الثورة أون لاين: كالعادة ماينساه حمد يستكمله العربي.. وما يخطئ في استنتاجه يحاول أن يصححه له .. وما يعجز عن فبركته.. يستدركه والعكس صحيح!!. فلم يكتفِ نبيل العربي بفعلته في مجلس الأمن، بل يذهب حيث دوره الجديد تمهيد الطريق أمام حمد، بينما المطلوب منه أكثر مما كان في الماضي سواء بالصفة الشخصية أم الاعتبارية، رغم ما يعيب الاثنين.
وينضم كسواه الى اللاهثين وراء استرضاء واشنطن بعد موجة الغضب العاتية التي انتابتها إثر الفشل في مجلس الأمن ووقوعها في شرك التورمات واستطالات أدواتها، حين بالغت كثيراً في البناء على تعهدات كانت أكبر من أحجامهم.
بالطبع ليس العربي وحده من يخطب الودّ الأميركي بهذه الحرارة.. ولا هو الاستثناء في هذا اللهاث الذي ينتاب كثيرين أيضاً من الأدوات الأميركية في المنطقة، أو من الدول التي ارتضت أن تكون تابعاً يدور في فلكها..
ليس صعباً فهم خفايا الدوافع تلك، ولا قراءة مبررات هذا الانزلاق الناتج عن التدافع بين الأدوات والأطراف والقوى التي تمارس اليوم حملة مسعورة على سورية تتطاير شظاياها لتطول روسيا والصين أيضاً.
وفي الوقت ذاته ربما باتت الصورة أكثر وضوحاً مقارنة مع ما يجري على الأرض، حيث يجدد حمد تعهده، وتكشف الوثائق عن الأموال القطرية المزروعة سابقاً والمعدة لاحقاً،خصوصاً انه استنستخ التعويذة الأميركية التي صدرت وأمر العمليات وكالة وأصالة وصل لنجد ذلك الإرهاب وقد كشف عن وجهه الحقيقي ليمارس سطوته قتلاً وتدميراً وتخريباً، وكي يميط اللثام نهائياً عن جوانب مستورة، أو زوايا تمت المداورة عليها مراراً وتكرارا. لا نعتقد أن أحداً لم يلحظ هذا التجاوب السريع بين لغة سياسة موغلة في عدائيتها وبين ممارسات إرهابية استلمت أمر العمليات وحددت ساعة الصفر، محاولة أن توجد المزيد من الذرائع للاستمرار في سفك الدم السوري.
وفيما الشعارات واللافتات تتلون وتتبدل، وأحياناً تتحرك في هذا الاتجاه أو ذاك يبقى الرقم التصعيدي وهستيريا التصريحات هو المؤشر الفعلي على الحضيض الذي وصلت إليه تلك المقاربات، ولم يكن ظهور حمد على قناة الفتنة إلا مؤشراً واضحاً.
بين هذه وتلك لم يعد متاحاً بعد الآن.. الاستناد الى تفسيرات أو استنتاجات بل ثمة وقائع تحاكي ما يجري.. تنتفض على ما سبق لتقول ما تريده وبالفم الملآن.. تصريحاً لا تلميحاً.. جهاراً لا سراً.. وبالقدر ذاته أيضاً فإن الأصوات التي قارعت وتقارع تلك النماذج من السطوة السياسية والإعلامية هي الأخرى تفصح عن نفسها وتقول ما تريده… بل تفصح عنه… وزيارة لافروف ومرافقيه ليست بعيدة عن ذلك أبداً رغم حرب التسريبات التي تتتالى تباعاً..!!
هكذا تواصل آلة الضخ السياسي والإعلامي نفيرها وهي تستدرج آخر ما في قاموسها من مفردات التحريض والتجييش وتركّب آخر ما تفتّقت عنه أدوات الحقد في محاولة لإعادة عقارب الزمن إلى الوراء..
وبالتوازي معها تتحرّك الأطراف التي تدير المؤامرة في كل الاتجاهات، وهي تمارس لغة سياسية بغيضة ومنفّرة لم تستثنِ أحداً.
وإذا كان من الطبيعي أن يقود هذا الإفلاس السياسي والإعلامي والدبلوماسي بعد الفشل في التجييش والفبركة والإرهاب إلى هذا الدرك، فإنه في الوقت ذاته يؤشر إلى دلالة التحرك وبالتزامن مع أدوات إرهابها لتمارس آخر ما في جعبتها من ابتكارات الإجرام وإشاعة الفوضى وتخريب الأمن العام واستهداف المدنيين في بيوتهم الآمنة.
بهذه الصورة يريدون أن يعبروا إلى الضفة التي تخيّلوها.. إلى المكان الآخر الذي رسمته تورّماتهم واستطالاتهم والمحمول على دماء السوريين.. لكنها وكما كانت على المستوى السياسي هي كذلك لحظة الحسم التي أعلنت والتي طالما كانت على لسان السوريين مطلباً شعبياً لابد من التعاطي معه بمستوى ما هو مطلوب.
a-k-67@maktoob.com
الثورة – علي قاسم