الثورة – وعد ديب
في ظلّ التطورات الاقتصادية الإقليمية، وضمن سياق مؤتمر مستقبل الاستثمار 2025 في الرياض، يتزايد الحديث حول المشروعات الكبرى التي تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي، من بينها مشروع الربط البري بين الرياض ودمشق.
هذا المشروع، الذي يعكس التوجه الاستثماري السعودي الجديد، يُعتبر، بحسب مهتمين بالشؤون الاقتصادية، خطوة محورية في تحسين البنية التحتية للمنطقة.
وضمن هذا السياق، كان وزير الخارجية السعودي قد صرح في المؤتمر حول أهمية تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، مؤكداً على أن استقرار المنطقة وزيادة الاستثمارات يتطلبان مشروعات بنية تحتية قوية، مثل مشروع الربط البري بين السعودية وسوريا.
ولمناقشة أبعاد هذا المشروع، وتحدياته الاقتصادية، كان لصحيفة الثورة لقاء مع الخبير الاقتصادي الدكتور سميح القباني، الذي تطرّق إلى جوانب عدة تتعلق بمستقبل التعاون الاقتصادي بين البلدين.

بدايةً ورداً على سؤال صحيفة الثورة حول التحديات الاقتصادية لهذا المشروع، قال الخبير الاقتصادي: “أهم التحديات الاقتصادية التي قد تواجه تنفيذ مشروع الربط البري بين الرياض ودمشق تتلخص في عدة نقاط أساسية.
أولًا، التكلفة الضخمة للبنية التحتية التي تشمل بناء أو ترميم طرق سريعة عالية الجودة، جسور، أنفاق، ومحطات شحن ونقاط عبور حدودية مرنة، خاصة إذا تمّ تضمين خطوط سكك حديدية موازية للمشروع.”
وأضاف: “كما أن تكاليف إعادة الإعمار والصيانة في سوريا ستكون من أكبر التحديات، حيث أن أجزاء واسعة من البنية التحتية السورية تضررت جراء الحرب، وبالتالي، فإن تكلفة الإصلاح والصيانة ستكون مرتفعة، قبل أن تبدأ العوائد الاقتصادية في الظهور.”

تحديات لوجستية
وأشار الدكتور القباني إلى أن “مخاطر تجارية ومالية أخرى قد تنشأ، حيث قد يتردد المستثمرون الأجانب بسبب المخاطر السياسية، وصعوبات تحويل الأرباح نتيجة القيود المصرفية أو العقوبات الدولية، كما أن التنسيق اللوجستي والجمركي بين الدول الثلاث سيكون تحدياً كبيراً، حيث يتطلب الأمر تنسيقاً معقداً بين أنظمة الجمارك والأمن والتراخيص في السعودية والعراق وسوريا.”
وفيما يخص تأثير الربط البري على حركة التجارة بين الرياض ودمشق، قال الدكتور سميح القباني: “في المدى القريب، خلال 1 إلى 3 سنوات، سيكون التأثير محدوداً، حيث سترتفع حركة الشحن بشكل طفيف نظراً لعدم اكتمال البنية التحتية الجمركية والأمنية، كما أن الشركات اللوجستية والتجار قد يحتاجون بعض الوقت لبناء الثقة في هذا المسار الجديد.”
وتابع: “أما في المدى المتوسط والطويل (من 3 إلى 15 سنة)، في حال تم تأمين الطريق البري وتسعيره بشكل تنافسي، فقد يحدث تحول كبير في أنماط التجارة الإقليمية، كما إن انخفاض وقت النقل بين الخليج وسوريا قد يجعل النقل البري منافساً جزئياً للشحن البحري، مما يساهم في زيادة التدفقات التجارية المباشرة بين البلدين.
ولفت إلى أن هذا المسار قد يعزز من حركة الترانزيت بين الخليج وأوروبا عبر سوريا، ويزيد من حجم العبور إذا ترافق ذلك مع استثمارات في الموانئ وقطارات متصلة.
سؤال آخر.. هل سيساهم المشروع في تحسين البنية التحتية السورية وجذب الاستثمار الأجنبي؟
هنا يقول الخبير القباني: “نعم، سيساهم هذا المشروع في تحسين البنية التحتية السورية بشرطين أساسيين. الأول هو الاستقرار الأمني والسياسي المستمر في المنطقة، والثاني هو تقديم حوافز واضحة للمستثمرين، مثل ضمانات قانونية وحماية استثمارية وإطار جمركي شفاف.”
وتابع: “مشاريع الربط عادةً ما ترافقها استثمارات في تطوير الطرق، محطّات الشحن، وإصلاح السكك والموانئ، وهذا سيؤدي إلى تحسين بنية النقل في سوريا. كما أن المزايا اللوجستية الناتجة عن هذه الاستثمارات ستشجع الشركات على الاستثمار في مجال النقل، التخزين، والتصنيع التحويلي، بشرط أن تكون تكاليف التشغيل والضرائب مشجّعة.
وفيما يتعلق بحركة العبور والشحن، صرح : “من الإيجابيات المهمة لهذا المشروع هو تقليل زمن النقل بين الخليج ودمشق/شمال المتوسط، ما سيسهم في تحسين كفاءة سلاسل الإمداد وتقليل فترات دورة المخزون، كما يعد هذا الطريق خياراً بديلاً للملاحة البحرية في حال حدوث اضطرابات أمنية في البحر.”
مؤكّداً في الوقت نفسه “بأن هذا المشروع أيضاً يطرح فرصاً لوجستية محلية مثل مراكز توزيع، مخازن جمارك، وخدمات ترانزيت، وهو ما سينعش اقتصادات الدول الوسيطة، مثل العراق، إذا كان الممر عبر أراضيه، كما سيزيد من إيرادات العبور والرسوم الجمركية.”

 
			
