الثورة – لينا شلهوب:
في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها البلاد، تبرز قضية تسرب الأطفال من التعليم الأساسي كأحد أهم الملفات التي تؤثر في مستقبل الأجيال القادمة، وفي مسار التنمية الوطنية، فالتعليم ليس حقاً فردياً فحسب، بل هو واجب وطني ومجتمعي تسعى الدولة إلى ضمانه بكل الوسائل الممكنة.
ومن هذا المنطلق، أصدرت وزارة العدل تعميم رقم / 6 /، تؤكد فيه على ضرورة الإسراع في البت بالدعاوى المقامة بحق أولياء الأمور أو المسؤولين قانوناً عن الأطفال الذين يمتنعون عن إرسالهم إلى المدارس، استناداً إلى أحكام القانون رقم / 7 / لعام 2012.

الحد من تسرب التلاميذ
بيّن مدير التعليم في وزارة التربية والتعليم سائر قدور لصحيفة الثورة، أن وزارة العدل أصدرت تعميماً بهذا الشأن، وعبر كتاب موجّه لوزارة التربية والتعليم صدر أمس، المتعلق بخطّة عمل الوزارة للحدّ من تسرب الأطفال من مرحلة التعليم الأساسي الإلزامي، حيث أكد التعميم أن القانون رقم / 7 / نص صراحة على فرض عقوبة الغرامة بحق أولياء الأطفال أو المسؤولين عنهم قانوناً الذين لا يلتزمون بإرسال أطفالهم إلى المدارس، موضحاً أن محاكم صلح الجزاء هي الجهة القضائية المختصة بالنظر في هذه الدعاوى نظراً لأن العقوبة المنصوص عليها هي الغرامة المالية وفق الفقرة (أ) من المادة / 11 / من القانون ذاته.
كما شدد وزير العدل الدكتور مظهر الويس في التعميم على ضرورة تسريع إجراءات التقاضي والبت السريع في هذه الدعاوى، لما لذلك من أثر مباشر في تحقيق الردع العام وضمان تطبيق القوانين بفاعلية، كما تم التأكيد على أن رؤساء العدليات والمحامين العامين وإدارة التفتيش مطالبون بمراعاة حسن التنفيذ ومتابعة هذه القضايا بدقة وجدية.
الأهداف والتبعات
يهدف التعميم – كما يرى قدور – إلى تعزيز الانضباط التعليمي ومنع ظاهرة تسرب الأطفال من المدارس، وهي ظاهرة لها آثار سلبية خطيرة على المجتمع، إذ تؤدي إلى ارتفاع معدلات الأمية والبطالة والانحراف الاجتماعي، كما يأتي التعميم في سياق تكامل الجهود بين وزارتي التربية والتعليم، والعدل، لضمان تنفيذ القوانين التي تحمي حق الطفل في التعليم الإلزامي، مضيفاً إن تفعيل العقوبات القانونية بحق أولياء الأمور لا يهدف إلى المعاقبة، بقدر ما يسعى إلى تحقيق الردع والتوعية بأهمية التعليم كمسؤولية أسرية ووطنية، فالتهاون في إرسال الأطفال إلى المدارس يهدد مستقبلهم ومستقبل الوطن، ويقوّض الجهود الرامية إلى بناء مجتمع متعلم ومنتج.
فيما لفت إلى هذا التعميم يمثل خطوة مهمة نحو تفعيل دور القضاء في دعم السياسات التعليمية، كما يعكس حرص الدولة على حماية حق الطفل في التعلم بوصفه من الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية، كذلك تأتي أهمية هذا الإجراء في كونه رسالة واضحة للمجتمع بأن التعليم ليس خياراً يمكن التغاضي عنه، بل هو التزام قانوني وأخلاقي، وأن أي إهمال في هذا الجانب سيواجه بإجراءات حازمة وسريعة، مؤكداً أن التعميم الصادر عن وزارة العدل يجسّد رؤية وطنية شاملة تؤكد أن إصلاح المجتمع يبدأ من المدرسة، وأن القضاء والتعليم جناحان متكاملان لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، فمن خلال تطبيق القانون بعدالة وسرعة، وبالتعاون بين المؤسسات المعنية، يمكن الحد من ظاهرة التسرب المدرسي، وترسيخ ثقافة التعليم كقيمة عليا في وجدان المجتمع السوري.
 
			
