الثورة أون لاين _ علي قاسم: لا أحد لديه أدنى شك بأن ما أثير.. وما سيثار حول زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لسورية لم ينتهِ.. ولن ينتهي، بدأ قبلها وسيستمر بعدها، حيث يرسم البعض افتراضاً هنا أو هناك ويحاول الاقتباس في هذا الموضع أو ذاك، أو أن يشوش خصوصاً أن حرب التسريبات ما زالت مشتعلة على أشدها. الواضح وبشكل لا يقبل التأويل ولا الالتباس أن سورية وروسيا باتتا أقرب من أي وقت مضى.. وهذا الاقتراب تحكمه رؤية واقعية تقوم على أسس موضوعية وتساهم في ترسيخ التفاهم بين البلدين، ولقاء السيد الرئيس بشار الأسد مع الوزير الروسي كان تأكيداً لذلك.
في المبدأ سورية رحبت بأي جهد مخلص.. وقامت روسيا بجهود فعلية وحقيقية ليس الآن فقط! بل منذ بداية الأزمة وفق معطيات ميزت الموقف الروسي وأعطته فعالية واضحة بحكم الموضوعية التي تعاطت بها، وفهمها لما يجري بصورة خارج إطار المتداول في الساحة الإعلامية التي أغرقت العالم في حربها الافتراضية، وأغرقت معها الحقيقة التي حاول الغرب والكثيرون من العرب أن يتجاهلوها أو تعمدوا اغراقها في ظل قصف سياسي وإعلامي ودبلوماسي توجوه بدعم صريح وعلني للإرهاب والمسلحين على المستويات كافة.
وحيث إن الافتراض الأساسي كان يقوم على أن الصورة الخاطئة والانطباع المغلوط يمكن أن يساهما في تنفيذ الأجندة وصولاً إلى تحقيق ما عملت عليه أطراف عربية وإقليمية بأمر عمليات أميركي لا يختلف عليه اثنان، فإن ما جرى من فشل وإفلاس على المستويات السياسية والإعلامية أو الدبلوماسية كما هو أيضاً على الأرض رغم التجييش والتحريض والفبركة.. قاد إلى الخوض في مغامرة تبدو هي الأخرى أكثر بشاعة وقتامة ومصيرها لا نعتقد أنه يختلف عما سبقه.
لكن ولأن الافتراض كان كذلك فإن الوهم الذي دفع به شكل صورة ضبابية بنت عليها تلك الجوقة قراراتها وعملت على ترويجها كجزء من حرب التسريبات والاشاعات التي كانت وحدها فقط التي صدقتها، وحين واجهتها الحقيقة وفشلها المدوي كانت الصدمة في مجلس الأمن عبر الفيتو الروسي والصيني المزدوج.
ما كان خطأ في الماضي.. هو كذلك اليوم.. وما كان وهماً هو أيضاً.. وما كان افتراضاً كذلك لم يتغير.. سورية التي واجهت وتواجه أعتى حملة وأشرس حرب كونية على مدى أشهر ماضية أثبتت أنها أقوى من حروبهم.. وأن ما هو محوري في دورها وموقعها لن يعدل فيه هذا الهيجان وذلك الابتذال، ولن تغير فيه موجة الاستنفار للأبواق والاستحضار للأدوات ولا أمر العمليات الجديد الذي تتراكض وراءه.
منذ البداية كان القرار بأن الحل سوري.. والسوريون هم الأقدر.. والرفض السوري لكل محاولات المس باستقلالية القرار الوطني كما هو ثابت في قناعة السوريين هو كذلك على المستوى السياسي.. وأن المشروع الإصلاحي المتواصل بغض النظر عن أجندات الآخرين بات حقيقة على الأرض وقد انطلق، فكانت مشروع الدستور الجديد التي سترفع للسيد الرئيس بشار الأسد ليصار إلى تحديد برنامج زمني لوضعها موضع التنفيذ عبر الاستفتاء الشعبي ومن ثم الانتخابات بالتزامن مع استمرار الخطوات الأخرى.
وفق هذه الروزنامة السياسية تعاطت سورية، وكان قرارها.. وموقفها.. وكما رحبت بأي جهد كان الجهد الروسي موضع ترحيب وسيظل لانطلاقه من أسس الاحترام لإرادة السوريين وتجاوبه مع هذه الإرادة التي لمسها بالأمس السيد لافروف ومرافقوه بوضوح في شوارع دمشق.. كما هي لدى قيادة سورية.
روسيا التي ندرك أنها في مرمى النيران.. تدرك لماذا هذا التصويب، وتأكدت إلى حد اليقين لماذا هذا الضغط.. وذلك الحشد من كل الاتجاهات.. ولماذا تلك الأدوات الصنيعة تمارس غيها وحقدها ودورها القذر عبر ما زرعته في الأرض السورية من مسلحين وأسلحة وما غرسته من إرهاب.
روسيا الدور والموقع في المشهد الدولي الجديد وعلى المسرح العالمي تتلاقى وتتقاطع مع دور جيوسياسي لسورية عززته مواقف سياسية مؤمنة بحقها وبقدرها في المواجهة.
a-k-67@maktoob.com
المصدر : جريدة الثورة