الثورة أون لاين: لم يكن صعباً قراءة هذه الحملة الهستيرية, التي مارستها قنوات سفك الدم السوري بالتنسيق مع مجلس استنبول، كما لم يكن من العسير فهم أبعاد وتداعيات هذا التسخين الإعلامي والسياسي والدبلوماسي إلى حدّ الغليان والذي جاء على شكل حفلة كذب وافتراء وتضليل.
وإذا كان متاحاً للكثيرين استدراك بعض التفاصيل التي انطوت عليها، فإنه من غير الممكن، حتى هذه اللحظة، تفسير هذه المسرحيات الساذجة في التركيب والإخراج، التي بَدت فاضحة في كل شيء من طريقة التقديم وصولاً إلى أسلوب التعاطي معها. قد يكون من الطبيعي أن تكون حروبهم على شاكلتهم.. وحملاتهم تشبههم.. وأدواتها جزءاً منهم بوضاعتها والقاع الذي أنتجها، لكن المفارقة أن الغارقين في مستنقع المؤامرة المستمرة.. لايزالون يراهنون على تورّماتهم واستطالاتهم.. بعد أن أفلسوا.. وفي الاستدراك لم يحالفهم الحظ أكثر مما كان في السابق، ولا هو خارج المتوقع. ربما بمقدور هذه الجوقة بتناغماتها المختلفة، أن تتحدث طوال الوقت وأن تمرر ماتحتاجه.. وأن تفبرك كما تشاء ماترغب فيه، لكن بات من المخزي فعلاً أن يتعامل أحد في هذا العالم مع هذا الوباء الذي يستشري في مستوياته المختلفة، سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً وصولاً إلى مايمثله من صفاقة علنية في دعم الإرهاب، دون أن يرف له جفن. منطقياً، لانعتقد أن هناك من يشك لحظة واحدة في أن الارتدادات الناتجة عن هذه المسرحية كانت كارثية على منفذيها، لأن هذا الخلط العجيب والتجييش والافتراء والتضليل والاعتداء على السفارات وبالتوقيت ذاته لايمكن أن يعطي نتيجة، بل على العكس، له آثار معاكسة، اتضحت على الأقل في بعض المواقف التي عجزت عن تجاهل الخديعة القائمة. وعملياً، لم تحقق ماكانت تتطلع إليه، وإنما هناك ردة فعل شعبي سوري على مختلف المستويات باستنكار كل ماقامت به.. وإن إصرارهم على الاجرام لن يعدّل في الموازين على الأرض.. بل يحمل في طياته مؤشرات واضحة وفاضحة، في الآن ذاته، للأهداف التي تقف خلف هذه الهستيريا التي أفقدت أدوات المؤامرة عقولها.. فيما المنفذون بدوا أكثر سذاجة إلى حد الغباء. ثمة مسكوت عنه.. وثمة تفاصيل، بدت مغيّبة في بعض جوانبها.. جاءت حفلة الكذب تلك، كي تدفع بها لتطفو جميعها على السطح.. وما كان مسكوتاً عنه رسمياً على الأقل كانت ألسنة السوريين تفصح عنه دون تردد، وماكان يجري همساً أو خارج التداول الرسمي.. بات صوته مسموعاً وعلناً.. وعبر القنوات الرسمية.. ولانعتقد أن هناك أحداً في سورية بمختلف المستويات لم يسمع أصوات أهلنا في حمص.. وفي كل المناطق التي استهدفتهم تلك الحملة الهستيرية.. مطالبين بالحسم السريع وبدخول الجيش وبوضع حدّ لأعمال أولئك الإرهابيين وإجرامهم، وللفوضى التي ينشرونها.. وإن وجود الجيش هو عامل أمان يمنع أعمال الإرهاب والفوضى. إذاً، ماتوهموا أنهم يحققونه بالكذب والافتراء والتضليل، يرتد عليهم.. وماكانوا يعتقدون أنهم يعوضونه بسياسة الاستقواء بمجلس الأمن، كان فضيحة لهم.. وماعجزوا عنه في الكواليس لاستمرار حربهم الكونية، فشلوا به في العلن.
ندرك أن قاعهم فيه ما هو أكثر ابتذالاً، والحضيض الذي تستقر فيه أدواتهم يشي بذلك، وسعيرهم المنفلت يميناً وشمالاً مؤشر واضح..
ماهو مؤكد، أن السوريين الذين خَبروا على مدى الأشهر الماضية تلك المحاولات وأفشلوا ما هو أشرس منها في الماضي والحاضر، يسجلون، ومعهم أيضاً العالم الذي بدأ يدرك بوضوح أن هناك حروباً قذرة شُنّت عليهم.. شائعات وأكاذيب وفبركات عبر أدوات وقنوات وسياسة ودبلوماسية كانت شريكاً في سفك الدم السوري، تاجرت وقامرت.. لكن تلك الحروب تشبه مدبريها ومنفذيها.. ولأنها تعكس قناعاتهم وأساليبهم.. ولأنها منهم، كان لابد من أن ترتد عليهم بكل مافيها وماتنطوي عليه فكل إناء بما فيه ينضح!!.
a-k-67@maktoob.com
الثورة