الملحق الثقافي- ياسمين درويش:
بعد التطور الحاصل في وسائل الإعلام إثر دخول التكنولوجيا الرقمية الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية إلى حياة معظم الأفراد، فقدت العديد من الفعاليات الثقافية والفنية بريقها السابق،- فعلى سبيل المثال- فإن الأفلام السينمائية فقدت الكثير من ألقها في العرض الأول، فلا يمكن أن نقارن الصدى الذي ناله الفيلم السينمائي في أواسط القرن الماضي بالصدى الذي يناله الفيلم في زمننا الراهن.
كذلك فإن المتلقي لم يعد ينتظر الذهاب إلى دورالسينما لحضورعرض الفيلم الجديد، حتى أنه لم يعد ينتظرعرض هذا الفيلم على شاشة التلفزيون، بل بات يبحث عن الأفلام المفضلة لديه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج الالكترونية كاليوتيوب وغيره من البرامج.
ومن أهم أسباب ازدياد تعلق المشاهد بجهازه المحمول، وما يتابعه من خلاله هو سهولة الوصول لما يريد متابعته، إذ أنه يتابع الدراما أو المباريات الرياضية أو الفنون التي يتشوق لمتابعتها أثناء عمله أو داخل منزله، وحتى قبل أن يخلد لنومه وهو داخل سريره دون مراعاة رأي أفراد الأسرة، على عكس شاشة التلفزيون التي يجتمع حولها كلّ أفراد الأسرة، والتي عادة ما تختار برنامجاً، أو دراما تمتع الجميع.
فالأكثر رواجاً في عصرنا هذا هو كلّ ما يتابعه المرء عبر شبكة الإنترنت بما تحتويه من مواقع تواصل اجتماعي و برامج الكترونية على اختلاف أنواعها.
ومع صعود نجم تلك المواقع والبرامج الالكترونية التي تبث عن طريق شبكة الانترنت ظهرت مهن جديدة هي وليدة هذا العصر كاليوتيوبر الذي يصنع مقاطع مرئية ويعرضها على قناة يوتيوب والفاشنيستا التي تعرض الأزياء عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي مثل الانستغرام وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي.
وانطلاقاً من هذا المبدأ أخذ البعض يحلمون بالشهرة وجني مبالغ طائلة عن طريق إنشاء قنوات على شبكة الإنترنت عبر برامج معينة فمنهم من أنشأ بنفسه قناة للمقاطع التمثيلة الهادفة، أو قناة متخصصة بتعليم الطبخ أو المهارات اليدوية كالتطريز وأشغال الأبرة وحياكة الصوف، وهي قنوات مفيدة بالمجمل تصنع بيد متخصصين في مجالاتهم، وترفع لهم القبعة، كما أنها قنوات رائجة نجد لها عشرات الآلاف من المتابعين وأحياناً مئات الآلاف.
إلا أن بعض المستخدمين أساؤوا استخدام هذه القنوات فدفعهم الطمع بزيادة المشاهدات لمقاطعهم المرئية إلى تصرفات غير لائقة، كأن يجعل صانع المحتوى أفراد عائلته -على اختلاف أعمارهم- يصرخون بطريقة هيسترية لإضحاك المشاهد، أو القيام بتصوير مشاجرات نسائية مفتعلة والتلفظ خلال المشاجرة بألفاظ مشينة، أو عرض المشاحنات العائلية ذات الخصوصية العالية على الملأ، ليظهر أفراد الأسرة بمشاهد مخيبة للآمال، ليكون هدفهم من هذا كله هو زيادة عدد المتابعين لقنواتهم على المواقع الالكترونية.
إن شئنا أم أبينا نجد أن الدراما الرائجة في عصرنا الراهن هي الدراما التي تعرض على القنوات الخاصة بالانترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي سواء كانت هادفة أم لا، أو مصنوعة بواسطة متخصصين أم لا.
لتصبح دراما الواقع المصنوعة بأيدي أناس عاديين هي الدراما الاكثر رواجا على المواقع الالكترونية وهم يقومون بتصوير حياتهم اليومية وعرضها بأدق تفاصيلها، دون أي خجل أو مراعاة الخصوصية العائلية.
العدد 1160 – 19-9-2023