فئات، الفئة الأولى التي يجب حتماً الاحتفاظ بها ودعمها، وإبقاء ملكيتها حكومية خالصة، والفئة الثانية والتي يجب حتماً الاحتفاظ بها ودعمها، مع إمكانية طرحها للتشاركية مع القطاع الخاص أو المشترك أو مع جهة عامة أخرى أو مع رأس المال المحلي أو الخارجي المقبول، والفئة الثالثة التي يمكن الاحتفاظ المشروط بها أو الاستغناء عن أنشطتها واستبدالها بأنشطة أخرى أو طرحها للتشاركية بشروط تحقق مصلحة الشركة والقطاع، وأخيراً الفئة الرابعة التي لا يُنصح أبداً بالاحتفاظ بها ولا طرح التشاركية بشأنها لكونها لا يمكن الاستفادة منها لأنشطة أخرى.
فضلية ختم بالقول: بعد إجراء المسح والدراسة وبناءً عليهما وعلى التصنيف الذي تمت الدراسة على أساسه، ووفقاً للفئات والتصنيفات التي ذُكرت، يتم اتخاذ القرار المناسب بشأن كل وحدة من وحدات القطاع العام الاقتصادي الصناعي، بما فيها تلك المنشآت ذات الطبيعة الموسمية لمنتجاتها