الثورة – رفاه الدروبي:
يأتي يوم النكبة الفلسطينية كلَّ عام لينبش ذكرى مأساة وطنٍ غاص في غيابات الظلمات، وشعب مشرَّد ينشد وطناً مرَّ على اغتصابه سبعة وسبعون عاماً، لتُطرَح أسئلة كثيرة قدَّمها الباحث أبو علي حسن خلال ندوة بعنوان: “أسئلة النكبة وأسئلة المستقبل” ألقاها يوم السبت في أكاديمية دار الثقافة في مخيم اليرموك بدمشق.
اغتصاب أرض
تلخَّصت أسئلة الباحث حسن حول النكبة والحاضر، ومستقبل يحمل تاريخاً ومعاني اغتصاب أرض وتهجير ومخيمات وخيانات، ومحاولات إماتة الهوية في ظلِّ نضال مجيد وحركة وطنية ووعي لا يزال في مرحلة جنينية وطنية، لكن لماذا فلسطين؟
إنَّ فلسطين تاريخياً كانت في عين العاصفة لاحتلالها موقعاً استراتيجياً يستطيع التحكُّم بالتجارة الداخلية والنهوض الاقتصادي، وبوابة للتجارة العالمية بين قارات ثلاث كانت مستهدفة منذ عهد الهكسوس، حين وفدوا من خلالها فتوجَّهت الأنظار إلى أهميتها، ثم جاء الاستعمار الفرنسي كي يُسهِّل التجارة الهندية وما تحمله من التوابل وغيرها لفلسطين عبر بلاد الشام، إضافة لكلِّ ما له علاقة بجغرافية التوراة أرض الميعاد، لذا حين تكون هناك سياسات استعمارية تكون جغرافيتها الهدف الأقوى.
سياسة التوطين
كما لفت الباحث أبو علي إلى أنَّ سياسة التوطين في الأراضي المصرية ليست وليدة الساعة، بل تمَّ طرحها منذ خمسينات القرن الماضي، وحُدِّدت غزة وسيناء، ووافق بعض السياسيين في مصر، لكن الحركة الوطنية رفضت التوطين، وتتالت الحروب وأصبحت الثورة الفلسطينية المظهر الرئيس للأمة العربية في ستينات القرن الماضي ولم تستطع تحوّلها، وبدأت المؤامرات منذ اليوم الأول لتشهد مع بداية السبعينات مجزرة أيلول الأسود بضرب المخيمات الفلسطينية وإزالتها، ومنها: مخيم تل الزعتر، صبرا وشاتيلا، مخيمات نهر البارد في لبنان.
وتتوجَّه الأنظار الآن لدكِّ مخيمات غزة والضفة بالمدافع المُركَّزة، بهدف إنهاء وجود المخيمات، كونها الشاهد الحي للاجئين هُجِّروا من أراضيهم دون أن يكون للشعب الفلسطيني أيُّ كيان.
ثم بيَّن أنَّ أهم أسباب الهزيمة تعود إلى تفتيت الديمقراطية، وعدم إدراك الوحدة الوطنية، وأهميتها ودورها لأي انتقال سياسي، فكانت من العوامل الموضوعية سياسة انتهجها الكيان الإسرائيلي منذ عشرينات القرن الماضي وحتى أيامنا الراهنة.
ولم يعترف العالم الحر بفلسطين وشعبها، لأنَّ الوحدة الاستراتيجية مبنية على الوعي السياسي، وقراءة التاريخ وعِبَرِه، لكن لا يزال الأمل كبيراً جداً، فرغم كل ذلك يُصمِّم على الوجود الموضوعي للفلسطينيين على أرضهم.
شعب ينشد وطناً
وختم حديثه، إن الإنكليز وجدوا مع الثورة ضرورة الاعتراف بأهمية العودة إلى أرض الميعاد، لأنه يكون مرهوناً بالسياسات الاستعمارية، فعندما غزا نابليون فلسطين عام 1799م وخرج منها عام 1801قال ما معناه: يجب أن يكون هناك لليهود وطن، ولحقه فيما بعد بلفور صاحب الوعد المشؤوم عام 1917م لتأسيس وطن لهم، إضافة إلى تأسيس الجامعة العبرية في القدس عام1925 قبل تشكُّل الكيان الإسرائيلي، وحضر افتتاحها2500شخص من نخب سياسية، كان بينهم رئيس جامعة فؤاد في مصر لطفي السيد، مشدِّداً على ضرورة الوعي العربي، واستدراك الحدث السياسي، وتهيئة النفس لمواجهة التحديات نتيجة غياب الوعي وارتباطه بانهيارات على مستوى النخب والمواطن العادي في الوطن العربي كي تُستكمَلَ مؤامرة عام 1948.